نشرت مجلة "
بوبيلار
ساينس" تقريرا تحدثت من خلاله عن تصرفات الآخرين وكيف تشعرنا بالخجل في بعض
الأحيان.
وقالت المجلة، في تقريرها
الذي ترجمته "عربي21"، إن كلمة "الإحراج" تثير مشاعر الخجل
والدهشة، لكن يوجد مصطلح مشابه له اسم آخر وله تأثير نفسي أكبر، ألا وهو الإحراج
غير المباشر. يعني الإحراج غير المباشر الشعور بالإحراج لشيء
فعله شخص آخر، حتى لو لم يكن الأمر يتعلق بك. لهذا السبب، يواجه بعض الأشخاص صعوبة
في بعض الأحيان في رؤية مشاهد غير مألوفة اجتماعيا في الأفلام.
وأوردت المجلة أن
هذا الإذلال غير المباشر، ينطبق أيضا على مصطلح الحرج التعاطفي. ووفقا لرولاند
ميلر، مؤلف كتاب "الحرج: الموازنة والمخاطر في الحياة اليومية" وأستاذ
علم النفس بجامعة سام هيوستن الحكومية في تكساس، فإن هذا النوع من الحرج والإحباط
الطفيف يحدث عندما يتعاطف أحدهم مع شخص معين أو يتخيل نفسه في مكان شخص آخر يقوم
بارتكاب أمر محرج، تماما كما يحدث عندما تشاهد ممثلا على خشبة المسرح ينسى جملا من
دوره.
وحسب الدكتورة لورا مولر-
بينزلر، وهي باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة لوبيك في ألمانيا، والتي
درست مفهوم الإحراج بشكل مكثّف، فإنه في حين أن الإحراج غير المباشر يعني في
كثير من الأحيان تقاسم الخجل الذي يشعر به شخص آخر، يمكن للناس أن يشعروا أيضا بالحرج
من شخص يتغافل عن شعورهم بالإحراج. ويحدث هذا عندما يكون لدى الطرفين فهم مختلف
لما يمكن أن يكون سلوكا مناسبا في موقف معين.
وأشارت المجلة إلى أن
الإحراج غير المباشر يُنشّط مناطق الدماغ المرتبطة بمشاعرنا وفهمنا لعواطف
الآخرين، بالإضافة إلى المناطق المرتبطة بالألم والإثارة بشكل عام، وذلك حسب ما
أوضحته الدكتورة مولر- بينزلر. كما يشمل أيضا "ما يسمى بخارطة الحالة
العقلية"، التي تنشُط عندما نحاول فهم ما يعتقده الآخرون.
وأوضحت المجلة أنه عندما
نرى أشخاصا بالغين يؤدون رقصة سخيفة نوعا ما على أغنية ربما لم تكن تعجبنا منذ
البداية، قد نشعر بالإحراج لأن ذلك قد لا يبدو مناسبا بالنسبة إلينا. في هذا
السياق، تقول مولر بينزلر إن الناس قد يعتقدون أنه على السياسيين محاولة التغلب
على منافسيهم انطلاقا من الحجج والإجراءات السياسية الفعالة عوضا عن اللجوء إلى
الرقص أو الغناء.
في أغلب الأحيان، لا يحبذ
الناس الشعور بالخجل أو الإحراج، وهو ما يحيل إلى السؤال التالي: لماذا طور البشر رد فعل
كهذا في المقام الأول؟ يعتبر الإحراج أشبه بالإنذار الأحمر لوجود سوء سلوك بشكل
عام، وهو سلوك قد يؤدي إلى استنكار ورفض الآخرين، بينما يُظهر أيضا أن الشخص يشعر
فعلا بالأسف لانتهاكه أي قاعدة اجتماعية كانت، وذل على حد تعبير ميلر.
ونقلت المجلة عن ميلر
قولها "إننا نهتم كثيرا بما يظنه الآخرون بشأننا، والإحراج يسبب هذا النوع من
الشجن، حيث يمكن أن نشعر بالضيق الشديد من خلال رؤية أشخاص آخرين في ظروف محرجة إذا
كنا أشخاص لطيفين وحساسين يفهمون ويقدرون مشاعر الآخرين".
وذكرت المجلة أن مستوى
الإحراج الذي تشعر به قد يختلف استنادا إلى مدى قربك من الشخص الذي يرتكب الأمر
المزعج. إذا كان الشخص غريبا، فقد لا يكون شعورك بالحرج كبيرا، ولكن إذا كان شريك
حياتك يظهر في حفل زفاف وهو يرتدي سروالا رياضيا وقميصا بلا أكمام، فمن المفترض أن
يكون مستوى الإحراج أعلى بقليل. وهذا من بين أحد الأسباب التي جعلت ميلر تعتقد أن
الحرج التعاطفي سيكون عبارة أفضل لتسمية التجربة، على الرغم من أن الإحراج غير
المباشر، هو المصطلح الرسمي.
وأوردت المجلة أن عالم
النفس في جامعة بيركلي، داتشر كيلتنر، تطرق إلى مثال صارخ على موقف تجلى فيه
الإحراج غير المباشر في حياته. قبل ثلاثين سنة، حضر كيلتنر في حفلة لمشاهدة مسابقة
الميدالية الذهبية الأولمبية في التزلج للنساء، وخلال تلك المسابقة، سقطت كل
المتسابقات، ومع كل سقوط، كان هو وبقية المشاهدين يشعرون بالحرج الشديد لمراقبة
اللاعبات يصارعن من أجل الصمود.
وأوردت المجلة أنه في حين
أنك قد تشعر بالحرج بسبب شخص لا تعرفه، فتأكد أن هذا سيكون أقل حدة من شعورك
بالحرج إذا ما كان الشخص قريبا منك. لذلك في المرة القادمة التي ترى فيها شخصا ما
يرتكب حماقة أو خطأ أو يتجهم أو يصرخ، يتعين عليك مغادرة الغرفة، وتذكر أنها
مشكلتهم هم، وليست مشكلتك أنت.