حذرت صحيفة إسرائيلية، من تداعيات غرق وانهيار السلطة الفلسطينية على أمن "إسرائيل" الاستراتيجي، وهو ما يتطلب من "تل أبيب" الشروع بخطوات لتعزيز استمرار تلك السلطة التي توفر على "إسرائيل الدماء".
وأوضحت صحيفة "هآرتس" العبرية، في مقال أعده كل من عاموس جلعاد وأودي أفنتل، أن "إسرائيل عرفت في العقدين الأخيرين، أن تشخص التهديدات خلف الأفق، واستخدمت استراتيجية مشتركة؛ سياسية وعسكرية، قادت إلى نتائج في منع تحققها أو في تأخيرها، وهكذا مثلا عملت ضد التهديد النووي الإيراني وتسلح حزب الله وجهود إيران للتمركز بسوريا".
وفي مقابل ذلك، يبدو أنه في النزاع الرئيسي مع الفلسطينيين ليس لإسرائيل استراتيجية متعددة الأبعاد لتواجه الواقع المتشكل، وسياستها هي سياسة ردود فعل في الأساس، ولقد نظرت للمدى القصير وركزت على جانب رئيسي واحد وهو مهم جدا؛ منع العمليات والحفاظ على الهدوء".
ورأت أن "التحدي الرئيسي الذي من شأنه أن يتشكل في السنوات القريبة القادمة، هو الانهيار أو التفكك التدريجي للسلطة الهشة"، مؤكدة أن "الفكرة التي على أساسها قامت السلطة، والتي بدونها ليس لها حق في الوجود، وهي تحقيق التطلعات الفلسطينية بواسطة مفاوضات تسوية مع إسرائيل، وهذه آخذة في الضعف أمام طريق المقاومة المسلحة لحماس، في حين يظهر انخفاض حاد في ثقة الفلسطينيين بحل الدولتين".
وأكدت أن "ضعف فكرة التسوية، تقود إلى ضعضعة الاستقرار السياسي والجماهيري للسلطة، كما أن مواجهات في غزة وعمليات في الضفة تزيد شعبية حماس وشعبية البديل الذي تطرحه، كما أن أجهزة السلطة، التي تعمل على احتواء المواجهات وتحمي التنسيق الأمني، تفقد شرعيتها وتعتبر عميلة".
كما أن "الدعم السياسي الداخلي، الحاسم، لنشاطهم غير مضمون في نهاية ولاية محمود عباس، وذهابه من شأنه أن يفتح معركة على الخلافة مدمرة ويسرع توجهات التطرف في القيادة الفلسطينية"، بحسب الصحيفة التي قالت إن "السلطة تعمل تحت ضغوطات مالية شديدة".
وذكرت أنه "في غياب آفاق سياسية، فقد تقلصت بشكل كبير المساعدات الدولية التي هي بحاجة إليها؛ فواشنطن مست بميزانية "الأونروا"، وتشريع في الكونغرس من شأنه أن يقود لوقف باقي المساعدة الأمريكية، بما فيها لأجهزة الأمن؛ إضافة لخصم أموال الضرائب التي تجبيها "إسرائيل" لصالح السلطة، كل هذا يحلق كتهديد دائم فوق رأسها".
ومع كل هذا، فإن "سيناريو غرق السلطة ليس نظريا، بل من شأنه أن يتحقق، وهذا في غياب أفق سياسي، وقاعدة شرعية تتقلص، انعدام اليقين الاقتصادي، ضغوط سياسية متزايدة ويأس، هذه تضع خطر حقيقي على وجود السلطة لفترة طويلة، ومن شأنها أن تضعضع المصلحة الاقتصادية والشخصية لكبار رجالاتها في مواصلة طريقها".
اقرا أيضا : الاحتلال بصدد اقتطاع مبلغ كبير من عوائد السلطة
وأضافت "هآرتس": "سيناريو كهذا يطرح تهديد استراتيجي خطير ومتعدد الأبعاد على إسرائيل"، موضحة أن الأمر "على المستوى العملي، فالمسؤولية على مجمل نواحي الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية ستنتقل إليها، دون أن يكون في يدها أجهزة وأنظمة بيروقراطية مناسبة، أو مصادر للميزانيات الضخمة المطلوبة..".
وعلى الأرض، توقعت أن "يزداد الاحتكاك بين الجيش والفلسطينيين، وهذا سيقتضي تكتيك متواصل للقوات الإسرائيلية، وسيبقي الجيش ملتصقا بمهام شرطية ومهام الأمن الجاري على حساب مواجهة التحديات في الدائرة الثانية والثالثة، وعلى المستوى السياسي سيزداد بشكل كبير الضغط، وستتآكل شرعية إسرائيل وستتضرر مكانتها".
وبناء على ما سبق، "سيزداد أكثر ميل محكمة الجنايات الدولية لمناقشة نشاطات إسرائيل في المناطق، وبهذا سيكشف جنود الجيش والجمهور الإسرائيلي أمام أوامر اعتقال وإجراءات قضائية في الخارج"، وفق الصحيفة التي نوهت أن "تفكك السلطة وتوسيع السيطرة الإسرائيلية لدرجة ضم فعلي، من شأنه أن يقود إلى اختفاء فكرة الدولتين وتعزيز فكرة الدولة الواحدة، التي هي اليوم تجد تأييدا متزايدا في الساحة الفلسطينية"، وفق زعمها.
وتابعت: "يتشكل أمامنا واقع تداعياته من شأنها أن تجبي من إسرائيل أثمانا استراتيجية باهظة، وعلينا العمل وفق استراتيجية بعيدة المدى لتأخير تشكل التهديدات الخطيرة الموجودة في الأفق، ومنع أخطاء لا يمكن إصلاحها في المستقبل".
وبشكل عملي ملموس، وإلى جانب "وجود الجيش على الأرض لإحباط العمليات ومنع سيطرة حماس على الضفة الغربية، على تل أبيب أن تعزز السلطة بكل السبل، وتشجع اقتصادها، وعلى الأقل تطوير البنى التحتية لديها وتطهير مؤسساتها من الفساد"، وفق "هآرتس".
وفي المقابل، "يجب كبح العمليات التي تضعف السلطة؛ مثل عمليات تشريع في الكونغرس، خصم الأموال واتهامها بالمسؤولية عن الإرهاب؛ في الوقت الذي تحبط فيه أجهزة السلطة العمليات وتوفر الدماء على إسرائيل".
وشددت على ضرورة أن لا تتنازل "إسرائيل" عن جهود إحياء العملية السياسية، مؤكدة أن "وجود مفاوضات هو أمر حاسم للحفاظ على فكرة الدولتين ومنع الدولة الواحدة".
وبينت أن استئناف المفاوضات "سيوفر لإسرائيل شرعية أمام خطوات قضائية، وسيسرع توجهات التطبيع مع الدول العربية، وسيبقي تراثا وتوجها إيجابيا ما بعد ذهاب عباس"، مضيفة: "من أجل خلق احتمال لاستئناف الاتصالات السياسية، على إسرائيل أن تعيد بناء قنوات اتصال فعالة على مستوى القيادات بدل القيام بشيطنة القيادة الفلسطينية".
وختمت بالقول " من الأهمية بمكان أن تكون هناك مبادرة واسعة لحشد الساحة الدولية لتحسين الظروف في غزة، بحيث يكون ذلك خاضع لاحتياجات الأمن الإسرائيلي، وكي نتمكن من التركز في تحديات الشمال وإيران".
الاحتلال بصدد اقتطاع مبلغ كبير من عوائد السلطة
يديعوت تكشف قصة علاج إسرائيلي "سري" أنقذ حياة عباس
خبير إسرائيلي: الفلسطينيون لا يؤمنون بالسلطة وقيادتها