قالت دراسة إسرائيلية إن "دول الخليج العربي تبدي تقاربا تدريجيا من إسرائيل تمثل أخيرا بإحياء بعض الفعاليات اليهودية غير المسبوقة في هذه الدول المحافظة، وفيما كتب رجل دين سعودي عن المحرقة النازية ضد اليهود، نجد أن نسخة من كتاب التوراة موجودة في متحف بإمارة أبو ظبي، في حين أن أعيادا يهودية تم إحياؤها في البحرين، ما يدفع للتساؤل عمن يقف وراء هذه الموجة من التفاعل الخليجي مع قضايا يهودية بحتة".
وأضافت
الدراسة التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمتها "عربي21"، أنه "رغم أن التقارب الحاصل بين العواصم الخليجية
وتل أبيب يقابل بشكوك وانتقادات واسعة في الدول العربية، لكن هذه الإمارات
الخليجية تبدي انفتاحا غير مسبوق تجاه اليهود، بحيث بات الحديث والنقاش فيما يتعلق
بهم أمرا مقبولا".
وأشارت
الدراسة التي أعدها الباحثان آدم هوفمان وموران زيغا إلى أن "محمد عيسى رجل الدين
السعودي وسكرتير القمة الإسلامية العالمية، أعلن أنه سيزور العام القادم معسكر
أوشفيتس الذي شهد تنفيذ المحرقة، وسيكون الزعيم الإسلامي الأرفع الذي سيقوم بمثل هذه الزيارة".
وأكدت
أن "عيسى سبق له أن ذكر في واشنطن بوست وموقع الأخبار السعودي Arab
News أن المحرقة جريمة ضد الإنسانية، ودعا المسلمين للاعتراف بها، وإحيائها في العالم
الإسلامي".
وأوضح
هوفمان، باحث العلوم السياسية بالجامعة العبرية، ومتخصص بشبكات التواصل الشرق أوسطية
بمركز ديان بجامعة تل أبيب، أن "هذا التضامن الإسلامي مع حدث يهودي صرف وقع خلال
الحرب العالمية الثانية أواسط القرن العشرين، وفي القارة الأوروبية، يعطي دلالة
جديدة على حجم التقارب الحاصل بين دول الخليج واليهود عموما".
وضرب
الكاتبان أمثلة حية على هذا التقارب، بالقول إن "البحرين تبدو الدولة الخليجية
الأكثر إظهارا لسلوكها الإيجابي تجاه الجالية اليهودية المقيمة فيها، صحيح أنه لم
يسبق لها أن أحيت أعيادا يهودية بحضور حاخامات، لكن عام 2017 شهد سبقا تاريخيا حين
وصل رجال دين بحرينيون لزيارة إسرائيل بهدف تفعيل التسامح بين الأديان".
وأضافا
أن "البحرين ليست وحدها، فقد قامت دولة الإمارات العربة المتحدة بافتتاح متحف
اللوفر في أبو ظبي، وعرضت فيه وثائق ومخطوطات عديدة ذات صلة بالشعب اليهودي، بينها
نسخة من كتاب التوراة بلغته العبرية الأم، وأعلنت الإمارات عن 2019 عام التسامح،
واعترفت رسميا بالجالية اليهودية الأجنبية في الدولة، وافتتحت كنيسا يهوديا في
إمارة دبي".
وأشارت
زيغا الباحثة بشؤون دول الخليج العربي في كاتدرائية حايكين للدراسات الجيو-إستراتيجية
بجامعة حيفا، والمحاضرة بمركز ميتافيم- المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، إلى أن "الوضع انتقل إلى قطر المتعاطفة مع الإخوان المسلمين، وهي تتحضر لاستضافة
مونديال 2022، وأعلنت أنها ستهتم بتوفير الأكل اليهودي الحلال بسبب وجود زوار إسرائيليين
ويهود من كل العالم لحضور هذا الحدث الرياضي الكبير".
وأشار إلى أن "السعودية بدأت عبر وسائلها الإعلامية تتطرق للقضايا اليهودية، والتقارب أكثر
مع الأوساط اليهودية حول العالم، ففي 2018 التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان
مع زعماء الجالية اليهودية في ولاية نيويورك، وأرسل جملة رسائل حساسة ومهمة وغير
مسبوقة حين اتهم الفلسطينيين بتضييع فرص السلام مع إسرائيل".
وأوضح
أن "الجانب الأثري في المملكة يعدّ أحد الروابط بين اليهود والسعودية، فهي
زعيمة العالم الإسلامي وحارسة الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة، تقر بأن
الديانة اليهودية شاركت في حياة شبه الجزيرة العربية عبر التاريخ".
وأكدت
الدراسة أن "هذه الأحداث وسواها يشرف عليها الحاخام مارك شناير الذي ينظم
جولات ميدانية في السنوات الأخيرة بين قصور الأمراء والشيوخ في دول الخليج، ويقوم
بدور الوساطة غير الرسمية بينها وبين العالم اليهودي".
وتحدثت
الدراسة أنه "إضافة لهذه المؤشرات الميدانية، تعقد العديد من اللقاءات المتكررة
بين أوساط خليجية ويهودية، كما تزداد النقاشات عبر شبكات التواصل بين النشطاء
الخليجيين واليهود، ففي يوم المحرقة كتب مدون سعودي أن "السعوديين يتضامنون
مع أبناء العمومة في إسرائيل في ذكرى قتل ستة ملايين من الضحايا اليهود على يد
النازيين الإرهابيين في الحرب العالمية الثانية.. لن ننسى أبدا".
واستدركا
بالقول إن "هذه التعبيرات تنتشر تقريبا في جميع دول الخليج، باستثناء الكويت،
الدولة الوحيدة التي تعارض التطبيع مع إسرائيل، في حين أن السعودية والإمارات
تعلنان أن دوافعهما لهذه الخطوات التقاربية تجاه اليهود هي تقديم الإسلام المعتدل،
وإذابة الحواجز بين المسلمين وسواهم، وإبداء التسامح تجاه أتباع الديانات الأخرى،
كما حصل في زيارة البابا التاريخية لإمارة أبو ظبي".
وأضافا
أن "السعودية بالذات ترغب بالتخلص من الصورة النمطية المأخوذة عنها كدولة متطرفة
داعمة للإرهاب، ومرتبطة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، من خلال عرض صورة ديمقراطية
منفتحة لدى الرأي العام الغربي، الأمر الذي تستفيد منه إسرائيل، ولو جاء عبر
البوابة الدينية لليهود، وليست السياسية".