أظهر مقطع فيديو قصير أعدّه
ناشطون سوريّون في الشمال المحرر، حجم الكارثة السورية التي تنتظر الأجيال الراهنة
والمستقبلية، وتنتظر العالم كله بتقاعده وتخليه عن مسؤولياته في توفير أدنى مقومات
التعليم لنصف مليون طالب في الشمال المحرر، يسكنه أكثر من أربعة ملايين شخص رفضوا
أن يعيشوا في جمهورية العبيد المحتلة من قبل احتلالات متعددة، استجدتها العصابة
الطائفية على مدى عقد من ثورة الشعب السوري المطالب بالحرية.
مقطع الفيديو وجّه سؤالا لعدد من الأطفال
الذين لم تتجاوز أعمارهم العاشرة، فيما إذا كانوا يقرؤون كلمة «الله» التي كُتبت
أمامهم على كرتونة بسيطة، فكانت المفاجأة، أن لا أحد استطاع قراءتها، يحدث هذا مع
وقف الاتحاد الأوروبي تمويل التعليم في الشمال المحرر، مما سيزيد المعاناة،
وسيفرّخ واقع الجهل والتجهيل هذا مستقبلا مظلما وخطيرا، ليس للسوريين فحسب، وإنما
لدول الجوار وما وراءهم من الدول التي تنظر إلى المأساة على أنها سورية، بينما في
حقيقتها وجوهرها ومآلاتها مأساة ومرثاة إنسانية وعالمية، ما دامت مثل هذه الأمراض
تنتشر وتتفشى عالميا كالطاعون والكوليرا وغيرها من الأمراض السارية المعدية.
آلاف المدارس الابتدائية
والإعدادية والثانوية مهددة بالإغلاق والتوقف، وتزداد المعاناة مع اقتراب فصل الشتاء
وصعوبة حصول هذه المدارس التي قد تنجح لسبب أو لآخر في فتح أبوابها بتوفير مادة
المازوت للتدفئة، حيث الجو القارس المعروف في الشمال المحرر، وتتضاعف المعاناة مع
ندرة المازوت وارتفاع سعره، والليرة السورية تهوي أكثر فأكثر، مما يهدد المناطق
السورية المحتلة الخاضعة لسيطرة العصابة الطائفية وسدنتها المحتلين، بانتفاضة جوعى
كما يتوقع البعض بدت معالمها بدعوة بعض الصفحات الموالية للنظام إلى مظاهرات
احتجاجية على تدهور الوضع المعيشي، ومقاطع فيديو لفنان موال للنظام، وهو يبكي
لافتقاره إلى عشر ليرات فقط منذ ثلاثة أيام يشتري بها خبزا، يسد جوعه، بينما العشر
ليرات اليوم لا تعادل نصف سنت أميركي أو أقل.
بعض البلدات السورية المحررة
لجأت إلى حلّ إسعافي بسيط، هو سعيها إلى جمع ما يمكن جمعه على حساب حياتها
المعيشية القاسية لاستئناف عمل المدارس، فنجح بعضها ولكن ربما يتم إغلاقها بعد شهر
أو أكثر، خصوصا وأن المعلمين قبلوا بنصف الراتب، وهو ما يعادل خمسين دولارا، على
أمل أن تتواصل العملية التعليمية بدعم غيرهم، ويجنّب ذلك العائلات مزيدا من الضغوط
النفسية والاجتماعية بضياع أوقاتهم وإحساسهم بضياع مستقبلهم.
الشمال المحرر أطلق دعوات
ومناشدات وحملات داخلية وعالمية من أجل دعم تمويل التعليم، وناشد الجميع الاتحاد
الأوروبي استئناف تمويله، لا سيما وأن الجهل والتجهيل سينتج جيلا خطره على غير
السوريين ربما أكثر من خطره على السوريين، ونحن نرى كيف يستقطب التشدد والتعصب والإرهاب
الفارغين والجهلة، الذين تغذيهم أفعال وممارسات من قتلهم وخذلهم وأوقف الدعم عنهم،
فقتل أهلهم وشردهم وسجنهم، ومعهم قتله هو نفسه بطرده عن ساحة الاندماج المجتمعي،
أنقذوا التعليم في الشمال المحرر، بل أنقذوا أنفسكم، فما هو غير ملح اليوم ولا
عاجل، سيكون إسعافيا لكم ولغيركم غدا، وكما قيل «درهم وقاية خير من قنطار علاج».
(العرب القطرية)