تستكمل "عربي21" في هذا التقرير
استعراض ملفات أبرز الجنرالات الذين اعتمد عليهم نظام الأسد لقمع الثورة السورية.
وبعد أن سلط التقرير بجزئه الأول الضوء على
أربعة من جنرالات الأسد (اللواء ماهر الأسد، العميد سهيل الحسن، اللواء علي مملوك،
اللواء جميل الحسن)، تكشف "عربي21" في هذا الجزء عن أذرع أخرى للأسد.
اللواء محمد ديب زيتون
في منتصف العام 2012، تسلم اللواء محمد ديب
زيتون (58 عاما) إدارة المخابرات العامة، بدلا من اللواء علي مملوك الذي تسلّم
رئاسة مكتب الأمن القومي، بعد مقتل هشام بختيار في تفجير "خلية الأزمة"، في أثناء انعقادها في مكتب الأمن القومي بحي الروضة بدمشق.
وقبل ذلك، كان زيتون الجنرال السنّي المنحدر من
منطقة القلمون (شمال غرب دمشق)، يشغل رئيسا لشعبة الأمن السياسي.
لا يُذكر اسم زيتون إلا وتستحضر معه مشاهد
الحصار والتجويع والتهجير القسري الذي لاحق المعارضة في أكثر من رقعة جغرافية.
في حمص (وسط البلاد)، وفي ربيع العام 2014، بدأ
زيتون بتطبيق خطته التي تقضي بتهجير المعارضين من أبناء المدينة، بعد قصف وحشي
وحصار دام أكثر من عامين.
في حينها، هندّس زيتون اتفاقا يقضي بإخراج
المقاتلين البالغ عددهم 2250 مقاتلا، إضافة إلى المدنيين الذين كانوا محاصرين
معهم في حمص إلى الريف الشمالي.
اقرأ أيضا: "عربي21" تستعرض ملفات أبرز جنرالات النظام السوري
وتكرر تنفيذ المخطط الذي بدأه زيتون، في ضواحي
دمشق "داريا، ومعضمية الشام، والزبداني"، وامتد إلى حلب، والغوطة
الشرقية، وريف حمص، والجنوب السوري، مؤخرا.
ولا تقتصر مهام زيتون على التهجير والتنكيل
بالمعارضة، إذ أوفده الأسد في العام 2018 إلى حلب، بعد أن ضجت المدينة بالجرائم
والانتهاكات التي ترتكبها مليشيات "الدفاع الوطني"، ونُقل حينها أن
"مهمة قدسية تعثرت، بفعل غياب سلطة الدولة في حلب، نتيجة لانتشار عدد كبير من
المليشيات".
وبحسب مصدر خاص لـ"عربي21"، فإن الفضل
في تولي زيتون مناصب أمنية رفيعة بالرغم من كونه من الطائفة السنية، يعود للصداقة
القوية التي تربطه بالراحل اللواء محمد ناصيف خير بك، معاون نائب الرئيس للشؤون
الأمنية في سوريا، والمستشار المقرب من آل الأسد.
وقال، إن "زيتون يتمتع بذكاء ودهاء ومكر
قلّ نظيره، ولعل جذوره السنّية دفعته إلى أن يكون مخلصا لآل الأسد أكثر من
العلويين أنفسهم"، على حد تعبير المصدر.
اللواء عبد الفتاح قدسية
يجمع كل من عرف اللواء عبد الفتاح قدسية (66
عاما) من السوريين عن قرب، على نزعته الطائفية "العلوية"، ودمويته.
وقدسية، ابن ريف حماة، شغل منذ العام 2009،
رئيسا لشعبة المخابرات العسكرية، قبل أن يعين في العام 2012 نائبا لرئيس مكتب
الأمن القومي، اللواء علي مملوك.
وبحسب معلومات جمعتها "عربي21" فإن
قدسية الذي بدأ مسيرته ضابطا في القوات الخاصة ومن ثم في الحرس الجمهوري، هو أحد
أقرب المستشارين لبشار الأسد، حيث عُين في وقت سابق سكرتيرا للأخير.
ويصنف موقع
"مع العدالة" (منظمة حقوقية غير حكومية)، قدسية على أنه أحد أكبر الضباط
المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها عناصر شعبة المخابرات العسكرية
خاصة، وعناصر باقي الأجهزة الأمنية في سورية.
ومن أبرز التهم الموجهة إليه، وفق تقرير
الموقع، الذي اطلعت عليه "عربي21"، المسؤولية المباشرة عن الجرائم
والانتهاكات كافة، التي ارتكبها عناصر شعبة المخابرات العسكرية في الفترة الممتدة ما
بين آذار/مارس 2011 وتموز/2012، وذلك خلال توليه منصب رئيس الشعبة، حيث كان له دور
أساسي في عمليات القمع والاعتقال التعسفي في درعا ودمشق وريفها، كما يعتبر مسؤولا
عن الجرائم والانتهاكات التي تم ارتكابها في مدينة حماه قبل أن يسيطر عليها النظام
بشكل كامل، وكذلك الجرائم والانتهاكات في حمص وريفها وفي مدينة النبك.
ونتيجة لذلك، تم إدراج اسم قدسية في قوائم
العقوبات البريطانية، والأوروبية، والكندية، والأمريكية، بسبب مسؤوليته عن عدد كبير
من الجرائم والانتهاكات التي وقعت ضد
المدنيين.
اللواء كفاح ملحم
في آذار/مارس الماضي، قفز اسم اللواء كفاح ملحم
إلى واجهة الأحداث، عندما كُلف من قبل الأسد برئاسة شعبة المخابرات العسكرية، بدلا
عن اللواء محمد محلا.
وملحم العلوي ابن محافظة طرطوس الساحلية، قبل
تعينه الأخير، كان يشغل منذ العام 2015 منصب معاون رئيس شعبة المخابرات العسكرية.
وإلى جانب إشرافه على عمليات التعذيب في
السجون، يُعد ملحم من أوائل الضباط السوريين الذين دعوا إلى ضرب المناطق الخارجة
عن سيطرة النظام.
مصادر "عربي21" أكدت أن تعيين ملحم
في هذا الوقت، جاء نتيجة حسابات أمنية وعسكرية معقدة.
وأوضحت أنه إلى جانب العلاقة الجيدة لملحم مع
إيران، كان للحسابات الأمنية دور كبير في تعيينه بهذا المنصب الرفيع، كونه ينتمي
إلى منطقة الدريكيش التي تعتبر من أكبر المناطق رفدا للنظام بالضباط.
ورأت المصادر أن الأسد أراد بتعيين ملحم في
هذا المنصب، أن يعيد شيئا من التوازن إلى جيشه، والتقليل من الانشطار بين الضباط
على أساس الموالاة لإيران وروسيا.
ونتيجة للجرائم الكبيرة التي ارتكبها بحق الشعب
السوري تم إدراج اللواء كفاح ملحم في قوائم العقوبات البريطانية، والأوروبية،
والكندية، بصفته مسؤولا عن عدد كبير من الجرائم، وعلى رأسها تعذيب المعتقلين،
وممارسة عمليات الخطف بحق رجالات المعارضة.
العميد عبد السلام فجر محمود (ذراع إيران)
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أصدر القضاء
الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحق ثلاثة ضباط في النظام السوري، وهم "اللواء علي
مملوك، اللواء جميل الحسن، والعميد عبد السلام فجر المحمود".
وبخلاف مملوك والحسن، فإن قلة من السوريين من
سمع عن محمود ( 60 عاما) المولود في بلدة الفوعة الشيعية بريف إدلب.
يشغل محمود، منصب رئيس فرع التحقيق في
المخابرات الجوية، وتصنفه مصادر على أنه مهندس مشروع إيران (التشيّع) في سوريا.
وجاء في تقرير نشره "تلفزيون سوريا"
المعارض، أن محمود يحظى بمزايا رفيعة نظرا لما يملكه من ملفات، ولكن جوهر الوظيفة
يعود إلى شغله منصب رجل إيران وحزب الله الخفي، فهو المسؤول عن تمرير مشاريعهم
الحساسة إلى مراكز صناعة القرار، ويديرون من خلاله الملفات الداخلية الخاصة، وصولا
إلى الفرعية المرتبطة بإيران ويتلقفون من خلاله أدق التفاصيل، كما تضاعفت أهمية
المسؤول الأمني بعد اندلاع الثورة في البلاد ضد النظام السوري، باعتباره أحد أركان
الحرب.
وعن الانتهاكات التي ارتكبها محمود، ينقل
الموقع في تقرير اطلعت عليه "عربي21"، شهادات لمعتقلين تؤكد قيام محمود
بالإشراف شخصيا على أعمال تعذيب السوريات، حيث كان يعري النساء، ويجبرهن على
ارتداء البنطال العسكري، وبعدها يسكب الماء عليه، ويجلسها بالقوة على
"السخانة الكهربائية" التي تستخدم في غلي الماء المخصص للمشروبات الساخنة.
ويخلص التقرير، إلى أن تصنيف محمود، ضمن مذكرات
التوقيف الدولية الصادرة مؤخرا، هو رسالة شديدة اللهجة للحلقة الضيقة التي يدير
ويدار عبرها النظام في سوريا، وبأن الدول الكبرى بأوروبييها مع الأمريكان، يمتلكون
حزمات محورية من المعلومات الدقيقة حول ما يجري داخل هذه المنظومة وصولا لإيران.