نشر موقع "آف بي. ري" الروسي
تقريرا، تحدث فيه عن العنصرية، التي تعدّ من الممارسات السلبية التي تنتشر في
عصرنا الحالي، والتي يحاول علماء النفس والاجتماع مواجهتها منذ سن الطفولة؛ تفاديا
لتطورها فيما بعد.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن الحملات التوعوية المناهضة للعنصرية عادة ما تُوجه
للبالغين، الذين تكون الأفكار والمبادئ العامة المتعلقة بمدى احترامهم للآخر راسخة
في أذهانهم، ما يعني أنه من الصعب التأثير عليها أو تغييرها. في المقابل، من
الضروري معالجة مشاكل العنصرية ومظاهرها منذ سن الطفولة؛ للحيلولة دون ظهورها من
الأساس.
وأفاد الموقع بأن علماء النفس عمدوا إلى
إجراء دراسة لتقييم مدى انتشار العنصرية، نظرا لأن معرفة حجم الممارسات العنصرية
في المجتمع يساعد على تبين أسبابها، وبالتالي مواجهتها بطريقة أكثر فاعلية.
وفي
هذه الدراسة، طرح العلماء عددا من الأسئلة على مجموعة من الأشخاص حول مشاعرهم تجاه
مجموعات معينة من الناس. لكن، لا يمكن اعتبار هذا الاستبيان معيارا، نظرا لأن
المشاركين في الاستبيان حاولوا الإجابة عن آرائهم بطريقة تتوافق مع المعايير
العامة للمجتمع. وفي وقت لاحق، تم تطوير هذه الدراسات التقييمية للممارسات
العنصرية.
وأكد الموقع أنه بحسب الدراسات والبحوث، تم
إثبات وجود تفكير عنصري واضح لدى الأطفال في سن مبكرة جدا، بل وأحيانا يمكن أن
تكون نسبة العنصرية لدى الأطفال قريبة من نسبتها لدى البالغين.
وتجدر الإشارة إلى
أنه في إحدى الدراسات قارن العلماء بين الفترة الزمنية التي ينظر خلالها الطفل إلى
وجوه أشخاص من العرق ذاته، وبين الفترة التي يستمرون فيها في النظر لوجه شخص من عرق
مختلف.
وبناء على هذا الدراسة، وجد العلماء أن
الأطفال الذين يبلغون عمر تسعة أشهر، يستمرون في النظر لفترة أطول للأشخاص من
العرق ذاته، بينما تختلف الفترة الزمنية التي يستمرون في النظر خلالها إلى شخص من
عرق مختلف. وبالتالي، يوجد لدى الإنسان ميل فطري لا شعوري للأشخاص المُشابهين له
على مستوى المظهر.
وأشار الموقع إلى أن هذا النوع من التفاعل
لدى الأطفال يعدّ أقرب إلى الميل النفسي للأشياء المألوفة، مقابل تجنب المجهول وغير
المفهوم. ويعتقد العلماء أن هذه الميول الفطرية تساهم في التطور الحضاري للإنسان،
حيث تساعد البشر على اختيار المجموعة الاجتماعية التي ينتمون إليها.
ولكن، قد تتغير هذه الميول مع مرور الوقت.
على سبيل المثال، يُمارس الأطفال ذوو البشرة الداكنة في الكاميرون العنصرية ضد
البيض، وهذا لأن المحيط الخارجي في غالبه يضم أشخاصا يمتلكون سمات خارجية تنتمي
للمجموعة ذات البشرة الداكنة. في المقابل، تمارس المجتمعات ذات الأغلبية البيضاء
العنصرية ضد ذوي البشرة الداكنة، وتعتبر أن أصحاب البشرة البيضاء في رُتبة اجتماعية
أعلى من الآخرين.
ونوه الموقع إلى أن العلماء، وفي إطار
محاولة إيجاد حل لظاهرة العنصرية، استغرقوا في بحوثهم الكثير من الوقت، واستنتجوا
أنه عندما يكون لدى البعض تفكير عنصري أو ممارسات عنصرية تجاه عرق آخر، فيجب
الجلوس مع أشخاص من هذا العرق ضمن مجموعة وليس كأفراد. وإثر هذه التجربة، عندما
طلب من شخص بالغ التعبير عن موقفه إزاء هؤلاء الأشخاص، تبين أن أفكاره العنصرية أصبحت أقل بكثير مما كانت عليه قبل هذه التجربة.
وفي دراسة جديدة، تم تطبيق هذه التجربة مع
الأطفال الصغار، أي تم جمع طفل من عرق ما (أبيض مثلا) مع 5 أطفال آخرين يجمعهم عرق
مغاير (بشرة داكنة)، مع الجلوس معهم لمدة 20 دقيقة. وإثر هذه التجربة، تبين أن
الأطفال البالغين من العمر خمس سنوات لم يظهروا أي مظاهر عنصرية تجاه الآخر.
وأكد الموقع أنه على الرغم من أن تأثير
الجلسة الأولى لم يدم طويلا، إلا أنه بعد انعقاد الجلسة الثانية عقب أسبوع، انخفض
مستوى العنصرية لدى نصف الأطفال المشاركين في هذه التجربة. وفي الوقت الحالي، يقوم
العلماء والأخصائيون بتطوير منهجية بحث بطريقة أكثر احترافية، تشتمل على وسائل
المرح والتسلية، ليُتاح للأطفال الأصغر سنا المشاركة فيها.
وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من أن نتائج
هذه البحوث والدراسات تمنح الأمل في إمكانية التخلص من العنصرية والتحامل على
الأعراق الأخرى، إلا أنها لا تعدّ عصا سحرية للتخلص من هذه الممارسات
اللاإنسانية. وفي بعض الأحيان قد تؤدي محاولة التخلص من العنصرية إلى نتائج غير
فعالة، بل قد يترتب عنها تبعات عكسية وغير متوقعة.
لكن، تكشف هذه التجربة أن الاختلاط مع أفراد
من أعراق مختلفة، والتحدث معهم، وتمضية بعض الوقت رفقتهم، قد يساهم في الحد من مستوى
العنصرية، ما يعني أنه يجب على الأولياء فتح المجال لأطفالهم للتواصل مع غيرهم من
الأطفال من أعراق مختلفة. في الوقت ذاته، ينبغي على الأولياء أنفسهم التواصل بشكل
أكبر مع أفراد من عرقيات مختلفة، والاندماج في مجتمعات تتسم بثقافة مختلفة.
وختمت الصحيفة أنه بطبيعة الحال، من أجل
الحد من مشاعر التحامل والعنصرية ضد الآخر، لا يكفي البحث عن أسباب هذه الممارسة
اللاإنسانية أو دراسة معتقدات وأفكار الشعوب حول هذه الممارسات، وإنما من الضروري
دراسة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى ظهور مثل هذه الممارسات
الخاطئة. في الأثناء، يجب الحرص على تأمين تعليم وتربية أخلاقية سليمة للأطفال.
للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط هنا