بدأ النظام عمليته العسكرية على ريف إدلب الجنوبي الشرقي بهدف الوصول إلى مدينة معرة النعمان، والسيطرة على الاوتستراد الدولي بين حلب ودمشق، وذلك بعد تمهيد جوي وبري عنيف أدى إلى موجات نزوح ضخمة من هذه المناطق، باتجاه الحدود السورية التركية.
وبدأت قوات النظام بالاقتحام البري من ثلاثة محاور: محور أم جلال ومحور التح ومحور إعجاز، للسيطرة على الريف الشرقي لإدلب، حيث تمكنت من كسر خطوط الدفاع الأولية واختراق الجبهات مدعومة بغطاء ناري جوي وأرضي هائل.
لكن قوات النظام تقدمت سريعا في هذه المحاور في صورة تشابه ما حدث أثناء معارك ريف حماة في الصيف الماضي.
وحول أسباب سيطرة قوات النظام على مساحات واسعة خلال مدة قصيرة، يقول القيادي المقرب من الفصائل المقاتلة، أبو عمر الشامي لـ"عربي 21": "إن انهيار الفصائل عسكريا بشكل سريع يعود إلى عدة أسباب منها أرضية المعركة نفسها، فهي مكشوفة وسهلية، بالإضافة إلى عدم تكافؤ القوة النارية بين النظام والفصائل".
وأضاف إلى تلك الأسباب: "غياب التنسيق والتعاون فيما بينها، وتشتت وضياع الفصائل".
اقرأ أيضا: النظام يتقدم بـ5 قرى جديدة بإدلب.. ومقتل ضباط بقوات الأسد
وقال إن عشوائية الفصائل في التصدي للنظام من الأسباب أيضا، وما أسماه "تخاذلا كبيرا من بعض الفصائل الكبرى العسكرية الفاعلة في الشمال، بسبب تبعيتها الإقليمية أو لحسابات فصائلية، وعدم وضع الإمكانيات المتوافرة في هذه المعركة، ما أدى للتقدم السريع لقوات النظام التي أعلنت أن هدفها الأولي الوصول للاتوستراد الدولي والسيطرة عليه وعلى مدينة معرة النعمان".
وبين القيادي أن "هناك صمتا وتصريحات خجولة من الجانب التركي الطرف الضامن للفصائل العسكرية في اتفاق خفض التصعيد وأستانا، ما أثار العديد من التكهنات حول وحود تفاهمات روسية تركية فيما يخص هذه المعركة وفق مخرجات أستانة، بالرغم من تعرض نقطة المراقبة التركية في الصرمان للحصار من قوات النظام ومليشياته التي لن تكتفي بالوصول للمعرة والاتوستراد الدولي".
وأوضح أن النظام "يريد الوصول إلى سراقب وفتح اتوستراد حلب دمشق بالكامل والسيطرة عليه، ما يعني سقوط كل المدن والقرى على طرفي الاتوستراد الدولي حلب -دمشق".
لا انهيار
فيما يرى القيادي في الجيش الحر النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن "الفصائل لم تنهر بعد، والأمور العسكرية ما تزال مقبولة مقارنة بما عند النظام من قوة واستخدامها في هذه المعركة، وحسابات الدفاع والمعارك وتركيز الجهود الرئيسة تعتمد بشكل رئيس على العتاد والسلاح وكامل الامكانيات وهي غير متناسبه إطلاقا بين الفصائل وروسيا".
ويقول عبد الرزاق في حديث لـ"عربي21": "الفصائل تعد لمعركة طويلة الأمد مع محدودية الإمكانيات وتوقف الدعم وندرة الأسلحة النوعية كالصواريخ المضادة للدروع، ورغم ذلك فالثوار لم ينسحبوا من أي بقعة، وقد دفع النظام فاتورة كبيره للتقدم بريا، بعد حرق روسيا وتدميرها للمنطقه بشكل كامل".
واعتبر أن تركيا دولة لها حساباتها وتفاهماتها، وإدلب ملف من الملفات الكثيرة الهامة لها في سوريا أو في دول المنطقة، حيث لم نر أي تصريح جدي تركي عن ما يجري في إدلب لذلك أتوقع أن كل ما يحصل لم يخرج عن إطار التفاهمات مع روسيا.
من جهته، اعتبر الناشط الإعلامي والصحفي الميداني مهند درويش، أن الحالة النفسية هي العنصر الأبرز الذي يمكن التحدث عنه عند تعليل أسباب حالة الإنهيار الحاصلة جنوب إدلب، الحالة النفسية للشعب في المنطقة وليس لدى الفصائل ذاتها.
اقرأ أيضا: النظام السوري: تواجد جنود تركيا يعرقل تقدمنا بمعرة النعمان
وأشار إلى أن "مسببات تلك الحالة طول أمد المعارك والقتال وسوء الواقع المعيشي وانعدام مصادر الدخل بالإضافة للحالة السيئة التي تركتها تداعيات انهيار الوعود التركية، خصوصا فيما يتعلق بنقاط المراقبة، التي تبين أنها بدون أي قيمة ولا فائدة منها".
ويقول درويش في حديث لـ"عربي21": "إن رفع العرب وحتى الغرب يدهم عن ملف دعم الثورة السورية أو التعاطف معها سيساهم بدور كبير في حصول حالة من اليأس، خصوصا أن بعض تلك البلدان العربية باتت تصنف في صف دعم الأسد، كل ما سبق كان له الدور الأبرز في انهيار الشعب السوري في ادلب وهذا ما انعكس على الفصائل أيضا".
الدور التركي ونقاط المراقبة
وأضاف أن الدور التركي لا يزال ضعيفا، إذ لا تزال تركيا فقط تتحدث عن مأساة إنسانية وموجات نزوح دون التطرق إلى وجوب إيقاف تلك المجازر الجارية يوميا، أو حتى التدخل سياسيا أو عسكريا لوقف تلك المجازر الجارية بوصفها ضامنا من طرف المعارضة.
وأشار إلى أن "وقوع نقطتين تركيتين على التوالي في مناطق سيطرت عليها قوات النظام يجعلنا نرسم عشرات إشارات الاستفهام حول مهمة تلك النقاط الحقيقة، وما فائدة وجودها داخل مناطق النظام السوري أو مناطق المعارضة".
من جانب آخر، يؤكد بعض القادة العسكريين، أن هناك سيناريوهات عدة متوقعة بخصوص وجهة قوات النظام قد يكون أبرزها الاستمرار باتجاه سراقب على طول الطريق الدولي دمشق حلب، وربما يكون التقدم شمالا إلى سراقب متزامنا مع فتح محور جديد في منطقة ريف حلب الجنوبي، مبينا أن توقع تحركات النظام أمر ليس بالصعب، هو مستعد لفتح أي جبهة تحقق له تقدما على الأرض سواء في الساحل أو في إدلب أو حلب.
هكذا يحاول نظام الأسد الوصول لـ"معرة النعمان".. ما أهميتها؟
لماذا يصر النظام السوري على نقل جلسات الدستور لدمشق؟
ماذا وراء فقدان المعارضة لمناطق سيطرتها بريف إدلب؟