مقالات مختارة

رحل الشهيد «مرسي» لتعشّش الديكتاتورية في مصر

1300x600

رحل الرئيس المصري «محمد مرسي» الرئيس الوحيد الذي تم انتخابه بالطرق المشروعة، وستظل مصر تفتخر به وبفترته التي عاشها رئيسا لمصر العزة والكرامة رافضة الفساد والطغيان ونهب ثروة هذا الشعب، الذي يعاني ويلات الفقر والبطالة والتسول منذ مجيء الحكومة الديكتاتورية الحالية.


ورحيل مرسي


يمثل انتكاسة للحريات السياسية ومصادرة حقوق الشعب التي غيرها النظام الحالي إلى ما يساير مصالحه وأجنداته السياسية التي تعدت كل الحدود. أن يصل رئيس منتخب إلى سدة الحكم بطريقة قانونية يعني للمصريين الكثير، بينما أن يصل الرئيس إلى كرسي الحكم عن طريق الانقلاب المدبر، فهذا يعني أن السياسة لم تعد تسير على نهجها الصحيح؛ لأن المؤامرات غدت هي السائدة والمباحة ضد الأعراف والقوانين كافة، التي لا تنفذ معايير اختيار الحاكم عن طريق الدستور الذي وضع ولم ينفذ حتى الآن.


مصر تعيش أسوأ عصورها


ولا يختلف اثنان على أن مصر تعيش أسوأ الفترات السياسية في تاريخها الحديث؛ فهي تعيش أزمة سياسية ما بعدها أزمة، وبجانب هذه الكارثة الموجعة تعيش أزمة اقتصادية خانقة أيضا، لا يعلم الشعب المصري إلى أين يسير بسببها، وإلى متى هذا الانتظار الذي طال أمده دون وجود أي بريق أمل لحل هذه الأزمة، بجانب ارتفاع غلاء المعيشة وانتشار ظاهرة البطالة والفقر وكثرة الجرائم التي ازدادت كثيرا في السنوات الأربع الماضية في عهد الحكومة الحالية. ناهيك عن انتشار ظاهرة المخدرات وتعاطي الحشيش، بسبب صمت الدولة على مثل هذه الكوارث البيئية التي حلت بالمجتمع المصري، بسبب سوء التقدير وعدم البحث عن حلول لهذه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، التي حلت بين أفراد وأسر هذا الشعب المغلوب على أمره بسبب الغطرسة السياسية، وتماديها في فرض القيود التي لا مبرر لها أبدا.


تطبيل الإعلام المصري


ويكاد يكون الإعلام المصري هو أسوأ إعلام في عالمنا العربي؛ فمنذ الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب «محمد مرسي»، وهو يمارس التطبيل للحكومة الحالية التي تدير البلد بطريقة غير مشروعة، تقوم على الديكتاتورية في التعامل مع هذا الشعب من خلال الإعدامات التي طالت الشباب المصري بلا أي ذنب، ويسير هذا الإعلام في طريق الضحك على الرأي العام وتشويه طبقات وأحزاب هذا الشعب، التي تأسست من خلال إيمانها بحرية الرأي والرأي الآخر، إلا أن المرتزقة من المأجورين من الإعلاميين الفاشلين، أصبحوا لا يبحثون عن مصلحة هذا الشعب بل يمارسون الإرهاب الإعلامي عبر فضائياتهم ومحطاتهم التلفزيونية الحكومية، التي لا تقدم الحقيقة ولا الأمانة، بل تنشر الفساد والتشجيع على غياب العدالة الاجتماعية في البرامج والتقارير كافة التي تقدمها بالاستخفاف بهذا الشعب الذي انتزعت منه كرامته دون وجه حق، بسبب هذا التخلف في طريقة إدارة الإعلام.


طمس ثورة الربيع العربي


ومع قيام ثورة الربيع العربي في مصر سنة 2011 م، ظن الكثير أن إزاحة الرئيس الأسبق «حسني مبارك» عن كرسي الحكم في مصر ستحل المشكلة، واتضح أن العسكر كانوا يبيتون النية للاستيلاء على الرئاسة في وضح النهار؛ فبعد انتخابات حرة عين الرئيس «الدكتور محمد مرسي» رئيسا لمصر وهو يتحقق لأول مرة في تاريخ مصر المعاصر، إلا أن التآمر عليه وعلى الحريات السياسية جعل منه مضغة سائغة للتخلص منه وإزاحته عن سدة الحكم، بطريقة يعلم الجميع فصولها الكيدية التي دبرت ضده.


أمير قطر يرثي مرسي


وقد كان صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، أول زعيم عربي ويكاد يكون الوحيد الذي رثى الرئيس المصري الشهيد محمد مرسي، الذي غادرنا إلى الدار الآخرة يوم الإثنين 17 حزيران/يونيو 2019 م، حيث تقدم سموه إلى عائلة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي وافته المنية في أثناء محاكمته، وإلى الشعب المصري بخالص العزاء.


وكتب حضرة صاحب السمو عبر تويتر قائلا:


«تلقينا ببالغ الأسى نبأ الوفاة المفاجئة للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي.. أتقدم إلى عائلته وإلى الشعب المصري الشقيق بخالص العزاء.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».


من أقوال مرسي


للرئيس المصري الشهيد محمد مرسي الكثير من الأقوال المأثورة التي كان يرددها طوال فترة رئاسته القصيرة، منها قول جميل معبر عن حقيقة الفترة السياسية التي تعيشها مصر في ظل نظام العسكر الذي دمر البلد ونهب ثرواته وتخابر مع العملاء الأعداء.


كان يقول وبصوت عال


«لا تقتلوا أسود بلادكم.. فتأكلكم كلاب أعدائكم».. وكان يوجه هذه الكلمة الخالدة للقتلة من المجرمين في حينها في مصر، فإلى متى تظل الأسود محبوسة والضباع مستأسدة؟ لماذا؟ لهذا لا بد من التحرك لثورتنا حتى لو اختلفنا في الرأي؛ لأن الهدف واحد والسكة من أجل مصلحة مصر. وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد.


رثاء


رحيل الرئيس المصري الشهيد محمد مرسي، والموقف الذي يمر فيه اليوم، يذكرنا بموقف يشابه رثاء أمير الشعراء (أحمد شوقي) لشاعر النيل (حافظ إبراهيم)، نختار منها قوله:


وودِدْتُ لـو أَنـي فـداكَ مـن الـرَّدَى
والكـــاذبون المُرْجِــفونَ فِــدائي
النــاطقونَ عـن الضَّغينـةِ والهـوى
المُوغِــرُ المَـوْتَى عـلى الأَحيـاءِ
مــن كــلّ هَــدَّامٍ ويَبنـي مجـدَه
بكـــرائم الأَنقــاضِ والأَشــلاءِ
مـا حَـطَّموكَ، وإِنمـا بـكَ حُـطِّموا
مــن ذا يُحـطِّم رَفْـرَف الجـوزاء؟
ووجــدْتِ مِـن وقـع البـلاءِ بفقـدهِ
إِن البــلاءَ مَصــارِعُ العظمــاءِ
اللــهُ يشــهدُ قــد وَفيْـتِ سـخيَّةً
بــالدَّمع غــيرَ بَخيلــةِ الخطبـاءِ
وأَخـذتِ قِسـطًا مـن مَناحـةِ مـاجدٍ
جَــمِّ المــآثِرِ، طيِّــبِ الأَنبــاءِ
لبنــانُ يَبكيـه، وتبكـي الضـادُ مـن
حَــلبٍ إِلـى الفيْحـا إِلـى صَنْعـاءِ
رُتـبُ الشـجاعةِ فـي الرِّجـالِ جلائلٌ
وأَجَـــــلُّهُنَّ شــــجاعةُ الآراءِ
كـم ضِقـتَ ذَرْعًـا بالحيـاة وكيْدِهـا
وهتفــت بالشــكوى مـن الضَّـراءِ
اليــومَ هـادنْت الحـوادِثَ، فـاطَّرِحْ
عِـبْءَ السـنين، وأَلْـق عِـبْءَ الداءِ
خــلَّفْت فــي الدنيـا بيانًـا خـالدًا
وتــركْت أَجيــالاً مــن الأبنــاءِ
وغـدًا سـيذكرك الزمـانُ، ولـم يَزلْ
للدّهــرِ إِنصــافٌ وحسـنُ جـزاءِ


كلمة أخيرة


وما من شك أن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان كانت أول من ندد بالطريقة الإجرامية التي مارستها الحكومة المصرية الديكتاتورية؛ بسبب عدم الاهتمام به طبيا وحبسه بشكل انفرادي وسوء معاملته لأكثر من خمس سنوات، وهو مشابه للطريقة التي تمارس مع السجناء كافة من شرفاء الشعب المصري البطل.

 

عن صحيفة الشرق القطرية

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع