قضايا وآراء

رسائل دبلوماسية

1300x600

طيلة هذه الفترة من العدوان على العاصمة الليبية طرابلس، واحتدام القتال على تخومها لم نشهد تغيرات في مستوى العمل الدبلوماسي على النحو المطلوب من قبل حكومة الوفاق الوطني، رغم الأهمية الشديدة للعمل  الدبلوماسي والتي لا تقل عن العمل العسكري بل يجب أن يسيرا معا في خطِ متواز .

 
إن العمل الدبلوماسي يحتاج إلى حركية ونشاط دؤوب ومستمر لا من خلال الاعتماد على دبلوماسية ردة الفعل  في إصدار البيانات وحسب بل  عبر ملء الفراغ الدبلوماسي في التواصل مع القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في الملف الليبي  فهذه البيانات لا تتعدى كونها  رسائل دبلوماسية تستخدم كوسيلة للتعبير عن وجهة نظر أو مواقف حكومة ما.
 
 على الرغم من أن حكومة الوفاق الوطني لديها وزارة خارجية هشة إلا أنها لا تلعب الدور المطلوب في ظل الهجوم على العاصمة رغم تبعية ما يقارب 120 سفارة بالخارج لها.
 
هذا الرقم المهم يوحى لنا أننا لدينا جحفل من الكتائب الدبلوماسية تتعامل مع القوى الإقليمية والدولية ومع ما يتوفر لهذه البعثات  من إمكانيات إحداث فارق مهم مع الدول المبتعثة لها عبر نقل الصورة الحقيقة لما يحدث في العاصمة طرابلس.


إلا أنه لا وجود فعليا لهذه البعثات على الساحة الدبلوماسية، كما لا يوجد محفل أو ندوة أو مؤتمر أقيم بالخارج من البعثات الدبلوماسية الليبية بهدف  تسليط الضوء على واقع الحرب في العاصمة.
 
 إن دور البعثات بالخارج كما نصت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 يتمحور حول التفاوض مع حكومة الدولة المعتمدة لديها و تعزيز العلاقات الاقتصادية والعلمية والثقافية، وعلى الرغم من ذلك نجد تحرك هذه البعثات الدبلوماسية الليبية بالخارج يتسم بالبطء الشديد.
 
في مقابل ذلك نجد أن الدول المعنية بالشأن الليبي تصدر منها بيانات وتتصدر المشهد الدبلوماسي الدولي لتطالب من أسمتهم بالفرقاء الليبيين بالجلوس وإيقاف الحرب.
 
مجمل هذه البيانات لاتفرق بين المعتدي والمعتدى عليه وهي ذاتها البيانات التي  تؤيدها  الدول الداعمة لمشروع اللواء المتقاعد مثل الإمارات ومصر فضلاً عن الدول التي تتعامل بازدواجية مع الملف الليبي على غرار فرنسا كما  لا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه  هذه الدول الثلاث في الساحة الليبية.
 
لتفتيت تحالفات هذه الدول الداعمة لمشروع اللواء المتقاعد و تحشيد دول حليفة لحكومة الوفاق الوطني، يجدر بخارجية حكومة الوفاق أن تبدأ بتحركات دبلوماسية على النحو التالي:
  
أولاً التركيز على بعض التحركات الدبلوماسية من خلال بعثاتها


- الدبلوماسية الشعبية : و المقصود بالدبلوماسية الشعبية العمل على إقامة المؤتمرات والندوات الثقافية وأيضاً السياسية من قبل البعثات الدبلوماسية تجاه الأزمة الليبية والحديث عن العدوان وعن الفوضى التي سببها من نزوح و تشريد للعائلات  و قصف المدنيين وانتهاكات لحقوق الانسان.
 
- دبلوماسية المنظمات : من خلال التركيز على دور المنظمات الدولية التي تشغل ليبيا عضويتها لتمرير الرسائل لموقف حكومة الوفاق من العدوان .


- دبلوماسية متعددة الأطراف (المسارات) وذلك عبر دعوة حكومة الوفاق ووزارة الخارجية إلى اجتماعات ومؤتمرات دولية على مستوى وزراء الخارجية تضم الحلفاء لدعم الرأي العام الدولي.


إن أهمية المؤتمرات الدولية في تنظيم حركة التفاعل الدولي خاصة في فترات التأزم مهم،و قد نجحت بعض الدول بالخروج من الأزمة بعد حشد حلفائها لنصرة  قضيتها.
 
- مطالبة حكومة الوفاق الوطني التأكيد على حضور الدول الحليفة لها في أي اتفاق دولي خاص بالشأن الليبي حتى لا تكون هناك نتائج غير مرضية ضد طرف الوفاق
 
- إقامة مؤتمر خاص بالهجرة والدعوة للدول المتضررة من الهجرة غير النظامية و الحديث عن العدوان الذي جعل من هذه الظاهرة تزداد.
 
- التواصل مع  الجاليات الليبية بالخارج  للعمل على مظاهرات أمام المقرات الدولية المعنية بالشأن الإنساني.
 
- حكومة الوفاق الوطني  عليها أن تتبنى مشروع العدالة الانتقالية والعمل على طرحه ضمن برنامج دولي يحظى بترحيب محلي و دولي.
 
  
ثانياً: الاتفاقيات و تجديدها أو تفعيلها :


إن دور الاتفاقيات في الأزمات التي تمر بها أي دولة مهم وخاصة في جانب الدفاع فهو مساند للأعمال العسكرية والسياسية والاقتصادية ، وفي السياق نفسه هناك اتفاقيات أبرمتها ليبيا مع دول كثيرة وأهمها اتفاقيات الدفاع المشترك قد نحتاج لها في هذا الوقت الحالي ، على سبيل المثال كالاتفاقيات التي أبرمت مع الاتحاد الافريقي (ميثاق الاتحاد الافريقي لعدم الاعتداء والدفاع المشترك) وقعت في أديس أبابا سنة 2005 فلم لا يتم تجديد هذه الاتفاقيات وخاصة في هذه الأزمة .  
 
فكما تحدثت في مقالٍ سابق عن الدور المهم لأفريقيا والمغرب العربي الذي يمكن أن تحققه في إنهاء النزاع  الدائر في ليبيا، فهويتنا الأفريقية كنز يمكن الاستفادة منه؛ لماذا لا يتم الاتجاه والتركيز على الدول الأفريقية على سبيل المثال دولة أثيويبا قد تمتاز هذه الدولة بشيء قد يكون مفتاحا لكبح جماح دولة شقيقة وجارة وهي مصر التي تساند اللواء المتقاعد وترى أنه امتدادا لمشروعها في ليبيا وعلى الرغم من أن حكومة الوفاق الوطني قد تواصلت مع مصر في أكثر من مناسبة لوقف دعم العدوان اللواء المتقاعد حفتر على طرابلس ولكن لا يزال هذا النظام المصري متمسكاً برأيه اتجاه اللواء المتقاعد.
 
 في نظري على حكومة الوفاق الوطني أن تبحث عن مسار آخر تتعامل فيه مع النظام المصري، على سبيل المثال دولة اثيوبيا لديها القدرة على التواصل مع النظام المصري في هذا الوقت لفتح  باب تشاور لمحاولة إنهاء هذا الدعم وسد النهضة خير دليل على ذلك ، لدينا مع الدول الأفريقية العديد من الاتفاقيات لماذا لا يتم تجديد هذه الاتفاقيات والعمل على توحيد الخطاب الأفريقي تجاه هذه التدخلات الإقليمية فيمكن أن يلعب الاتحاد الافريقي دورا فعالا في إنهاء النزاع الإقليمي الذي يحدث في ليبيا.
 
- دور المغرب العربي لا يقل أهمية عن الدور الافريقي في تقديري على حكومة الوفاق الوطني أن تفعل اتفاقيات التي بينها وبين دول المغرب العربي وتدعو إلي اجتماعات رفيعة المستوى لدول المغرب العربي وتحاول أن تصيغ موقفا موحدا للدول المجتمعة حول ما يحدث في العاصمة طرابلس.  
  
في تقديري هذه الرسائل الدبلوماسية التي يجب أن تعمل عليها حكومة الوفاق في الوقت الحالي و تبدأ في تحركاتها الدبلوماسية مع المجتمع الدولي عن طريق بعثاتها الدبلوماسية وعلى البعثات أن تنشط أكثر مما هو مطلوب في التواصل والعمل واستخدام كل الأدوات الدبلوماسية والمتاحة لها وفق القانون المنصوص عليه في نظري سيكون هناك تغير في الساحة الدبلوماسية لصالح الوفاق في أقرب وقت، وخاصة نحن على أبواب ملتقى برلين الدولي الخاص بالشأن الليبي.

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع