نشرت صحيفة "
الإندبندنت" البريطانية
تقريرا تحدثت فيه عن الفضائح التي تواجهها شركة
فيسبوك في الآونة الأخيرة والتي
ستحدد مصيرها المستقبلي. والجدير بالذكر أن هذه الفضائح المختلفة أثارت عدة حملات
لمقاطعة "فيسبوك" مما يشير إلى قرب نهايته.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"
عربي21"، إن الأسبوع الفارط كان سيئا وصعبا بالنسبة للشبكة الاجتماعية
عموما. وكشفت التحقيقات المنفصلة أن هذه الشركة قد مكنت أكثر من 150 شركة من
الاطلاع على الرسائل الخاصة لبعض الأشخاص، وتحديد موقعهم. وبعد مرور أشهر على
فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"، تمكن المدعون الأمريكيون أخيرا من رفع دعوى
قضائية ضد "فيسبوك" بسبب البيانات التي سربتها.
وأشارت إلى أن هذه الفضائح، كل على حدة، غير
كافية فعلا لإيقاف "فيسبوك". في المقابل، يعتقد بعض الخبراء أن كثرة
الفضائح وظهورها في نفس الوقت، قد يشير إلى نهاية أحد أهم
مواقع التواصل
الاجتماعي. وفي هذا السياق، صرح ديفيد كارول، الأستاذ المساعد في مدرسة بارسونز
للتصميم في نيويورك، أنه قد وُجّهت خلال هذا الأسبوع ، "الضربة القاضية"
لفيسبوك.
وأضافت الصحيفة أن البروفيسور كارول وهو منتقد
صريح للطريقة التي يستغل من خلالها "فيسبوك" بيانات مستخدميه، يهتم
حاليًا بمقاضاة "كامبريدج أناليتيكا" بموجب قانون حماية البيانات على
إثر معلومات أفادت بأن الشركة البريطانية قد جمعت بيانات 87 مليون مستخدم على موقع
"فيسبوك" بغية تحديد التوجه السياسي السائد خلال الانتخابات الرئاسية
لعام 2016. في المقابل، كان اكتشافه للتسريبات خبرا غير متوقع، حتى بالنسبة له.
وفي هذا الإطار، أفاد كارول قائلا: "على
الرغم من أنني شخص ناقد بشدة "لفيسبوك"، إلا أنني فوجئت فعلا بالاتهامات
الأخيرة، إذ لم أكن أعلم أن شركة "فيسبوك" يمكن أن تكون بهذا السوء.
وعموما، يبدو أن كل هذا يتماشى مع خطة زوكربيرغ الرئيسية لفرض الهيمنة
العالمية".
وأوردت الصحيفة أن أول دعوى قضائية ضد
"فيسبوك" بشأن فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"، والتي أضرت
ببيانات 87 مليون مستخدم، قد قدمها المدعي العام لمقاطعة كولومبيا. ومن غير
المحتمل أن تكون هذه القضية الأخيرة من نوعها، نظرا لأن تحقيقات كل من هيئة
الأوراق المالية والبورصة الأمريكية، ولجنة التجارة الفيدرالية، ووزارة العدل، قد
طالت الشركة في الوقت الراهن.
وذكرت أن شركة "فيسبوك" تواجه غرامة
مالية قدرها 500 ألف جنيه إسترليني، فرضتها المملكة المتحدة. في المقابل، قد
تتراجع هذه القيمة إثر التحقيقات التي أجراها المنظم الأيرلندي لحماية البيانات،
والتي تعتبر أول اختبار جدي للنظام الأوروبي الجديد لحماية البيانات العامة. لكن
في ظل وجود أكثر من ملياري مستخدم حول العالم وإيرادات سنوية تفوق 40 مليار دولار
خلال سنة 2017، سيحتاج الأمر إلى أكثر من غرامة مالية حتى يكون له أي تأثير حقيقي
على "فيسبوك".
بالإضافة إلى ذلك، دعا البروفيسور كارول كلا من
الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ وبعض من كبار المديرين
التنفيذيين إلى الحضور إلى المحكمة. وفي هذا الصدد، أورد كارول قائلا إننا
"بحاجة إلى أن نجعلهم يرددون القسم ونسألهم أسئلة لا يستطيعون مراوغتها ومن
شأنها أن تقدم لنا حقائق إضافية لتبرير القضية الموجهة لزوكربيرغ من خلال معرفة
الأسرار التي يخفيها".
وقالت الصحيفة إن الفضائح المختلفة قد سببت عدة
حملات لمقاطعة "فيسبوك"، آخرها كانت من قبل منظمة الحقوق المدنية في
الولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، أطلقت الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين حملة
"تسجيل الخروج"، التي انطلقت في 18 كانون الأول/ ديسمبر، بعد أن كشفت
أحد التقارير أن حملة روسية كانت تعمل على قمع مشاركة الناخبين الأمريكيين من أصول
إفريقية. وفي الواقع، يعتمد عمق تأثير هذه الحملة على "فيسبوك"، أو حملة
"احذف فيسبوك" التي انطلقت في شهر آذار/ مارس، على مدى ارتباط المشاعر
المعادية للفيسبوك بالفضائح الأخيرة.
وأفادت أنه وفقا للبروفيسور كارول، كانت فضيحة
مشاركة "فيسبوك" لبيانات مستخدميه بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير".
وعموما، من الصعب على بعض الأشخاص حذف حساباتهم ببساطة، خاصة في البلدان النامية
التي تكون فيها خدمة الإنترنت محدودة، والتي يسعى فيها "فيسبوك" إلى
تنمية قاعدة مستخدميه، من خلال إطلاق العديد من المبادرات. وعلى الرغم من أن
زوكربيرغ يصف هذه المبادرة كمحاولة إنسانية لربط العالم، إلا أن النقاد قد صرحوا
أنها محاولة خفية لفرض الاستعمار الرقمي.
ووفقا للبروفيسور كارول، تعد مقاطعة الناس
"للفيسبوك" غير كافية. كما أضاف كارول أن "فيسبوك" يتحكم في
العلاقات الاجتماعية عبر منصاته الرئيسية على غرار "إنستغرام"
و"واتساب" التي تحدد مفهوم الإنترنت بالنسبة للبعض في الدول
النامية".
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان كارول الذي أوضح
أن "التغيير الحقيقي يتوقف إما على موظفي "فيسبوك" أو مشرعي
القوانين، إذ أن مشاركتهم في الاحتجاجات واستقالتهم من "فيسبوك" من شأنه
أن يضر بالشركة. فالموظفون يعدون بمثابة العمود الفقري الذي يحرك الشركة ويتحكم في
السلطة، وهم من يستطيعون القضاء على "فيسبوك"".