تجري الولايات المتحدة وبولندا استعداداتهما لعقد المؤتمر الذي دعتا إليه للأمن والسلم في الشرق الأوسط في وارسو في 13 و14 شباط المقبل. وتفيد مصادر ديبلوماسية، أن المؤتمر يشكل تظاهرة دولية ضد إيران وسلوكها في المنطقة والعالم، لكن من المستبعد أن يتخذ وزراء خارجية 70 دولة مدعوة، إجراءات عملية في نهاية المؤتمر ضد إيران ونفوذها.
ويشار إلى أن لدى بولندا علاقات مهمة مع إيران، التي استدعت سفيرها واحتجت على استقبال المؤتمر. إلا أن بولندا تقول إنها تريد أداء دور ما في حل الخلافات مع إيران، ودور في الشرق الأوسط لا سيما في الأمن واللاجئين والسلام، وهذه هي فرصة لذلك. وتقول المصادر، إن الولايات المتحدة قد تحرج الأوروبيين من خلال تحديد مكان المؤتمر في قلب أوروبا، إذ إن موقف الدول الأوروبية معروف لناحية التمسك بالاتفاق النووي، والعلاقات الاقتصادية مع إيران، في حين أن واشنطن انسحبت من الاتفاق وهي تفرض عقوبات على إيران.
ويذكر أن إيران استقبلت نحو 100 ألف بولندي بعد الحرب العالمية الثانية، وهي تعتبر أن على بولندا تقدير ذلك باستمرار، لكن التصريحات الأمريكية تظهر أن المؤتمر هو تحالف ضد إيران.
وبعد السجال الأمريكي - الإيراني إثر زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد هيل لبيروت ومواقفه، بات من الصعب على لبنان المشاركة في المؤتمر، وقد قرر عدم المشاركة.
وذكرت مصادر غربية أن إيران ضغطت على كل الدول التي تؤثر فيها لعدم المشاركة؛ لأن الانطباع هو أن المؤتمر يمثل تحالفا ضد إيران، وأنها تريد إفشال أي تحرك في هذا الاتجاه.
ولبنان سينأى بنفسه عن الصراع الأمريكي – الإيراني، مع الإشارة إلى أن السفير البولندي في بيروت سلم دعوة للبنان للمشاركة، ولبنان أبلغه بالرفض. وعلى الرغم من الضغوط الإيرانية على بولندا، إلا أنها لن تتراجع عن التحضير للمؤتمر واستضافته؛ إذ ما يهمها علاقتها المميزة مع الأمريكيين، وهي تفوق أهمية أية علاقات لها مع دول أخرى حتى مع أوروبا الغربية.
وهدف محاصرة إيران من جانب الأمريكيين يبقى استراتيجية لن يتخلوا عنها. ويشكل المؤتمر رسالة لإيران أن دولا كثيرة في العالم هي ضدها وضد سلوكها في المنطقة. وفي الوقت نفسه لم تكن دول أوروبا الغربية لتقبل باستضافة مؤتمر كهذا، فيما بولندا تقبل بذلك. في حين أن دول الخليج مرتاحة للموقف الأمريكي. وبالنسبة لموقف الولايات المتحدة من المنطقة ككل، فهي تريد الانسحاب العسكري خصوصا من سوريا، لكن ليس الانسحاب السياسي.
وترغب بولندا بإعطاء منصة للأمريكيين نظرا للعلاقات المميزة، بالتزامن مع رغبتها بأداء دور دولي وفي الشرق الأوسط. الاتحاد الأوروبي لديه الأهداف الاستراتيجية ذاتها الخاصة بالأمريكيين، لكنه يختلف معها في التكتيك بالنسبة للاتفاق النووي. واشنطن خرجت من الاتفاق، للضغط على إيران لتحسينه وليس لأنها لا تريد إتفاقا نوويا معها. أما الاتحاد الأوروبي فيستفيد من فرصة وجود الاتفاق والاستمرار فيه؛ لأنه لا يرى بديلا له في المرحلة الحاضرة، ولا يريد عبر التخلي عنه العودة إلى سباق التسلح النووي، وانعدام الضوابط في هذا الملف.
وهو يريد الضغط عبره للوصول إلى منع إيران من امتلاك القنبلة النووية، ووضع حد لترسانتها من الصواريخ البالتسية، وصولا إلى تغيير سلوك إيران في المنطقة، وفي مجال الإرهاب وحقوق الإنسان. أي أن الأوروبيين يهمهم وضع حد لنفوذ إيران في المنطقة، ووقف نشاطاتها خارج حدودها، إنما في الوقت نفسه الحفاظ على النووي، والأمريكيون يريدون اتفاقا جديدا حول النووي، يشمل وضع حد لنفوذ إيران الخارجي وللصواريخ البالتسية. وكذلك أن يضمن الاتفاق عدم توصل إيران إلى إنتاج القنبلة إلى الأبد، وليس فقط للسنوات العشر التي نص عليها الاتفاق.
عن صحيفة المستقبل اللبنانية