حول العالم

هارولد ويلسون.. رئيس وزراء بريطانيا المتهم بالعمالة للسوفييت

كان ويلسون عضوا في حزب العمال- جيتي

لا تزال الادعاءات التي لاحقت رئيس وزراء بريطانيا الراحل هارولد ويلسون بأنه جاسوس للسوفييت أمرا معقدا، حيث لم تحسم التحقيقات والأدلة هذا الأمر، فبقي مثار جدل بين المؤرخين إلى الآن.

درس ويلسون في جامعة أوكسفورد، وكان عضوا في حزب العمال، وأصبح رئيسا للوزراء من عام 1964 إلى عام 1970، ثم شغل المنصب نفسه مرة أخرى من عام 1974 إلى عام 1976.

بعد أسابيع قليلة من استقالته من منصبه عام 1976، دعا ويلسون صحفيين من "بي بي سي" إلى منزله وأخبرهما بأن الديمقراطية في بريطانيا في خطر، وأنه يجب عليهما القيام بتحقيقات صحفية في هذا الشأن كما عرض عليهما مساعدته.

يقول دان لوماس، الذي يقوم بتدريس مادة حول "المؤامرات" ضد ويلسون في جامعة سالفورد البريطانية إن الرأي العام كان يرى أن ويلسون يعاني من البارانويا ( رهاب الاضطهاد)، بحسب ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".


اقرأ أيضا: واشنطن بوست: إيفانكا ترامب كانت على علاقة مع الجاسوس ستيل

 
ويوضح: "اعتقد ويلسون بأن المخابرات البريطانية كانت تعتبره جاسوسا شيوعيا". مضيفا: "لكنني تساءلت إن كانوا حقا يرون ذلك".

وتضيف "بي بي سي" بأنه "في ثمانينيات القرن الماضي، نشر ضابط ساخط سابق في المخابرات البريطانية يدعى بيتر رايت كتابا بعنوان Spycatcher أي "صياد الجواسيس"، ادعى فيه أنه كان عضوا في فريق من المخابرات خطط لإجبار ويلسون على تقديم استقالته لأنهم كانوا على يقين بأنه كان جاسوسا شيوعيا.

 

واحتج الجاسوس السابق بأن ويلسون "سافر عدة مرات إلى دول الكتلة الشرقية"، حسب تصريحه لبرنامج بانوراما الذي عرضته قناة "بي بي سي" عام 1988.

وكان ويلسون مقربا من عدد من رجال الأعمال الذين لهم صلات بمواطني أوروبا الشرقية، مثل شركة جوزيف كاغان لصناعة المعاطف المطرية، وقطب الإعلام روبرت ماكسويل، الذي اعتبرت علاقاته موضع شبهة لدى بعض مسؤولي الأمن في بريطانيا.

وفي أوائل ستينيات القرن الماضي، أخبر منشق سوفييتي يدعى أناتولي غوليتسين المحققين أن هارولد ويلسون جاسوس سوفييتي وأن هيو غايتسكيل سلف ويلسون في زعامة حزب العمال، قد اغتيل لإفساح الطريق أمامه إلى المنصب.

ونفى مدير "أم أي 5" هذه الإدعاءات، لكن رايت ورئيس قسم محاربة التجسس في وكالة المخابرات المركزية ( CIA) جيمس جيسس أنغليتون أكدا "عمالة ويلسون للسوفييت".

لكن اتضح بعد انشقاق مسؤول الأرشيف في المخابرات السوفييتية كي جي بي فاسيلي ميتروكين في عام 1992، أن ويلسون كان على قائمة السياسيين الذين خططت المخابرات السوفييتية لتجنيدهم، لكن رايت لم يكن يعرف ذلك في السبعينيات بل كان يخمن ذلك. وأوضح ميتروكين أن الخطة بقيت حبرا على ورق.

 

اقرأ أيضا: لوموند: جواسيس روس استخدموا منطقة الألب الفرنسية قاعدة خلفية

وبحسب "بي بي سي" فقد جرى تحقيقان حول المسألة، موضحة بأن "تحقيقا في عام 1987 خلص إلى أن مزاعم تآمر الأمن على ويلسون كانت غير صحيحة. ومع ذلك، خلص تحقيق قام به اللورد هانت في عام 1996 إلى أن "عددا قليلا جدا من المتذمرين في "MI5" قد نشر "قصصا تضر بسمعته".

وأكد كريستوفر أندرو الذي دون التاريخ الرسمي لجهاز المخابرات البريطانية في كتاب له عام 2009 أن "الجهاز فتح ملفا خاصا بويلسون عام 1947 تحت الاسم الرمزي "وورثينغتون"، بعد أن مدحه موظف مدني شيوعي.

وخلص أندرو إلى أنه لم تكن هناك مؤامرة من قبل المخابرات، ووصف ويلسون بأنه يعاني من "رهاب البارانويا". لكنه ذكر في مقدمة الكتاب إن فصلا مهما تم حذفه وقيل لاحقا إن ذلك جاء بطلب من الحكومة بذريعة صون المصلحة العامة حيث جاء فيه أن أجهزة تنصت كانت مزروعة في مقر الحكومة خلال الفترة ما بين 1963 الى 1977.

وتذكر العديد من المصادر أن ويلسون أكد لها خلال فترة حكمه الأخيرة في داونينغ ستريت أن أجهزة تنصت مزروعة داخل المبنى.

وتقول "بي بي سي" لا يزال هناك الكثير من الجوانب الغامضة، ولا يزال المؤرخون يتجادلون حولها.

ويختتم لوماس رأيه في القضية بالقول: "إذا كنت ممن يؤمنون بوجود مؤامرة ضد ويلسون، فهناك الكثير من الأدلة تؤكد ذلك، أما إذا كنت من أنصار الرأي المعاكس الذي يرى أن هذا مجرد أوهام، فلم يحدث شيء من هذا القبيل، وهناك أدلة تؤكد ذلك أيضا".