علينا أن ننتظر قليلا من الوقت، حتى نرى رئيس الوزراء الإسرائيلي وهو يقتحم الحرم القدسي، فهذه مسألة وقت، يتم التجهيز لها، تدريجيا، وسنرى ذلك اليوم، بأم أعيننا.
لن
يكون ذلك غريبا، فقد سبقه في ذلك، أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوم
الثامن والعشرين من أيلول عام 2000 بما أدى إلى تصدي المصلين له، وللحراسات التي
كانت ترافقه، بما أدى إلى اندلاع الانتفاضة الثانية، التي أدت إلى ما أدت إليه، من
شهداء وجرحى.
إسرائيل
لا تتعلم، لأنها تعتبر الحرم القدسي، هو الدرة الناقصة في التاج الإسرائيلي، ولا
يمكن للمشروع الإسرائيلي أن يكتمل دون إقامة هيكل سليمان، وتغيير هوية القدس،
وتهويدها كليا، وهذا يعني أن إسرائيل الدينية والسياسية، سوف تسعى بكل الوسائل إلى
إكمال مشروعها، وهذا ما نراه في الواقع الديموغرافي، والهوية الاجتماعية، في مدينة
القدس، التي تتعرض إلى تغيرات خطيرة للغاية.
لماذا
علينا أن ننتظر حتى يدخل نتنياهو ذاته إلى المسجد الأقصى، حتى يكون هناك رد فعل
يؤدي إلى وقف إسرائيل عند حدها وحدودها، ونحن نراه كيف يساعد مباشرة، في تنفيذ
مخطط الاعتداء على المسجد الأقصى، بسماحه لأعضاء الكنيست، باقتحام المسجد الأقصى،
مرة واحدة شهريا، لكل عضو، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، إضافة إلى اقتحامات
المستوطنين، التي باتت شبه يومية؟!
لا
تنفصل حلقات المخطط، فالكل يصمت أمام اقتحامات أعضاء الكنيست أو أمام مجموعات
المستوطنين، حتى نصل لاحقا، إلى مرحلة نرى فيها ذات رئيس الحكومة الإسرائيلية،
ومعه وزراء يقتحمون المسجد، بحراسة الجيش الإسرائيلي، بعد أن يتم إذلال الذات
العربية، وتطويعها لهذا اليوم، تدريجيا، عبر تكريس الحق اليهودي في المسجد الأقصى،
تدريجيا.
إذا
اقتحم نتنياهو ووزراء من حكومته، يوما ما، المسجد الأقصى، فقد لا تندلع انتفاضة
ثالثة، قياسا على اقتحام شارون، وما تسبب به، من انتفاضة ثانية، لان الظروف
مختلفة، تماما، والمطابقة أو المقارنة بين ظرفين، قد لا تؤدي إلى ذات النتائج،
لكننا نقول بشكل واضح، أن كل ما نراه في الحرم القدسي، هو تعبير عن إرادة الحكومة
الإسرائيلية، وأجهزة الأمن، والكنيست، وبقية مكونات دولة الاحتلال، وليس مجرد
تعبير، عن حالات منفصلة لا ترابط بينها.
احتفاء
الاحتلال، بإعداد الذين تسمح لهم بالصلاة يوم الجمعة، وتسابقنا لنشر الأعداد، من
باب الفخر، بتمسك الفلسطينيين والمقدسيين بمكانة المسجد الأقصى، له توظيفات جانبية
كثيرة، اقلها محاولة تجميل وجه الاحتلال، باعتباره يصون حق المسلمين في الصلاة،
ويهب الفضل لمن يشاء، فوق مشاغلتنا بدلالات العدد، هذا على الرغم من أن الأولوية،
هي لقطع الطريق على من يدخلون المسجد، من أعضاء كنيست، أو مستوطنين، أو وزراء،
وليس التورط فقط، باحتفائية صلاة الجمعة، باعتبار أن حق الصلاة ما يزال متاحا، حتى
الآن.
الخطر
على الحرم القدسي، خطر وجودي، وموجة التهديدات الإسرائيلية، تتصاعد يوما، بعد يوم،
وإذا عدنا إلى سجل الاعتداءات والاقتحامات، خلال السنين الأخيرة، لاكتشفنا أنها
ارتفعت بشكل كبير جدا، وبشكل مختلف عن كل العقود السابقة، بما يؤشر على تحولات
علنية، لا يوقفها النظام الرسمي العربي، الذي يبشر بمنافع الصلح مع الاحتلال، ولا
يوقفها الإنسان العربي.
لقد
وصلنا إلى مرحلة باتت فيها كل القضايا، أولوية قبل المسجد الأقصى، والقدس، برغم أنهما
الأولوية الأولى، مثلما أن زوال الاحتلال، هو المدخل الوحيد لرفع اللعنات عن كل
هذه المنطقة.
عن صحيفة الدستور الأردنية