سياسة عربية

كيف استعادت المعارضة زمام المبادرة بمعارك إدلب؟

سوريا كفرنبودة كفر نبودة شمال سوري الشمال السوري ريف حماة - جيتي
لم يمنع القصف المكثف وسياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها روسيا الداعمة لقوات النظام، فصائل المعارضة من أخذ زمام المبادرة في المعارك التي تشهدها أرياف حماة المتصلة بإدلب، علما أن ميزان القوة ليس في صالحها.

ومع الهجمات المضادة التي شنتها فصائل المعارضة في محاور غير متوقعة في عمق ريف حماة الشمالي، بدت قوات النظام مشتتة وغير منسجمة وفي موقف ضعيف، وسط أنباء عن اشتباكات وتوترات فيما بين تشكيلاتها على خلفية اتهامات متبادلة بـ"الخيانة"، والتقاعس في صد تقدم قوات المعارضة.

والسؤال، ما هي عوامل الصمود التي مكنّت الفصائل من الانتقال من الدفاع إلى الهجوم الواسع دون أن تعيقها المئات من الغارات الجوية عن تحقيق ذلك؟.

تناسي الخلافات الداخلية


ومجيبا على هذا التساؤل، أرجع قائد العمليات في "جيش العزة"، مصطفى البكور في حديثه لـ"عربي21"، صمود الفصائل إلى أن مقاتلي المعارضة في غالبيتهم من أبناء الأرض، موضحا أنهم يدافعون عن بيوتهم وأرضهم وعرضهم، كما قال.

ومن بين أحد أهم عوامل الصمود الأخرى، وفق البكور، هو تناسي الخلافات الداخلية ما بين الفصائل، مبينا أن "فشل مسار أستانة في تحقيق أي حل، وإحساس الفصائل بغدر الروس والنظام، جعلهم يتناسون خلافاتهم التي بدأت أساسا بسبب أستانة"، وذلك في إشارة إلى غرفة العمليات الواحدة التي شكلتها الفصائل (الفتح المبين).

وعلى المنوال ذاته، نوه الخبير العسكري، العقيد الركن عبدالله الأسعد، بأهمية التنسيق العسكري فيما بين الفصائل وأهمية ذلك على الروح المعنوية لمقاتلي المعارضة، مقابل انهيار معنويات عناصر جيش النظام.

الشعور بالخطر

وقال لـ"عربي21"، إن سيطرة النظام على قلعة المضيق وكفر نبودة، رفع من مستوى الشعور بالخطر عند الفصائل، وبدأت الجهود تتظافر من بعد ذلك لزج شتى أنواع الأسلحة في المعارك.

وأضاف الأسعد أن غرف العمليات التي شكلتها المعارضة، لم تعد عبارة عن غرف تنسيقية تقليدية، بل هي الآن غرف عسكرية حقيقية، وفيها أحدث الأسلحة.

ومثل الأسعد، شدد العقيد مصطفى البكور على مصيرية المعارك،  بقوله "مصير المعارك يحدد اليوم مصير الثورة السورية، وهذا ما أعطى دافعا إضافيا للفصائل حتى تنسق فيما بينها، لأن المعارك لا تستهدف فصيلا بعينه وإنما تستهدف الثورة".

تدفق السلاح

ومثلت حادثة استهداف الطائرة الحربية التابعة للنظام، الجمعة، بصاروخ مضاد طيران شمال حماة، نقطة فارقة، وفق العقيد عبد الله الأسعد، معتبرا أن "إصابة المعارضة للطائرة، هو حدث فارق".

مصدر عسكري من المعارضة، لم يستبعد أن تكون المعارضة قد حصلت فعلا على قاذفات مضادة للطيران، معتبرا خلال حديثه لـ"عربي21" أنه "إن صحت الأنباء عن ذلك، فإن الوضع العسكري لن يكون على ما هو عليه، وخصوصا لجهة الاختلال في ميزان القوى".

كما أشار المصدر إلى استخدام الفصائل للصواريخ المضادة للدورع (م-د) بكثرة، لافتا إلى أهمية هذه الصواريخ في منع قوات النظام من التقدم، أو تمركز الآليات الثقيلة والمدرعات في النسق الدفاعي الأمامي، وهو ما يفسر عدم محافظة قوات النظام على المواقع التي تتقدم إليها.

ضعف القوات المهاجمة

من جانب آخر، وصف العقيد عبدالله الأسعد، قوات النظام بـ"القوات المفككة والهشة"، وقال إن النظام يعتمد على مجندين غير مدربين، من الفيلق الخامس، وهؤلاء في الغالب من عناصر "المصالحات".

وتابع بالتأكيد على أن النظام بات مجبرا على الاعتماد على هؤلاء المقاتلين، بعد أن وصل التململ في حاضنته الشعبية إلى مستوى غير مسبوق.

والسبت، تمكنت المعارضة من إفشال هجوم مضاد للنظام قرب بلدة "تل ملح" بريف حماة، موقعة في صفوف القوات المهاجمة خسائر كبيرة، بحسب مصادر إخبارية محلية.

يذكر أن المعارضة تمكنت خلال الثلاثة الأيام الماضية، من التقدم إلى مواقع عدة بريف حماة الشمالي، وذلك بعد إطلاقها معركة "الفتح المبين".