تتواصل أزمة التذبذب في وفرة النقد الأجنبي على لبنان المأزوم اقتصادياً، في الأيام الماضية، لا سيما بعد أن طالت سعر صرف الدولار مقابل الليرة في الأسواق دون المصارف.
وسجل سعر صرف الدولار لدى بعض الصرافين، أسعاراً وصفها البعض بأنها "مرعبة" لامست الـ 1630 و1700 ليرة للدولار الواحد، بينما كان سعر الصرف الرسمي يُقدر بـ 1507 ليرات للدولار.
والجمعة الماضي، قال الرئيس اللبناني ميشيل عون، إنه لن يترك لبنان يسقط، "ولا بد من تعاون الجميع لمعالجة الأوضاع القائمة".
وعزا رئيس مجلس النواب نبيه بري الأزمة، إلى العقوبات الأمريكية التي "أخافت المودعين من تدهور الأوضاع في البلاد، وولّدت خشية لدى المغتربين من تحويل أموال إلى لبنان للسبب عينه".
وأصدر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الأسبوع الماضي، بياناً أعلن عن نيته إصدار تعميم غدا الثلاثاء، ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي.
وقال وزير الاقتصاد السابق رائد خوري، إنه سيتم "ضخ سيولة لعمليات التجارة والاستهلاك الأساسية، أي تأمين العملة الصعبة في الأسواق لمن يحتاجها من التجار".
وذكر خوري في تصريح للأناضول، إن إجراء تنظيم تمويل شراء السلع الاستراتيجية، "سيحل 70 بالمئة من الأزمة، ما سيعيد تخفيض سعر صرف الدولار مجدداً في الأسواق".
وأوضح أن "سبب الأزمة، يتمثل في سعي المصرف المركزي للحد من المضاربة القائمة على الليرة، لأنها تؤدي إلى تقلص احتياطي البنك المركزي بالعملة الأجنبية، وذلك عبر عدة إجراءات".
ومن بين أبرز الإجراءات بحسب الوزير السابق، وقف القروض السكنية، لأن عمليات البناء تتطلب استيراد مواد وسلع من الخارج.
ومن الإجراءات الأخرى، تعاميم عدة أطلقها مصرف لبنان، منها منع المصارف من إقراض أكثر من نسبة 25 بالمئة من ودائعها بالليرة اللبنانية للقطاع الخاص، وتقييد عمليات الاستيراد.
وأكد أن ما يحصل ليس بوادر انهيار لليرة.. المركزي قادر على أن يتدخل، وهو محصّن بالعملة الصعبة، لكنه لم يفعل ذلك لأنه يحاول ضبط عمليات المضاربة.
وكان حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أعلن أن "إجمالي احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي يبلغ 38.5 مليار دولار".
وكثرت السيناريوهات التي أدت الى أزمة تذبذب وفرة الدولار في لبنان، من بينها ما كشفته وكالة الأنباء المركزية اللبنانية، عن أن "شبكة منظمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات آخرى مقربة من النظام السوري، تُقدم على عمليات غير سليمة.
وذكرت الوكالة، أن تلك الشبكة، تسحب عملة الدولار من أجهزة الصراف الآلي (ATM) الموزعة في الشوارع، من أجل تحويلها إلى سوريا.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية، أنه بعد تعقبات لعمليات السحب النقدي المشبوهة في فترات متقاربة، منعت جمعية المصارف أي مودع من سحب الدولار من أي مصرف لا يتعامل معه، وإنما يسمح له بالليرة اللبنانية فقط.
بدوره، أكد النائب هادي أبو الحسن على الرابط بين أزمة شح الدولار والتهريب عبر المعابر غير الشرعية من وإلى سوريا.
وقال للأناضول إنه يبدو أن هناك عملا ممنهجا من الداخل والخارج، لعمليات التهريب من سوريا إلى لبنان، ويُدفع البدل بالدولار، ويبدو أيضاً أن هناك تهريبا معاكسا.
وكشف أن "هناك بعض التقارير والملاحظات بشأن التهريب، باتت بحوزة المعنيين، وبناء عليها ستُتحذ الإجراءات الضرورية من البنك المركزي، الأسبوع المقبل".
وزاد: "لا أريد ذكر أسماء في قضايا التهريب، الجهة التي لها مصالح مع سوريا وتقوم بالتهريب معروفة، وهي التي تحتاج اليوم للسيولة النقدية"، في إشارة إلى حزب الله.
من جهته، أكد عضو لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني، نقولا نحاس، أن "الوضع الاقتصادي صعب، ولا يمكن مقارنته بالسنوات السابقة".
وأرجع السبب الرئيس في أزمة تذبذب وفرة الدولار، إلى عجز ميزان المدفوعات، والعجز في الميزان التجاري.
وتابع في حديث للأناضول بأن الدولار موجود لكن التوازن بين الموجودات والالتزامات مفقود، "نستطيع الاستمرار لكن شرط البدء بحل اقتصادي متكامل".
وسجّل ميزان المدفوعات في لبنان في الأشهر الستة الأولى من 2019، بحسب تقارير اقتصادية، عجزا بلغ 5.39 مليار دولار. وهو العجز الذي يزيد من الضغط على احتياطيات مصرف لبنان.
وكانت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، أبقت تصنيف لبنان على ما هو B- مع نظرة سلبية، فيما خفّضت وكالة "فيتش" تصنيفها مرتبة واحدة من B- إلى CCC.
وخفّضت "فيتش" في 14 أيلول/ سبتمبر الجاري، تصنيف المصدر الائتماني طويل الأجل (IDR) لكل من مصرفي عودة وبيبلوس من درجة -B إلى CCC، وتصنيف الجدوى إلى ccc من –b.
و فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على مصرف "جمال ترست بنك" والشركات التابعة له في 29 آب/ أغسطس الماضي بتهمة تسهيله الأنشطة المالية لـ"حزب الله".
اقرأ أيضا: صحف: هل تقود احتجاجات الأحد لبنان إلى "ربيع عربي"؟