مع صعوبة الأوضاع.. إلى أين تتجه أزمات الاقتصاد بتونس؟
تونس– الأناضول19-Dec-1808:58 AM
شارك
احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية في تونس- جيتي
قال خبراء تونسيون إن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد قد تدفع فئات عديدة إلى
الاحتجاج تنديدا بغلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للطبقات الوسطى والفقراء.
غير أنهم قللوا، في المقابل، من إمكانية خروج تلك الاحتجاجات عن السيطرة
رغم محاولات "توظيفها" سياسيا، دون استبعاد حدوث سيناريوهات غير متوقعة
بهذا الصدد.
ومنذ الربيع الماضي، صعد الاتحاد العام التونسي للشغل من لهجته تجاه حكومة
تجد نفسها في مواجهة معضلة عجز موازنتها، وشروط المؤسسات المالية الدولية بالتحكم
في كتلة الأجور.
ففي 22 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، نفذ الموظفون الحكوميون إضرابا عاما،
بدعوة من المركزية العمالية، للمطالبة بالزيادة في الأجور.
وبعد يومين من الإضراب، أصدر الاتحاد قرارا بالدعوة إلى إضراب عام ثان يوم
17 كانون الثاني / يناير المقبل، حال لم تستجب الحكومة لمطالبه.
والأربعاء الماضي، قال أمين العام الاتحاد، نور الدين الطبوبي، في تصريحات
إعلامية: "أنصح الحكومة بأن تبادر، في الساعات القادمة، وتبرم الاتفاق
المتعلق بالوظيفة العمومية".
واعتبر الطبوبي أن إبرام الاتفاق سيكون "من أجل الاستقرار الاجتماعي؛
لأن الوضع الاجتماعي لم يعد يطاق وينبئ بكل المخاطر وهي مخاطر حقيقية".
ولوّح الطبوبي بالتصعيد قائلا: "نحن لا نضمن نفس التنظيم في إضراب 17
كانون الثاني / يناير"، في إشارة إلى الأجواء السلمية التي رافقت إضراب يوم
22 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي.
ورأى أن "ما حدث في فرنسا وفي تونس، يؤكد أن الوضع لا يمكن أن
يتحكم فيه أي إنسان، خصوصا في ظل التجاذبات السياسية وقانون المالية الجديد، وما
حام حوله من اتهامات متبادلة".
وفي سياق التوترات الاجتماعية، ينفذ أساتذة التعليم الثانوي والإعدادي
تحركات بلغت أوجها، الأربعاء الماضي، عندما نزل الآلاف منهم في شوارع العاصمة
وبقية المدن التونسية للمطالبة بالزيادة في الأجور.
السترات الحُمر
والجمعة الماضي، قال مؤسسو حملة "السترات الحمر" في تونس، التي
أُعلن عن تأسيسها، في وقت سابق من الشهر الجاري، إنهم سينفذون تحركات سلمية في
الأيام القادمة؛ احتجاجا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الصعب الذي
تعيشه البلاد.
رياض جراد، وهو أحد مؤسسي الحملة، أوضح، خلال مؤتمر صحفي عقد في حينه،
بالعاصمة تونس، أن حملة السترات الحمر نتاج لتأثر الشباب التونسي بحملة السترات
الصفر في فرنسا".
ولفت إلى أن "الحملة ترفع مطالب اقتصادية واجتماعية بالأساس، وقد جاءت
لتعبّر عن المهمّشين والمفقّرين، وأنه لا يقف وراءها أي حزب سياسي أو جمعية أو أي
طرف داخلي أو خارجي".
وأضاف: "نعتبر أن الحكومة الحالية والمنظومة السياسية القائمة فاشلة
بأكملها".
وفي أيلول / سبتمبر الماضي، قال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، إن
حكومته "تمكّنت منذ توليها الحكم (2016) من تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية
على غرار الترفيع في نسبة النمو والتخفيض في نسبة العجز".
واعتبر أنه "كان من الممكن تحقيق نتائج أفضل لو لقيت الحكومة دعما
سياسيا حقيقيا".
لكن مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية،
رأى أن "الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها منذ الثورة (يناير 2011)، لم
تستطع حلّ القضية الاجتماعية، والناس في حاجة إلى تحسين وضعهم الاجتماعي".
واعتبر أن المنوال أو النموذج المعتمد التنموي الذي كان سائدا قبل الثورة
لم يتغيّر".
بدوره، أشار أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، منير السعيداني، إلى
وجود "مشكل في السياسات الاقتصادية للحكومة؛ فجزء من التحركات يتعلق
بالميزانية التي تدل على سياسة الحكومة وتوجهاتها التنموية".
وشدد على أن "تونس دخلت دورة احتجاج اجتماعي واسع نسبيا، بمشاركة
هيئات اجتماعية لا تتحرك عادة إلا عندما يكون الضرر كبيرا".
ولفت الخبير إلى أن "الاتحاد العام التونسي للشغل غير راض على الأوضاع
في الشركات والقطاعات العمومية، بل غير راض بصفة عامة على السياسات
الاجتماعية".
إصلاحات هزيلة
أما الصحبي بن فرج، العضو البارز في كتلة الائتلاف الوطني بمجلس نواب
الشعب، القريبة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد (ثالث كتلة برلمانية بعد
"النهضة" و"نداء تونس" بـ 44 نائبا/ 217)، فيقرّ أيضا
بـ"صعوبة" الأوضاع الاجتماعية.
وبالنسبة له، فإن "من أسباب الأزمة الاجتماعية أن الأزمة الاقتصادية
طالت وجعلت الدولة على أبواب الإفلاس في 2016، ما دفع إلى إقالة حكومة الحبيب في
صيف 2016".
وأضاف أن "الحكومة الحالية وجدت المالية العامة في أتعس حالاتها وقامت
ببعض الإصلاحات".
وتابع بأن تحسّن المؤشرات الاقتصادية جاء على حساب المواطن وارتفاع التضخم
وانخرام التوازنات الاجتماعية، مشيرا أن الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي جرت منذ
2016، أي قبل مجيء هذه الحكومة، وتفرض تحديد كتلة الأجور في مستوى معين.