سياسة دولية

"يوراجيا": حقبة اتخاذ القرارات توافقيا بالسعودية انتهت

في الأسابيع الأخيرة قال سكان كبرى مدن المملكة مثل جدة إن أئمة المساجد طالبوا السعوديين بإظهار الولاء للحكام- جيتي

قالت مجموعة يوراجيا للاستشارات الدولية، إن السعودية تحاول طي صفحة قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول، لكنها لا تزال تحت المجهر والضغوط الدولية، بحسب محللين.

ورأت مجموعة "يوراجيا" في تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، أن "حقبة اتخاذ القرارات توافقيا بين كبار الأمراء قد انتهت، لكن سيتعيّن على محمد بن سلمان أن يتخلى عن بعض السلطات التي راكمها في السنوات الأخيرة".

وتابعت بأن "والده أصبح أكثر انخراطا في القرارات... كما أنه من المرجّح أن يطالب أفراد الأسرة بدور أكبر في المشاورات".

وفي الأسابيع الأخيرة قال سكان كبرى مدن المملكة مثل جدة إن أئمة المساجد طالبوا السعوديين بإظهار الولاء للحكام.

والخميس أعلنت الرياض أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان غير متورّط في الجريمة مطالبة بإنزال عقوبة الإعدام بحق خمسة متّهمين، في وقت فرضت فيه الولايات المتحدة، أحد أكبر حلفاء المملكة، عقوبات اقتصادية على 17 سعوديا متّهمين بالضلوع في الجريمة.

وغيّرت السعودية مرارا وتكرارا روايتها الرسمية لجريمة قتل خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر.


اقرا أيضا :  سفير السعودية بواشنطن يتبرأ من استدراجه خاشقجي لاسطنبول


وبعد أن أكدت في بادئ الأمر أن خاشقجي غادر القنصلية حياً، اعترفت الرياض تحت الضغوط بأنه قُتل في قنصليتها في عملية نفذها "عناصر خارج إطار صلاحياتهم" ولم تكن السلطات على علم بها.

وفي آخر رواية حول الجريمة أعلنت النيابة العامة السعودية أن نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد العسيري أمر فريقا من 15 عنصرا بإعادة خاشقجي إلى السعودية "بالرضا أو بالقوة" وقد انتهى الأمر بمقتل الصحافي كاتب مقالات الرأي في صحيفة "واشنطن بوست" وتقطيع جثّته.

وبعد ساعات من طلب النيابة العامة السعودية إنزال عقوبة الإعدام بحق خمسة من المتّهمين، فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على 17 سعودياً متهمين بالضلوع في الجريمة، بينهم مقربون من ولي العهد محمد بن سلمان.

وطرحت وزارة الخزانة الأميركية تنسيق الجهود بين واشنطن والرياض في هذه القضية لتفادي فرض الكونغرس الأميركي عقوبات أقسى.

وذكرت "مجموعة يوراجيا" للاستشارات أن "السلطات السعودية تسرّع تحقيقاتها مع المشتبه بهم في قضية خاشقجي ومحاكمتهم لنزع فتيل أي تصعيد محتمل من جانب تركيا والكونغرس الأميركي".

وقالت الجمعة إن النظام السعودي لا يزال في "وضع متأزم".


اقرا أيضا :  WP: الـ"CIA" خلصت إلى أن ابن سلمان أمر بقتل خاشقجي


وأعلنت النيابة العامة السعودية أن المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني لعب دورا محوريا في التحضير للعملية إذ التقى "فريق التفاوض" قبل أن يغادر إلى إسطنبول.

والقحطاني والعسيري مقرّبان من ولي العهد وقد أعفيا من منصبيهما.

واعتبرت مجموعة "يوراجيا" الاستشارية أنه "رغم أن التحقيق ليس مستقلا على وجه الخصوص، فقد تم إبعاد ولي العهد عن القضية برمّتها".

وتابعت "لكن رغم الجهود المبذولة ستبقى القيادة السعودية عرضة لتداعيات هذه القضية".

"تغطية"


والجمعة انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" ما اعتبرته تناقضا في الرواية السعودية، متّهمة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمشاركة في "تغطية" المتورّطين.

وكتبت الصحيفة "على الكونغرس... تعليق بيع الأسلحة للسعودية وتعليق التعاون معها حتى إنجاز تحقيق دولي ذي مصداقية في قضية قتل خاشقجي"، ورفضت السعودية الدعوات لإجراء تحقيق دولي في الجريمة.

وقال ستيفن هيرتوغ من كلية لندن للعلوم الاقتصادية "حاليا لا تبدو الضغوط الأميركية على وشك التوقف".

وتابع هيرتوغ "بخلاف إخضاع بيع الأسلحة لعقوبات وهو ما سيقاومه ترامب، فإنه لم يتضح ما يمكن للكونغرس أن يفعله. ويبدو من غير المرجّح فرض عقوبات مباشرة على الأمير محمد بن سلمان، كذلك الأمر بالنسبة للعقوبات المالية".

لكن خبراء يقولون إن سعي السعودية لإسكات المسؤولين المتورّطين في العملية وإعفائهم من مناصبهم قد يرتدّ سلبا على الرياض.

وقالت بسمة مومني الأستاذة في جامعة ووترلو الكندية إن "التهديد بإعدام من يبدو أنهم ينفذون الأوامر يعرّض الأمير لمخاطر كبيرة". وتابعت بأن "ذلك قد يؤدي إلى انشقاقات داخل جهاز الاستخبارات".

وبعد اندلاع الأزمة طلب العاهل السعودي من ولي العهد، الذي أزاح عمليا منافسيه عن الساحة السياسية وأحكم قبضته على الجيش والاستخبارات، إعادة هيكلة أجهزة الاستخبارات السعودية.

"تاريخ من القتل"


وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن الأوامر بالقتل صدرت من "أعلى المستويات في الحكومة السعودية"، في ما يبدو تلميحا إلى تورّط ولي العهد، واعتبرت أنقرة أن التفسيرات السعودية "غير كافية".

والجمعة أفادت صحيفة تركية بأن أنقرة تملك أدلة، وبشكل خاص تسجيلا صوتيا ثانيا، تناقض ما أعلنته النيابة العامة السعودية حول جريمة قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع الشهر الماضي.

وقالت مومني إن "السعوديين يعتقدون أن بإمكانهم تمرير الوقت في هذه القضية وإخراجها من دائرة الاهتمام".

وتابعت بأن "التسجيلات الصوتية هي وسيلة الضغط الأخيرة بيد الأتراك، وقد أكدوا بوضوح في الأيام الأخيرة نيّتهم مشاركة محتواها على نطاق واسع".

وأضافت مومني أن مضي الأتراك في موقفهم هذا يتوقّف على "ما سينالونه مقابل" صمتهم.

والخميس، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تدرس طلبات تركيا تسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط للمحاولة الانقلابية عام 2016.

لكنّها رفضت ما ورد في تقرير إعلامي عن أنّ البيت الأبيض يبحث عن طريقة لتسليم غولن -الذي يعتقد أنه يحمل بطاقة إقامة أميركية- في محاولة منه للحد من الضغوط التركية على السعودية بسبب مقتل خاشقجي.

وفي الرياض يبدو كبار أمراء العائلة المالكة في جبهة موحّدة دفاعا عن المملكة.

وأطلق العاهل السعودي ونجله حملة داخلية غير مسبوقة لتعزيز الروابط مع مختلف القبائل ورجال الدين وحشد الدعم والتأييد للعائلة المالكة، ولكن يبدو أن الأزمة قد قيّدت السلطات المطلقة لولي العهد.