نشرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية
تقريرا تحدثت فيه عن بعض الصفات التي تميز الأطفال ولا يحبها الآباء، لكنها في
الواقع يمكن أن تفيدهم عندما يكبرون، مثل العناد والمخيلة الواسعة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الخيال حسب ألبيرت أينشتاين أكثر أهمية من المعرفة. لكن في
بعض الأحيان، قد يلجأ الأولياء إلى توبيخ أبنائهم بسبب إخطار من
المدرسة ينبههم إلى أنهم يسرحون بخيالهم في الصف، وحتى أثناء محاولة جعل أبنائهم
العنيدين يقومون بواجباتهم المدرسية بدلا من اللعب. ولكن على الرغم من أن هذه
الصفات تزعج الآباء، إلا أن صقلها وتطويرها من شأنه أن ينفع الأطفال في المستقبل.
وأوردت الصحيفة أن الفكرة التقليدية الشائعة
المتمثلة في أن الطفل الذي بلغ العاشرة من العمر، ينبغي أن يكون متميزا في دراسته ولا يفشل أبدا،
تعتبر موضع تساؤل. وعلى الرغم من أن بعض الصفات الشخصية تعد مزعجة
أو قابلة للتحسين أو التعديل، إلا أنها في الواقع يمكن أن تنفع
الطفل في وقت لاحق. وحسب أخصائي علم نفس الأطفال أبيل دومينغيز، فإن "العديد من الصفات الشخصية
التي تميز بعض الأطفال في مرحلة الطفولة تصبح قابلة للتكييف ومميزة عندما نحسن التعامل معها ونسخرها في خدمة أهداف
معينة".
ونصحت الصحيفة الوالدين بعدم فقدان الأمل. وعلى الرغم
من أن التحلي بالصبر، الذي يتضمن تعامل الوالدين مع
بعض ممارسات أطفال المزعجة، مثل عدم اتباع القواعد أو الإصرار على
تحقيق رغباتهم، ليس بالأمر الهين، إلا أنه سيثمر في المستقبل. وفيما يلي، أربع
سمات مهمة تميز بعض الأطفال يمكن أن تمثل مفتاح نجاحهم في المستقبل:
1.
العنيد
بينت الصحيفة أن إقناع طفلك بأن الوقت قد حان
لمغادرة المتنزه قد يكون بمثابة مشقة يومية. لكن بغض النظر عن الخلافات التي قد
تنشأ بين الطفل والوالدين، يشير عناد الطفل إلى مدى قدرته على التفاوض في المستقبل. وحسب دراسة في علم النفس
التنموي شملت حوالي 700 طفل من سن الثامنة إلى حدود سن الأربعين، تبين أن أولئك
الذين تحدوا السلطة الأبوية وخرقوا القواعد تحصلوا على رواتب عالية وحققوا نجاحات
مهنية في مرحلة البلوغ.
وقد نوهت رئيسة علم النفس في مستشفى جامعة سانيتاس
لا زارزويلا، مارتا كامبو، بأن "بعض السلوكيات المشار إليها في هذه الدراسة،
من قبيل التحدي أو العدائية أو العصيان، يمكن أن تشكل اضطرابا في السلوك وتؤثر على
حياة الطفل وأسرته أيضا عندما تبلغ ذروتها وتدوم
طويلا".
وأوردت الصحيفة أنه من
أجل تعزيز المرونة، من المهم تعزيز مبدأ الاحترام في العلاقات. وحيال هذا الشأن،
قالت مارتا كامبو إنه "لابد من مساعدة الطفل على
إقامة روابط اجتماعية متوازنة ومُرضية، لأن السلوكيات الصعبة والعدوانية تؤدي إلى
عكس ذلك. وفي حين أن الأطفال العصبيين وغير المطيعين قد
ينتهي بهم المطاف إلى الحصول على رواتب أعلى مستقبلا، فإنهم أيضًا معرضون بشكل
أكبر لخطر تطوير شخصية معادية للمجتمع، على سبيل المثال".
2. الفاشل
أضافت الصحيفة أنه، في مجتمع مهووس بالنجاح، يعد
الفشل موضوعا غير محبذ إلى حد ما. لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، لأنه عندما نواجه الفشل، تنشأ لنا
الفرصة لتقييم الوضع والتعلم منه. وأوردت كامبو أن "بعض الأطفال يظهرون قوة
خاصة في مواجهة أوضاع الحياة المؤلمة، كما هو الحال مع بعض ضحايا معسكرات الاعتقال
النازية. وهؤلاء الذين عانوا من حوادث خطيرة أو خسائر بشرية
لا يكونون أقل عرضة للمشاكل النفسية في المستقبل فقط، وإنما يصبحون أقوى
أيضا في مواجهة الحياة. هذا ما يسمى بالمرونة ويمكن وصفها أيضا بالقدرة على التغلب
على الشدائد".
وأوضحت الصحيفة أن الأطفال الذين يتعرضون في
حياتهم اليومية، إلى الخسارة والفشل سواء في لعبة رياضية أو على المستوى الدراسي، يطوّرون ميزات أكثر من
أولئك الذين ينتصرون دائما. وحيال هذا الشأن، قال دومينغيز: "في المقابل، يجب
أن يكون لهؤلاء هدف يدفعهم إلى المثابرة، ويكونوا متأكدين من أنهم عاجلا أم آجلا
سيحققونه، لأن الخسارة الدائمة يمكن أن تسبب لهم الإحباط والاستسلام، لهذا السبب
هم في حاجة إلى الثقة بالنفس والمثابرة".
3. مشتت الانتباه
أوضحت الصحيفة أنه لا يمكن للأطفال العيش دون
قواعد، لكن هناك بعض الاستثناءات. فعلى سبيل المثال، من الطبيعي أن نجد بعض
الأطفال شاردي الذهن في أغلب الأوقات. وفي هذه الحالة، لا يتعلق الأمر دائما بعدم
الاهتمام أو قلة الانتباه، وإنما قد يعني أن الطفل لديه عالم داخلي متطور للغاية.
وحسب دومينغيز، "هناك أطفال لديهم طريقة تفكير غير منتظمة، تجعلهم يبدون
وكأنهم مشتتي الذهن ولديهم مخيلة واسعة، لكن هذه المهارات المتطورة يمكن أن تجعلهم
مبدعين عظماء في المستقبل، لأنه عندما تقرر اختراع شيء ما عليك التفكير بحكمة
والتمعن فيما تنوي القيام به".
وأفادت الصحيفة بأن هؤلاء الأطفال المبدعين
والفوضويين على المستوى الذهني، لا يؤدون مهامهم في العادة وهم جالسون على مكتب
لحضور درس أو تمرين. وقد أكد دومينغيز أنه "إذا لاحظ المعلم أن الطفل
مشتت الانتباه في القسم فعادة ما يلجأ للتحدث مع والديه ليعلمهما بأنه
"لا يعرف شيئا، أو أنه في عالم آخر". في المقابل، من المهم أن تحدد في
هذه الحالة هوايات هذا الطفل وطريقة تعبيره عنها واقتراح طرق تعلّم تتكيف معه.
4. الاجتماعي
إذا كان للطفل الكثير من الأصدقاء، فإن ذلك يعد
خبرا سارا. أما إذا أصبح مهملا لالتزاماته فإن ذلك يمكن أن
يؤدي إلى نشأة نزاعات بينه وبين والديه. غالبا ما يكون هؤلاء الأطفال على استعداد
لتقديم يد المساعدة للآخرين ولديهم شخصية اجتماعية. وبين دومينغيز أن "هذه
الميزة يمكن أن تجعلهم في المستقبل معلمين وعلماء نفس وأخصائيين اجتماعين أو أشخاصا
لديهم حس اجتماعي للتدخل في الأزمات".
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى ضرورة مساعدة هؤلاء
الصغار على التحكم وحسن إدارة وقتهم، مع مراعاة أوقات الدراسة، وتشجيعهم على
ممارسة الأنشطة الاجتماعية، لاسيما أن العمل التطوعي
هو أيضا نشاط يساعد على تطوير هذه القدرة بطريقة إيجابية.