قضايا وآراء

ورشة البحرين.. وسوى الروم خلف ظهرك روم

1300x600

من المؤسف أن تتحول دول عربية إلى مجرد فنادق للولايات المتحدة الأمريكية تجمع فيها من تريد لعقد صفقات مشبوهة تستهدف قضايا العرب والمسلمين وفي مقدمتها قضية فلسطين.


يمكن القول إن ما بات يعرف بـ"ورشة البحرين" التي ستعقدها واشنطن في عاصمة عربية يمثل تصعيدا غير مسبوق في سجل العار العربي، فقد تحوّل الزمان الذي كنا نطالب فيه الأنظمة بإسناد قضية القدس وفلسطين، لزمان آخر، أصبحنا نتمنى فيه من هذه الأنظمة أن تكّف شرها عن فلسطين وقضيتها وأن لا تكون أدوات لتصفيتها.


أن تستضيف المنامة هذه الورشة المخصصة لمقايضة ثوابت القضية الفلسطينية ومن أهمها قضية اللاجئين وحق العودة بالمال والاستثمارات -المدفوعة من أموال العرب- لا يخص البحرين فقط، ولا يشكل عارا خاصا بها بقدر ما هو تعبير  عن زمن السقوط بكل مفرداته، وتورط النظام العربي الرسمي في هذه المؤامرة.


كيف تمر ثلاث قمم عربية وإسلامية دون أن يخرج منها قرار ملزم بمنع المشاركة في هذه الورشة المشبوهة وإلزام البحرين بعدم استضافتها على الرغم من إعلان الفلسطينيين رفضهم لها؟!


خلو بيانات القمم ثلاث من الإشارة لهذه الورشة، والاكتفاء بديباجة ممجوجة مكرورة عن القدس و"وضعها التاريخي"، يؤكد أن الموضوع يتجاوز البحرين إلى دول عربية كبيرة اختارت السير في مسار تصفية القضية الفلسطينية.

 

ما سيتم طرحه في ورشة البحرين يكشف بوضوح عن دور مباشر لأنظمة خليجية التي ستكون بمثابة ممول إنهاء القضية الفلسطينية وإطلاق الرصاص على حق العودة وقضية اللاجئين


في أكثر من مناسبة تقدَّم البحرين كبالون اختبار لتمرير التورط الخليجي في العلاقة مع الاحتلال وترتضي هذه الدولة أن تكون مجرد أداة قياس للرأي العام العربي والخليجي، وكأن الشعوب العربية لا تعرف أن الخليج -باستثناء الكويت- غارق حتى أذنيه في وحل التطبيع.


غير أن الموضوع اليوم ليس قضية التطبيع والعلاقة مع الاحتلال، فهذا الأمر أصبح يطرح علنا من قبل مسؤولين خليجيين بارزين، بل تجاوزه إلى دور أكثر خطورة لا يقل شأنا عن خطورة الدور التدميري لصهر ترامب وفريقه المتصهين ضد القضية الفلسطينية.


ما كشفت عنه صحف إسرائيلية نقلا عن مسؤولين أمريكيين مؤخرا من رؤوس أقلام لما سيتم طرحه في ورشة البحرين يكشف بوضوح عن دور مباشر لأنظمة خليجية ستكون بمثابة ممول إنهاء القضية الفلسطينية وإطلاق الرصاص على حق العودة وقضية اللاجئين.

 

ثمة تحول خطير في توجه دول فاعلة في الخليج العربي نحو القضية الفلسطينية من "دور شعبي" داعم للشعب الفلسطيني ومقاومته طيلة عقود مضت، إلى "دور رسمي" تدميري للقضية


التقارير الإسرائيلية تحدثت عن إلغاء كامل لدور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، واستبداله ببرامج مساعدات ممولة من دول ومنظمات غير حكومية في سبيل "كسر دائرة إدامة الصراع".


كما يتحدث المسؤولون الأمريكيون  عن طرح فكرة في الورشة تدعو لـ"إعادة ترميم مخيمات اللاجئين في الضفةالغربية وبنائها كمدن دائمة وبلدات ثابتة للفلسطينيين"، ما يعني بشكل جلي إلغاء حق هؤلاء اللاجئين بالعودة.


يقف الفلسطينيون اليوم ليس فقط في مواجهة الاحتلال والإدارة الأمريكية الداعمة له فقط، بل بمواجهة أنظمة عربية وتحديدا خليجية، ارتضت أن تكون بمقام "المموّل" لإنهاء القضية الفلسطينية بدلا من أن تكون نصيرا لها.


ثمة تحول خطير في توجه دول فاعلة في الخليج العربي نحو القضية الفلسطينية من "دور شعبي" داعم للشعب الفلسطيني ومقاومته طيلة عقود مضت، إلى "دور رسمي" تدميري للقضية وإنهاء حضورها على أجندات الشعوب واهتماماتهم.


وكنتيجة مباشرة لهذا التوجه أصبحت الشعوب العربية وتحديدا في بعض دول الخليج عاجزة عن إعلان دعمها لفلسطين ومقاومتها بعد أن أصبح هذا الدعم مجرّما.

ّ
طالما اعتقد الفلسطينيون في أوقات مضت أن العرب –على الأقل على المستوى الشعبي- يشكّلون عمقا قوميا داعما لهم في مواجهتهم للاحتلال، غير أن هذه الصورة بدأت تتبدد للأسف، ليس لتغيّر في مزاج الشعوب بقدر ما هي سياسات ممنهجة لعزل القضية الفلسطينية عن انتمائها العربي والإسلامي.