تتجه أنظار المسلمين وغيرهم إلى كوالالمبور بماليزيا خلال الفترة 18-21 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، لمتابعة أعمال
القمة الإسلامية التي تعقد لأول مرة بين دول
ماليزيا وتركيا وقطر وباكستان وإندونيسيا.
وقد جاء انعقاد هذه القمة كنواة للوحدة الإسلامية التي استهلكتها المناكفات السياسية والمصالح الضيقة والمؤمرات المتنامية من دول إسلامية على أخرى، تلك الدول التي أصبحت لا تحتاج لتعريف، وهي تفتح باب التآمر على بني جنسها، وتفتحه على مصراعيه دعما وتأييدا للصهاينة، حتى بات تصرف صهاينة اليهود خجولا أمام تصرفات صهاينة العرب.
لقد أعلن رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، أن بلاده ستستضيف هذه القمة الإسلامية المصغرة، ووصفها بالبداية الصغيرة، لتسليط الضوء على مشاكل العالم الإسلامي واقتراح الحلول لها، وأنها تتمحور حول "دور التنمية في الوصول إلى السيادة الوطنية"، آملا أن يدعم المسلمون هذه المبادرة، وأن تتمكن من توصيل رسالة إلى العالم، لا سيما وأنه سيشارك فيها 450 من القادة والمفكرين والمثقفين من العالم الإسلامي.
وأضاف مهاتير أن القمة المصغرة ليست بديلا عن منظمات دولية، مثل منظمة التعاون الإسلامي، وأنه بإمكاننا ضم بقية الدول الأعضاء فيها، إلى قممنا مستقبلا.
إن توقيت عقد هذه القمة بهذا الاختيار والهدف المحدد لها من إعادة إحياء النهضة الاقتصادية والاجتماعية للحضارة الإسلامية؛ يكشف عن البوصلة الحقيقية لآمال الأمة في زمن تحيط بها الآلام من كل جانب.. زمن تقزم فيه دور دول كبرى في مقدمتها مصر والسعودية، وانحرفت سياستها نحو خروج الأمة عن ثوابتها وحضارتها، حتى باتت منظمة المؤتمر الإسلامي جسد بلا روح، وكيان خاوي الأركان، وبات أمينها العام كأنه متحدث للنظام الغربي لا للنظام الإسلامي.. تلك المنظمة التي يرجع الفضل في وجودها وفعاليتها من قبل للملك فيصل بن عبد العزيز (رحمه الله) وأياديه البيضاء على الأمة، والتي كان ميلادها ردا على حريق المسجد الأقصى في العام 1969م، فكيف الحال بنا والأمة الآن تحترق بفعل أيادي من أبنائها؟! وكيف الآن وقد أصبح الصهيوني العربي ينطق ويفعل ما يستحي منه الصهيوني اليهودي؟!
إن هذه القمة مبادرة طيبة زمانا ومكانا، وتتفق والسنن الكونية في التغيير التي تحركها الشدائد العظام، وها نحن أولاء نعيش عهد من الضعف والتآمر وصل أرذله، وملحوظ معايبه من جميع جوانبه. وهذه النواة تتميز بأنها تجمع من يحملون هم الأمة، ولهم من المقومات السياسية والاقتصادية والسكانية ما يعينهم على نجاح هذا التكتل ونموه واستمراره.
فتركيا دولة ذات قوة اقتصادية وعسكرية وسكانية لا يستهان بها، وذات تجربة اقتصادية تنموية ناجحة ومتميزة، وماليزيا وإندونسيا كذلك ذواتا ثقل اقتصادي وسكاني وتنموي ناجح ومتميز، أضف إلى ذلك الجانب التقني الذي تتميز به ماليزيا، والجانب العسكري والسكاني الذي تتميز به باكستان وما تملكه من سلاح الردع النووي، فضلا عن رأس المال الذي تملكه قطر، والجميع تجمعهم حرية وإرادة سياسية وقوة اقتصادية وعسكرية يمكنها إخراج الأمة من سباتها والعودة بها لحضارتها.
إن نقاط القوة التي تجمع هذا التكتل الوليد قادرة على الحيلولة دون تمدد المحور الصهيوني العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولا سيما أن
التكامل بين عناصر الإنتاج في هذا التكتل الوليد، من موارد طبيعية وقوى بشرية ورأس مال، متوفر بصورة تفتح باب الأمل وتدعم التنمية وتبرز الإسلام بكونه رحمة للعالمين، لا سيما وأن من مهام تلك القمة تأسيس شراكة في المجال الإعلامي من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا.
إن هذه القمة فرصة لإحياء أهداف مجموعة الثماني الإسلامية التي أسسها رئيس وزراء
تركيا السابق نجم الدين أربكان (رحمه الله)، وهي فرصة واعدة كذلك لإيجاد نظام نقدي مشترك وزيادة التجارة البينية بين تلك الدول الإسلامية، وتنفيذ مشاريع واستثمارات مشتركة في البحث العلمي والتطوير التقني والابتكار المعرفي والدفاع المشترك، فضلا عن حمل قضايا الأمة التي يتآمر عليها المتآمرون وفي مقدمتها قضايا فلسطين وكشمير والإيغور، بما يعود نفعها على الأمة جميعها، حتى ينضم إليها الراشدون، ويعود إلى رشدهم الغافلون، ويكفي الله بخيرها شر المتآمرين.