نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لمراسلها في بيروت سون أنجل راسموسين، ومراسلها في موسكو ثوماس غروف، يقولان فيه إن سوريا تضغط على تركيا لتفريغ المنطقة منزوعة السلاح من المتطرفين، في اختبار لعلاقة البلدين المتنامية، وللهدنة التي تمت بوساطة البلدين، التي حمت معارضي رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن كل من تركيا وروسيا، اللتين تشرفان على الاتفاق الذي تم بموجبه إنشاء منطقة عازلة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، ولأسابيع كثيرة، قولهما إن الاتفاقية فعالة، في مؤشر إلى حجم النفوذ الذي راكمته تركيا وروسيا للعمل وسطيتين إقليميتين في الشرق الأوسط، دون تدخل أمريكا أو أوروبا.
ويستدرك الكاتبان بأنه قوات الأسد، المدعومة من روسيا، كثفت في الأيام الأخيرة من رشقاتها المدفعية ضد البلدات التي يسيطر عليها الثوار في جنوب إدلب، فيما يقوم في الوقت ذاته المتطرفون، الذين حاولت تركيا إخراجهم من المنطقة التي تقع تحت مسؤوليتها الأمنية بالتخندق فيها.
وتنقل الصحيفة عن وزارة الدفاع الروسية، قولها يوم الأحد، إن طائراتها ضربت مواقع ثوار مسؤولين عن هجوم حول مدينة حلب التي يسيطر عليها النظام، ما تسبب بإصابة 100 شخص، مشيرة إلى أنه ليست هناك أدلة مستقلة تدعم الادعاء الروسي، إلا أن وزارة الدفاع الروسية قالت إنها ستتحدث مع تركيا.
ويلفت التقرير إلى أن روسيا أعربت عن انزعاجها، وشككت في إمكانية استمرار الهدنة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، بالإضافة إلى أنها لم تستبعد هجوما كبيرا، خاصة أن النظام السوري لا يستطيع السيطرة على إدلب دون غطاء جوي روسي، مشيرا إلى وزير الدفاع الروسي سرغي شويغ ضغط في اجتماع في سوشي، على نظيره التركي خلوصي آكار، للفصل بين الثوار المعتدلين والراديكاليين في إدلب.
وينقل الكاتبان عن الزميلة في مركز الدراسات الإسلامية والعربية في موسكو، إيرينا زفياغلسكايا، قولها: "إن استطاعت تركيا أن تفصل بين أولئك الذين يدعمون الهدنة، والذين هم مستعدون للتفاوض عن الإرهابيين، فإن ذلك سيوفر فرصة لمنع وقوع عملية على نطاق واسع"، وكانت تركيا قد أقنعت الثوار بالمغادرة وتسليم الـسلحة الثقيلة، لكن بقي الآلاف منهم.
وتورد الصحيفة نقلا عن المحلل في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر، الذي رصد الوضع في إدلب، ويتخذ من بيروت مقرا له، قوله إنه من الواضح أن التطبيق لم يكن مكتملا، "وستستمر الهدنة ما دام الراعيان متفقين على استمرارها.. بغض النظر عن مدى تطبيق الاتفاق على الأرض".
ويجد التقرير أن الهدوء النسبي في إدلب جعل البلدين في موقع أفضل للتأثير على نتيجة الحرب السورية، التي استمرت سبع سنوات، وسط أسئلة حول استمرار الوجود الأمريكي، لافتا إلى أن إدارة ترامب قالت إن ذلك الوجود يهدف إلى ضمان استمرار هزيمة تنظيم الدولة، وطرد القوات المدعومة إيرانيا كلها، وهو تحول عن تصريحات الرئيس السابقة حول انسحاب سريع للقوات الأمريكية.
ويرى الكاتبان أن حلا للصراع لصالح حلفاء الأسد، الروس والإيرانيين، سيعقد الوجود الأمريكي أيضا؛ لأن تلك البلدان حريصة على وضع حد للنفوذ الأمريكي في سوريا، مستدركين بأن انهيار المنطقة المنزوعة السلاح قد يكون مردوده سلبيا على موسكو.
وتقول الصحيفة إنه عند الأخذ في عين الاعتبار عدد سكان إدلب، فإن أي هجوم للنظام قد يكون أكثر دموية من أي من الهجمات هذا العام، حيث انتقدت روسيا لمساعدة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة، مشيرة إلى أن البعض يحذرون من أن القتال سيكون أشد من معركة حلب عام 2016، التي قتل فيها أكثر من 30 ألف شخص، وتمت تسوية المناطق التي كان يسيطر عليها الثوار بالأرض.
وينقل التقرير عن الأستاذ في مركز كارنيغي في موسكو أليكساندر بونوف، قوله: "إن تداعيات (هجوم إدلب) ستكون موجة أخرى من الانتقادات لروسيا.. ستكون هناك صورا بشعة كثيرة، وفقدان التقة التركية بروسيا، ووضع يكون الرابح الوحيد فيه هو بشار الأسد".
وينوه الكاتبان إلى أن الهدنة ،التي تمتد على مسافة 10 إلى 12 ميلا في إدلب، استمرت فترة أطول من اتفاقات سابقة، وتعكس تقدما أحرزه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تجاوز لخلافاتهما، مشيرين إلى أنه في عام 2015، عندما أسقطت تركيا طائرة روسية على الحدود السورية التركية، فإن العلاقات الثنائية بين البلدين تدهورت، وقطعت روسيا علاقاتها العسكرية مع تركيا، وفرضت عقوبات على أنقرة، ومنعت الطيران بين البلدين، ما أثر على قطاع السياحة في تركيا.
وتذكر الصحيفة أنه في الوقت الذي سعى فيه كل من أردوغان وبوتين إلى التخفيف من التوتر، فإن موسكو قامت برفع عقوباتها، فيما تقوم شركة "روسانتوم" النووية الروسية بتمويل أول محطة توليد نووية، لافتة إلى أن الرئيسين التقيا هذا الأسبوع في تركيا لافتتاح مرحلة رئيسية من أنبوب الغاز الطبيعي.
ويفيد التقرير بأن تصالح تركيا مع روسيا تسبب بتوتير العلاقات مع الغرب، مشيرا إلى أن أنقرة، عضوة حلف الناتو، أغضبت واشنطن هذا العام بالموافقة على شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "أس 400".
ويقول الكاتبان إن هدنة إدلب تعتمد الآن على إبقاء أردوغان وبوتين أجواء المودة والثقة، مشيرين إلى أن بوتين أظهر تفهما بأن تركيا ستتأثر سلبا عسكريا وسياسيا من موجات المهاجرين المحتملة والمتطرفين، الذين سيحاولون دخول تركيا إن تمت مهاجمة إدلب، ومن ناحيته وعد أردوغان بوتين لتخليص إدلب من المتطرفين الذين يعدهم الجانبان إرهابيين.
وتذهب الصحيفة إلى أن الجهة التي يمكن أن تفسد هذا الأمر في إدلب هي هيئة تحرير الشام، التي كانت مرتبطة سابقا بتنظيم القاعدة، وهي تحاول تجنيد "قوات خاصة" من خلال الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تبحث عن مقاتلين، بصحة جيدة، وغير متزوجين، ومدربين في الشريعة الإسلامية، ويتمتعون بأخلاق عالية، بحسب ترجمة لموقع SITE الاستخباراتي.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن المجموعة استفادت ماديا من البقاء في منطقة الهدنة، فبعد الصفقة التركية الروسية تم فتح الطريق الرئيسي، الذي كان مغلقا لأشهر، ما سمح للمجموعة بجباية الضرائب على السيارات التجارية والخاصة على نقاط التفتيش التي لا تزال تسيطر عليها، يالإضافة إلى أن المجموعة تستفيد من سيطرتها على معبر باب الهواء بين إدلب وتركيا، الذي تسيطر عليه منذ عام 2017.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
سبكتاتور: لماذا يستمتع أردوغان بملاحقة ابن سلمان؟
JP: نظام الأسد يمنح مواطنة لمقاتلي حزب الله والحرس الثوري
ديلي بيست: لماذا سمحت أمريكا بتجويع سكان الركبان؟