سياسة عربية

هكذا بدأت الحكومة المصرية خطتها لإلغاء دعم المحروقات

لا يصل دعم المحروقات في مصر لكل مستحقيه- أ ف ب
أكد خبراء اقتصاديون أن مشروع الموازنة العامة الذي أعلنته الحكومة المصرية للعام المالي 2019/ 2020، شهد قفزات كبيرة للحكومة في إطار خطتها لإلغاء الدعم عن المحروقات والخدمات الأساسية بشكل كامل، مع حلول عام 2022، بعد أن قلصت دعم المحروقات بنسبة 42%.

وحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" فإن الحكومة كانت تستهدف إلغاء الدعم بشكل كامل عن المحروقات، في موازنة العام المقبل، ولكنها تراجعت لتردي الأوضاع الاقتصادية، على أمل أن تحقق ذلك بموازنة 2022، مستدلين بقرارها تحرير سعر بنزين 95 في الموازنة الجديدة، بعد شهرين من الاختبار.

ويرى المختصون أن الأرقام التي أعلنتها الحكومة في مشروع الموازنة رائعة، ولكن لن يكون لها وجود على أرض الواقع، نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة التي ترتكز على زيادة موارد الضرائب، بينما باقي موارد الدولة لم تشهد أي تقدم في خطة الحكومة للعام المقبل.

وكانت الحكومة وافقت في اجتماعها الأخير على موازنة عام 2019/ 2022، تمهيدا لإرسالها للبرلمان للتصويت عليها قبل تموز/ يوليو المقبل، ووضعت الحكومة مستهدفا لخفض عجز الموازنة إلى 7.2% من الناتج المحلي، وزيادة معدل النمو إلى 6%، وتقليص حجم الدين العام إلى 89%، في محاولة للوصول به إلى 80% في العام المالي بعد المقبل.

ورغم أن الحكومة قلصت دعم المحروقات، إلا أنها في المقابل رفعت الدعم المخصص للإسكان الاجتماعي ليصل إلى 3.9 مليار جنيه، كما رفعت الحكومة استثماراتها المتوقعة في البنية الأساسية إلى 130 مليار جنيه، بهدف توفير 800 ألف فرصة عمل، لخفض معدل البطالة إلى 9.1%.

فكا الحكومة

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي أيمن النجار لـ"عربي21" أن الموازنة الجديدة تسير في نفس الطريق الذي رسمه صندوق النقد الدولي، لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية منذ 2016، والذي يأتي في مقدمته إلغاء الدعم المخصص لمحدودي الدخل.

ويضيف النجار قائلا:" كانت هناك آراء لإلغاء الدعم بشكل كامل على المحروقات لالتهامه أكثر من 50 مليار جنيه، من الموازنة، وهو ما يساعد الحكومة في علاج العجز الكلي، ولكن المناقشات انتهت لإلغائه على مراحل، بما يساعد في تقليص العجز الكلي إلى 7.2 من الناتج المحلي".

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنه في مقابل إلغاء الدعم فإن الحكومة أعلنت عن تطوير منظومة الضرائب بالموازنة الجديدة، ما يعني أن العبء الذي يتحمله المواطن، سوف يتضاعف، لأنه سوف يتحمل رفع أسعار المحروقات التي تؤثر على كل الأسعار بالسلب، كما أنه سيكون مجبرا على دفع ضرائب أكثر، ليكون في النهاية بين فكي الحكومة تلتهمه كيفما تشاء.

ويؤكد النجار أن الأرقام التي طرحتها الحكومة بزيادة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية والإسكان الاجتماعي والاستثمارات الحكومية في مشروعات البنية التحتية، لتصل إلى 130 مليار جنيه، بزيادة 30% عن موازنة العام المالي الحالي، تؤكد أن الحكومة توجه أموال الموازنة لخدمة المشروعات التي تنفذها القوات المسلحة.

ويوضح النجار رأيه، بأن مشروعات الإسكان الاجتماعي التي تنفذها الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان أو هيئة المجتمعات العمرانية، مثل دار مصر وأهل مصر وجنة، كلها مشروعات ينفذها الجيش بالأمر المباشر من الحكومة، وبالتالي فإن زيادة الدعم المخصص لها في الموازنة، يهدف لتشجيع المواطنين للإقبال على هذه المشروعات لصالح الجهة المنفذة.

قص ولزق

على جانب آخر يؤكد الخبير الاقتصادي وليد مسعود لـ"عربي21" أن الموازنة الجديدة، لا تختلف في آمالها عن السابقة، وكالعادة فالحكومة لم تضع فيها أي خطط واضحة لزيادة معدلات الاستثمار سواء المحلي أم الخارجي، كما أنها لم تشر إلى خطواتها من أجل تحسين البيئة الاقتصادية، ولا خطتها في تقليص الديون إلى 89%، وهو ما يجعل الموازنة في النهاية أقرب للطموحات التي ليس لها أي أساس بأرض الواقع.

ويشير مسعود إلى غياب تطوير المحور الاجتماعي بالموازنة والمتعلق بالإنفاق على التعليم والصحة، وهو ما يرسخ فكرة أن الحكومة الحالية، تعيش على سياسة القص واللزق، فهي تأخذ من هذا البند لتطرحه في بند آخر، دون أن تقدم طفرة حقيقية في موارد الدولة بعيدا عن فرض المزيد من الضرائب، وإلغاء المزيد من الدعم.

ويضيف الخبير الاقتصادي قائلا: "لا يختلف أحد على أن دعم المحروقات، لا يصل لكل مستحقيه، ولكن الحكومة في مقابل إلغائه لا تقوم بتعويض المواطنين عن ذلك، وحتى من يتم تعويضهم من العاملين بالدولة بضم العلاوات الدورية، فإنها بذلك تقوم بتعويض فئة واحدة، لا تمثل النسبة الأكبر في سوق العمل، وهي الموجودة في القطاع الخاص".

وعن برامج الحماية الاجتماعية يؤكد مسعود أن هذه البرامج المقصود منها "الشو الإعلامي" لأنها تعالج جزء بسيط لفئة محدودة من المواطنين، الذين يلامسون خط الفقر، أو يقعون تحته، وبالتالي فإن هذه البرامج لا تعالج الارتفاع الجنوني في الخدمات والاحتياجات الأساسية للمواطنين.