نشرت مجلة "ديروميو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن السلوكيات السلبية التي قد يتعرض لها الإنسان في مكان العمل، مثل التنمر والتهديد والاحتقار، وعرضت مجموعة من النصائح والإجراءات التي يمكن اعتمادها من أجل التوقي من التبعات النفسية والمهنية لهذه الإساءة.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المضايقة والتوتر يخلفان لدى الموظف آثارا سلبية بسبب تعرضه للعنف النفسي، وهو ما يجعله يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة، التي قد تتمثل في أعراض الاكتئاب، وقد تتطور في بعض الحالات إلى أفكار انتحارية، ونوبات ذعر، والخوف المرضي وانفصام الشخصية.
وأوضحت المجلة أن هذه المضايقات تنقسم إلى ثلاثة أنواع؛ إما تكون أفقية عندما تسلط على الضحية من قبل زملائه، أو عمودية صاعدة عندما تسلط عليه من قبل الموظفين التابعين له، أو عمودية نازلة عندما يكون مصدرها رؤساؤه في العمل.
وأشارت المجلة إلى أن الدافع وراء هذه الممارسات السلبية، قد يكون الرغبة في إجبار الموظف على التخلي عن مكانه، من أجل التخلص من أعبائه المالية.
وقد يكون الدافع اضطرابات نفسية وعقلية يعاني منها الشخص المتنمر، الذي يستمتع بإساءة معاملة الآخرين، أو الرغبة في إخلاء الوظيفة من أجل تقديمها لشخص آخر.
وأوردت المجلة أن عمليات التنمر والمضايقة النفسية للموظف قد تظهر في عدة أشكال، مثل إثقال كاهله بكمية كبيرة من المهام والمسؤوليات، مع ربطه بموعد تسليم غير منطقي، تكليفه بمهام تافهة ولا معنى لها، أو تغيير العمل المكلف به أو دوره في الشركة دون استشارته، تقويض ثقته في نفسه ومكانته بين زملائه، التضييق على حريته في التواصل والحديث مع باقي موظفي الشركة، تجاهله والتعامل معه كأنه غير موجود، تقييم عمله بشكل منحاز وظالم، وإهانته أمام زملائه وأمام العملاء، وتوجيه الاتهامات له باستمرار بأنه يقوم بخروقات وأخطاء ويتسبب في الفشل.
اقرا أيضا : العمل من المنزل.. أفكار رائعة ومعقولة لكسب المال بالراحة
وذكرت المجلة أن ضحايا هذه الممارسات هم عادة أشخاص تتوفر فيهم صفات معينة تجعلهم عرضة للاستهداف من قبل أصحاب النفوس المريضة والمخططات الشريرة.
عادة ما يكون هؤلاء الضحايا ممن يتمتعون بمستوى عال من الأخلاق والالتزام، ويكونون من الباحثين دائما عن الجدية والدقة في الإنجاز، وتكون لهم الشجاعة للدفاع عن حقوقهم وحقوق زملائهم، ويكونون ممن يتمتعون بالذكاء وسرعة البديهة، ويتميزون عن غيرهم بفضل خصالهم.
كما أن هذه السلوكات تستهدف الأفراد الذين يتمتعون بالجاذبية الاجتماعية والقدرة على البروز وسط المجموعة، فضلا عن أنها تستهدف الفئات الهشة التي تعاني من أوضاع تجعلها تقبل بهذه الضغوط خوفا من فقدان الوظيفة.
ونصحت المجلة من يعتقدون أنهم يعانون من هذه الممارسات في أماكن عملهم، بعدم التردد في استشارة طبيب أو أخصائي نفسي، من أجل الحصول على الدعم المعنوي والعلاج اللازم للندوب النفسية التي تخلفها هذه الأوضاع المؤلمة.
وفي نفس الوقت، يجب الاتصال بمحام أو مستشار قانوني للاستفسار حول حقوقك، ومعرفة أفضل طريقة للدفاع عن نفسك.
وفي حديثها عن كيفية الحد من ظاهرة التنمر والمضايقة في مكان العمل، أكدت المجلة على ضرورة أن تبذل الشركات جهودا من أجل تجنب حدوث هذه الممارسات داخل مكاتبها.
ومن أفضل السبل لضمان ذلك، القيام بعمليات استبيان ورقابة داخلية، أو الاستعانة بمؤسسات خارجية لإدارة الموارد البشرية من أجل التقصي.
يمكن للشركات أيضا تنظيم ورشات تدريب وتوعية لموظفيها، حتى يتعرفوا على هذه الظاهرة، ويفهموا أسباب وأعراض حدوث التنمر في مكان العمل، وبالتالي يتمكنوا من محاربته بشكل فعال.
وأوصت المجلة ضحايا هذه الممارسات بتوثيق وتسجيل هذه المضايقات والتنمر منذ البداية، لأنهم قد يحتاجون إليها لاحقا عند رفع دعوى قضائية.
ويمكن لهذه المؤيدات والإثباتات أن تساعد الموظف في حال تعرضه للمضايقة من قبل رؤسائه في العمل، للتفاوض معهم والحصول على كامل حقوقه قبل مغادرة الوظيفة.
وشددت المجلة أيضا على ضرورة الخروج للعلن، والتحدث بشجاعة عن هذه الممارسات التي تحدث غالبا وراء أبواب مغلقة، وذلك من أجل فضح المعتدين أمام الزملاء والأصدقاء والشركاء، وهو أمر لن يؤدي فقط لردعهم، بل سيمكن الضحية من الشعور بالتحسن بعد أن عبر عما يزعجه.
وحذرت المجلة من إقدام الضحية على الانفجار والتعبير عن غضبه بشكل خاطئ، لأن هذا النوع من ردود الأفعال قد يمثل انتصارا بالنسبة للشخص المتنمر، الذي يسعى لإضعاف ضحيته وجعله يفقد الحكمة ويبدو مشوشا أمام الآخرين. لذلك يجب العمل على التحلي بالهدوء والرصانة، وتجنب ردود الأفعال غير المدروسة.
ونوهت المجلة بن المعتدي عادة ما يكون شخصا جبانا وضعيفا، يقوم بمضايقة الآخرين والإساءة لهم مدفوعا بعقدة النقص.
لذلك يجب مواجهة هذا النوع من الأشخاص برباطة جأش وبكل وضوح، لجعلهم يتراجعون، والتوقي من الآثار النفسية لهذه التجربة.
وأشارت المجلة إلى أهمية حماية مكان العمل، وجهاز الكمبيوتر الذي يتم فيه إيداع البيانات والملفات، حتى لا يتم تدميرها أو استغلالها من قبل المعتدي.
ونبهت المجلة أيضا إلى خطورة الاستسلام للتنمر في مكان العمل، ومحاولة التعود عليه لجعله سلوكا طبيعيا.
من الضروري جدا أن يقوم الضحية بالتحدث عما يتعرض له، سواء شفاهيا أو بالكتابة أو عبر الفنون مثل الغناء والرسم، وهي كلها من العلاجات المفيدة للتعافي النفسي.
الكاتبة: هيلينا روميو يابريس. أخصائية علاج نفسي، وخبيرة في استشارات لضحايا المضايقة في أماكن العمل.
رئيسة وزراء فنلندا تقترح تقليص أيام العمل الأسبوعية لأربعة