ملفات وتقارير

طريق دمشق حلب.. ما علاقته بشروط روسيا في هدنة إدلب؟

النظام طلب سحب المعارضة أسلحتها الثقيلة 20 كلم عن خط خفض التصعيد - جيتي

هدنة إدلب التي أقرتها مباحثات "أستانة 13" قبل أيام قليلة، باتت سريعا على مشارف الانهيار، مع إعلان النظام السوري استئناف هجماته على منطقة خفض التصعيد، بحجة الرد على إطلاق مجموعات مسلحة قذائف على مواقعه.


إلا أن عسكريين ومراقبين أشاروا، في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن المعارضة والنظام لم يتوافقا بشأن مطالبة الأخير سحب سلاح الفصائل الثقيل مسافة 20 كيلومترا عن خط منطقة خفض التصعيد، ما جعل الاتفاق برمته على المحك منذ يومه الأول.


واتفقت الأطراف المشاركة في "أستانة 13" على الإعلان عن هدنة، غير أن النظام السوري اشترط تراجع المعارضة، وهو ما رفضته "هيئة تحرير الشام"، فيما لم تعلق عليه بقية الفصائل.


وتثار تساؤلات حول الأسباب التي استدعت هذه الشرط من جانب النظام، وحول الأخطار التي تحاول المعارضة تجنبها بعدم الانسحاب.


طريق دمشق- حلب الاستراتيجي


اعتبر المحلل العسكري، العقيد عبد الله الأسعد، أن روسيا تريد تحييد الأسلحة الثقيلة ذات التأثير المباشر عن الطريق الدولي دمشق- حلب، للهجوم والاستيلاء عليه فيما بعد، في حال سحبت الفصائل سلاحها الثقيل.

 

اقرأ أيضا: بعد خروقات سابقة.. هل يصمد وقف إطلاق النار بإدلب؟


وأضاف "الأسعد" أن روسيا فشلت في تحقيق نصر عسكري "وباتت تريد تحقيقه بالخديعة".


وتابع: "الفصائل تعلم حقيقة نوايا روسيا، وكذلك تدرك أن الأخيرة غير قادرة على ضبط قوات النظام، التي ترفض الانسحاب".


واعتبر الأسعد أن "رفض الفصائل الانصياع للانسحاب ناجم عن قراءة جيدة للموقف العسكري، لأن سحب الأسلحة الثقيلة يعرضها لخطورة عالية، ويهددها بخسارة خطوط دفاعها الحصينة عن إدلب".
وأوضح أن تحييد سلاح المضاد للدروع (م د)، الذي يعتبر من أقوى أسلحة المعارضة، يجعل الأخيرة في موقف ضعيف، لا يمكن قراءة نتائجه.


"شرط مجحف"


بدوره، أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، أن الاتفاق لا يبحث في وقف شامل لإطلاق النار، وإنما منطقة معزولة بتصعيد أقل.


وأضاف لـ"عربي21"، أن طلب روسيا سحب المعارضة أسلحتها الثقيلة إلى 20 كيلومترا من خط المنطقة المتفق عليه، مقابل بقاء قوات النظام والمليشيات على حدود هذه المنطقة، يدلل على ما يمكن اعتباره بـ"المنطق الأعوج"، متسائلا: "لماذا يطبق هذا الأمر على طرف (فصائل المعارضة) واحد".

 

اقرأ أيضا: النظام يتحدث عن قصف حميميم ويستأنف الهجوم على إدلب


وتابع عليوي أن "روسيا لن تعدم الوسيلة للالتفاف على ما تم الاتفاق عليه، في حال انسحاب الفصائل، وهي لن تعدم خلق المبرر لذلك، بحديثها عن استثناء بعض الفصائل من وقف إطلاق النار"، في إشارة إلى "تحرير الشام".


ووفق العقيد، فإن انسحاب الفصائل يعني عدم مقدرتها على صد أي هجوم محتمل من جانب النظام تحت ذرائع كثيرة، مشددا على أنه "لا يمكن للمعارضة أن تقبل بهذه الشروط المجحفة، وتترك المجال مفتوحا أمام تقدم النظام، الذي عجز تماما عن التقدم على مدار التصعيد الأخير".


"المعارضة في موقف قوي"


استبعد المحلل السياسي، مأمون سيد عيسى، أن تقبل الفصائل بسحب سلاحها الثقيل، "لأنها في موقف قوي أولا، وثانيا لأن هذه المنطقة هي آخر حصون المعارضة، والتساهل بالدفاع عنها يعني حتمية خسارتها لصالح روسيا والنظام".


ورجح سيد عيسى أن تشهد المنطقة في المدى المنظور تثبيتا لاتفاق وقف إطلاق النار، للبدء في مرحلة أخرى، "عنوانها الحكم الإداري المحلي المستقل لإدلب".


وكشف في حديثه لـ"عربي21" عن إرسال الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من الشهر الماضي، لجنة إلى إدلب، بهدف بحث سبل بناء وخلق إدارة مدنية.

 

اقرأ أيضا: تركيا تحذر "الجميع" من تداعيات مأساة إنسانية جديدة بإدلب


وأوضح سيد عيسى: "من شأن لجنة التحقيق الأممية حول هجمات النظام وروسيا على المشافي والمراكز الصحية في إدلب زيادة الضغط على روسيا لإرغامها على تثبيت وقف إطلاق النار، الأمر الذي يفسح المجال أمام تنفيذ المخطط المتعلق بالإدارة المدنية".


يذكر أن "هيئة تحرير الشام" أكدت أنها لن توافق على الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، شمال غربي سوريا، في حين أعلنت "الجبهة الوطنية للتحرير" عن التزامها بالاتفاق، مع تمسكها بحق الدفاع عن النفس.