نشرت صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الدور المحوري الذي تلعبه روسيا في الكثير من القضايا الدولية والبلدان التي تعيش على وقع الصراعات الداخلية والتدخلات الأجنبية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ماريا زاخاروفا، الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، كشفت لوسائل الإعلام في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر عن الخطط المزعومة للولايات المتحدة الأمريكية، التي تسعى خلالها إلى إرساء قواعد عسكرية في قبرص، الجزيرة الواقعة بالقرب من الأراضي السورية. والجدير بالذكر أن الكرملين قد نشر، منذ ثلاث سنوات، قوات عسكرية روسية في قبرص.
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت زاخاروفا، في خطاب يفتقر إلى الكثير من التدبر والحكمة لم يُصرح بمثله منذ نهاية الحرب الباردة خلال القرن العشرين، أن السلطات الروسية ستطلق حملة لزعزعة الاستقرار في حال حاول أي طرف أن ينشط عسكريا في الجزيرة المتوسطية.
اقرأ أيضا: "FBI" فتحت تحقيقا حول إذا ما كان ترامب يعمل لحساب روسيا
وأضافت الصحيفة أن زاخاروفا أوردت أن الجانب الروسي قد "توصّل إلى الكثير من المعلومات من مصادر مختلفة التي تؤكد أن الولايات المتحدة تدرس بجديّة تعزيز وجودها العسكري في جزيرة قبرص". وتابعت زاخاروفا حديثها قائلة إن "تبني خطة التدخل العسكري في قبرص من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط سيؤدي دون شك إلى عواقب وخيمة على غرار زعزعة الاستقرار في قبرص".
وأردفت الصحيفة أن حجم الضغوط التي تمارسها روسيا على الدولة القبرصية لم يعد سرا على الإطلاق. ففي هذا السياق، تؤكد العديد من المعطيات موجة الضغوط التي تمارسها روسيا، خاصة وأن قبرص تستقبل سنويا وفودا من السياح الروس. ووفقا للعديد من البيانات الرسمية، تعد قبرص ثالث مستثمر في روسيا. وعموما، تلوح الأجندة الروسية بزعزعة الاستقرار وإثارة الصراعات الداخلية في نيقوسيا، العاصمة القبرصية، وهو ما حدث في جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وحتى أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا وضّفت الإعلام من أجل زعزعة استقرار بعض الدول. فعلى سبيل المثال، وُجهت عدة مرات أصابع الاتهام نحو سلسلة "آر تي" الروسية بسبب انتهاك أخلاقيات الصحافة عبر نشر الأخبار الكاذبة. كما عملت ما يسمى "بالترولز" الروس، وهي عبارة عن بوتات تنشر الأخبار بشكل آلي، على تضخيم القضايا التي تستقطب الرأي العام. علاوة على ذلك، تحصل الكثير من القوى السياسية الأوروبية في دول الاتحاد الأوروبي على دعم وتمويل روسيا، حيث تعتمد موسكو على ثلاث موارد مختلفة لتعزيز أجندة عدم الاستقرار في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وأردفت الصحيفة أن ثمن عودة روسيا إلى الساحة العالمية من جديد يتمثل في التهميش التدريجي للقواعد والمعايير التي تقوم عليها العلاقات الدولية منذ القرن الماضي، بالإضافة إلى عمل موسكو على فرض القوانين التي تدل على حجم قوتها والتقليل من شأن الاتفاقيات والقوانين الدولية فضلا عن المنظمات المتعددة الأطراف في إدارة الصراعات الدولية.
اقرأ أيضا: التايمز: مرتزقة روس يساعدون البشير في قمع الاحتجاجات
وتعليقا على هذه المسألة، كتب رئيس مركز "كارنيجي" للسلام الدولي في موسكو، ديميتري ترينين، في المقال الذي نشره تحت عنوان "روسيا دولة لزعزعة الاستقرار لنظام ما بعد الحرب الباردة"، أن "روسيا قد استخدمت سياسة القوة من أجل افتكاك شبه جزيرة القرم وأعادت رسم الحدود لضمّها وأرسلت متمردين مسلحين إلى أوكرانيا، الواقعة في قارة على غرار "أوروبا".
وسجلت الصحيفة أن العديد من الخبراء يتساءلون حول المدة التي ستحافظ فيها روسيا على لعب دور محوري في زعزعة الاستقرار على الصعيد العالمي. كما تساءل الخبراء عما إذا كان من المحتمل أن تكف روسيا عن تبني هذا الموقف في مرحلة ما. وفي هذا الصدد، أورد ديميتري ترينين أنه "من ناحية المبدأ، تريد روسيا التوصل إلى اتفاق يأخذ بعين الاعتبار احتياجاتها الأمنية ويتيح نوعا من التعاون في المستقبل، ولكن يبدو أن هذا الاتفاق ليس مسألة مطروحة سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل القريب".
وأكد المحلل في معهد "ستيف كرافت"، نيكولاس دي بيدرو، أنه "من الممكن أن تتراجع روسيا عن اتباع هذه السياسة على الأقل إذا ما اتخذت الدول الغربية موقفا حازما وجعلت روسيا تشعر أنها ستدفع ثمن حملات زعزعة الاستقرار التي تنتهجها".
وأضاف بيدرو قائلا: "لقد أثبت الغرب أنه غير قادر على مواجهة الضغط الروسي".
وعلى العموم، تراجعت علاقات الكرملين الدولية بسبب الأساليب العدوانية التي يتبعها والتي تتجلى في التدخل في شؤون الدول وشن الحروب السرية وإطلاق حملات زعزعة الاستقرار.
اقرأ أيضا: صحيفة روسية: موسكو لن تمنح الشرق الأوسط لأي طرف
موقع روسي: لماذا تغادر الولايات المتحدة الشرق الأوسط؟
رئيس سابق للموساد: روسيا اختارت ترامب ودعمته بهذه الطريقة
ديلي بيست: ماذا يفعل رجل بوتين بمستعمرة فرنسا السابقة؟