طرح اللقاء الذي جمع المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة برئيس حزب العدالة والبناء الليبي، محمد صوان في هذا التوقيت، الكثير من التساؤلات والدلالات من حيث التصريحات التي تلت الاجتماع حول إدانة الحزب لما أسماه "إنقلاب" حفتر وعدوانه على "طرابلس".
وناقش اللقاء، الذي عقد أمس الأحد في طرابلس، المصاعب التي تواجه العودة إلى المسار السياسي وسبل تجاوزها بعد مرور 50 يوما على العدوان، الذي شنته قوات اللواء الليبي، خليفة حفتر على العاصمة، وأسفر عن قتلى وجرحى ونازحين.
محاسبة "حفتر" دوليا
من جهته، أكد رئيس حزب "العدالة والبناء" على "ضرورة محاسبة "حفتر" دوليا على الجرائم التي ارتكبها، مبديا استغرابه لـ"سلامة" من حالة الصمت الدولي على جرائم حفتر وأن ذلك يزعزع الثقة في المجتمع الدولي ويجعل من العودة إلى أي تسوية سياسية أمرا صعبا"، وفق تقديره.
اقرأ أيضا : مطلب أممي جديد بهدنة إنسانية بطرابلس ودعم النازحين
ووصف "صوان" ما يحدث في العاصمة "طرابلس" بأنه مشروع تدعمه دول إقليمية رافضه لقيام دولة مدنية ومناهضة للثورات العربية في المنطقة، وأنه عدوان في وقت كان ينتظر فيه الليبيون حلاً سياسيا، مؤكدا دعم الحزب الكامل لحكومة الوفاق والجيش التابع لها في مواجهة هذا المشروع.
وأوضح بيان صادر عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أن اللقاء "كان بهدف تبادل الآراء بشأن الحالة في ليبيا، وبحث سبل التغلب على التحديات التي تواجه العودة إلى العملية السياسية".
والسؤال: هل يحمل اللقاء الآن أية دلالات أو رسائل أو ضغط خاصة للجنرال الليبي، خليفة حفتر؟
"خدمة للحزب"
وقال الأكاديمي المصري المتخصص في الملف الليبي، خيري عمر إن "التقارب من قبل "سلامة" وبعثته مع "العدالة والبناء" لايمثل أي ضغط على "حفتر"، وأنه لا قيمة لمثل هذه اللقاءات طالما الحرب على العاصمة لا تزال قائمة، وموقف البعثة من هذه الحرب معروف".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "الأمر الذي قد يمثل ضغطا كبيرا على "حفتر" هو تقارب "سلامة" مع حكومة الوفاق وقواتها، وكذلك تقاربه مع المحكمة الجنائية وإحالة القضايا المتورطة فيها قوات "حفتر" إلى هذه المحكمة للبت فيها، هنا فقط يمكن الضغط والتأثير"، حسب كلامه.
وتابع: "لكن اللقاء الآن قد يساعد الحزب على تقديم صورة عن نفسه بأنه لا زال أحد الأطراف الرئيسية في المشهد السياسي الليبي، لكن الأهم هو ماذا بعد انتهاء الحرب الحالية، وأتوقع ظهور قوى سياسية أخرى وهذا يتوقف على طريقة جمع السلاح واستيعاب المسلحين وإجراء انتخابات"، كما قال.
"سذاجة وحفتر هو الأقوى"
عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة أشار إلى أن "سلامة يلتقي منذ توليه منصبه بكل من "هب ودب"، ومن السذاجة السياسية أن نعيب عليه ذلك أو نحسبه على أي تيار التقى به، و"صوان" يعتبر رئيس حزب من أحزاب هي مجرد "دكاكين" تأسست بدون ثقافة ديمقراطية أو أسس تشريعية وإنما بمجرد إعلان دستوري".
وقال لـ"عربي21" إن "البعثة الأممية قبل "سلامة" فرضت هذه "الدكاكين" على الواقع الليبي المزري من خلال اتفاق "الصخيرات"، لكن "سلامة" حاول تصحيح ذلك من خلال تجاهله لهذه الشخصيات ومنهم "صوان" في الحوارات التي أجراها والتي كان سيتوجها بحوار "غدامس" المثير للريبة"، حسب وصفه.
وأضاف: "لا أعتقد أن يكون هذا اللقاء ورقة ضغط على "حفتر" كون الأخير أصبح الرقم الصعب في المشهد للتضامن الشعبي معه وقوة "الجيش" (قوات حفتر) على الأرض، والرهان الآن يتمحور حول نجاح المجتمع الدولي في تحقيق وقف غير مشروط لإطلاق النار والخوض في جولة حوار سياسية جديدة لا أتمنى أن تكون هذه الأحزاب "الشكلية" طرفا فيها"، كما أوضح.
سياسة "شق الصف"
لكن وزير التخطيط الليبي الأسبق، عيسى التويجر اعتبر "ما يقوم به "غسان سلامة" أنه محاولة منه لاختراق وشق الصف المتماسك في موقفه ضد الحرب على "طرابلس"، وهي سياسة معتادة للأمم المتحدة، خاصة وأن حزب "العدالة والبناء" رافض للاعتداء على العاصمة".
وتابع: "الحزب قد لايرى مدلول هذه المجاملة وما توحي به من أن "سلامة" لايزال قادرا على إحضار هذا الطرف إلى طاولة المفاوضات من جديد، وهذا الظهور في هذا الوقت الذي يصمت فيه المبعوث عن الانتهاكات الجسيمة من قبل "حفتر" يثير استياء كبيرا بين المدافعين عن الدولة المدنية في مواجهة حكم الفرد والاسرة والقبيلة المدعوم بالقوة من دول إقليمية ودول عظمى"، وفق قوله.
وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "الرسالة التي ينبغي أن تصل إلى الأمين العام للأمم المتحدة هي أن مبعوثه "سلامة" لم يعد يجد قبولا بعد أن فقد ثقة الناس في قدرته على أن يكون وسيطا نزيها مثله مثل سابقه ويجب تغييره مع إعادة النظر في دور الأمم المتحدة وأسلوب معالجتها للأزمات"، كما طالب.
دور "غير مؤثر"
وقال المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار إن "اللقاء لايحمل أهمية كبيرة وهو مجرد تواصل مع حزب له تأثير داخل المجلس الأعلى للدولة فقط، كما أن اللقاء لا علاقة له بموضوع "الإسلام السياسي" وتأثيره أو دوره وإحياؤه، ولن يكون للحزب دور أكبر من دوره في مجلس الدولة غير المؤثر سياسيا"، وفق تصريحه لـ"عربي21".
وأشار الناشط السياسي الليبي، خالد الغول إلى أن "الاجتماع طبيعي وليس أمرا مفاجئا كون "سلامة" من أدواره أن يلتقي كل من له صدارة في المشهد ومنهم "العدالة والبناء"، مضيفا لـ"عربي21": "سلامة استفاد من اللقاء أكثر من الحزب نفسه، خاصة أن المبعوث الأممي يعلم كل طرف وموقفه ولن تخدعه تصريحات "الإسلاميين" أو غيرهم، أما "حفتر" فخطواته مرسومة ولن يغيرها أحد إلا بهزيمة عسكرية منكرة"، كما وصف.