صحافة دولية

واشطن بوست: 5 خرافات حول المملكة السعودية.. تعرّف عليها

الرشيد: سياسة الرياض الإقليمية يكمن وراءها هدف رئيسي وهو الحفاظ على الملَكية والجمهورية السلطوية في العالم العربي- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقال رأي تحدث عن خمس خرافات تتعلق بالمملكة العربية السعودية، وكشف عن الحقائق التي تثبت أن هناك العديد من الأفكار التي تحوم حول المملكة، والتي تعد مجرد أساطير.

وقالت الباحثة السعودية المقيمة في بريطانيا، مضاوي الرشيد في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من الثروة النفطية الضخمة التي تتمتع بها المملكة ونفوذها الكبير على الصعيد الدولي، إلا أن قادتها لا يزالون يشعرون بخطر يزعزع قوتهم. وقد أدت هذه الوضعية الهشة التي يشعر بها حكام السعودية إلى انتهاج أسلوب زجري يهدف للتخلص من خصومهم ومنتقديهم.

وكشفت الرشيد أن الخرافة الأولى التي تتعلق بالمملكة العربية السعودية، تتمثل في كونها شريكا مهما للولايات المتحدة في حربها ضد إيران، إلا أن الحقائق الميدانية تثبت عكس ذلك. فعلى الرغم من كونها تنفق مبالغ طائلة للتزود بالأسلحة والعتاد العسكري، إلا أن النظام السعودي لا يستطيع خوض حرب بمفرده ضد العدو التاريخي للولايات المتحدة، إيران، ولا يمكنه مواجهتها بشكل فعال في حربه بالوكالة.

وخلال سنة 2015، شنت السعودية حربا في اليمن تهدف بشكل جزئي لوضع حد للنفوذ الإيراني على حدودها الجنوبية. لكن بعد مرور أربع سنوات تقريبا، لم تنجح الرياض في مساعيها، بل ألحقت الدمار بهذه البلاد. كما ساهمت في تعزيز النفوذ الإيراني في صفوف المتمردين الحوثيين في اليمن، وجعلت المدن السعودية هدفا لصواريخ الحوثيين.

وذكرت الرشيد أن الخرافة الثانية ترتبط بكون السعودية هي منبع للأصولية الإسلامية، حيث تقوم إيديولوجية البلاد على الفكر الوهابي. وفي العديد من الجمهوريات العربية الأخرى، نشأت الأصولية الإسلامية للتصدي للأنظمة العلمانية، لكنها في السعودية كانت نتاجا للدولة، ولم تتحول أبدا لحركة اجتماعية حقيقية. فعلى الرغم من أن أقلية من المواطنين السعوديين تؤيد هذا المشروع الوهابي، إلا أن الغالبية بقيت غير مقتنعة به، ويرفض العديد منهم بشدة الانضمام إليه.

وتتمثل المشكلة في أن المجال العام الذي يخضع لسيطرة الدولة مغلق في وجه الانتقادات المباشرة لسياساتها الإسلامية. أما الأصوات السعودية الناقدة التي رفضت الأصولية الإسلامية، بما في ذلك الناشط رائف بدوي والمدون حمزة كاشغري والكاتب حسن فرحان المالكي، فقد تم إسكاتها أو سجنها أو تسليط عقوبات جسدية عليها.

وتابعت الرشيد أن الخرافة الثالثة تكمن في أن السعودية حليف رئيسي للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب. وقد صرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر، أن الولايات المتحدة "بحاجة إلى المملكة العربية السعودية في حربها ضد الإرهاب"، مؤكدا الحكمة المتعارف عليها بشأن قدرة المملكة على المساهمة في احتواء العنف السياسي الإسلامي.

لكن الواقع يثبت عكس ذلك، إذ لطالما أدت السعودية دورا مركزيا في نشر الأيديولوجية الأصولية المنشقة التي بررت انتشار الإرهاب في جميع أنحاء العالم، على غرار هجمات 11 أيلول/ سبتمبر على نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأمريكية، وصعود تنظيم الدولة في العراق وسوريا سنة 2014، التي كانت جميعها قائمة على فكرة "الجهاد ضد الكفار".

وأضافت الباحثة أن الخرافة الرابعة تتجسد في خضوع المملكة العربية السعودية إلى إصلاحات ثورية من أعلى هرم السلطة، وهو ما كان توماس فريدمان، قد تحدث عنه في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حين أشاد بولي العهد السعودي لقيادته ثورة حديثة تتجلى في شن حملة لمكافحة الفساد وإنهاء الحظر على قيادة المرأة للسيارة، وإعادة الترفيه الشعبي وإعداد الاقتصاد لعصر ما بعد النفط.

لكن في الحقيقة، تسخر هذه النظرية من الثورة والإصلاح على حد سواء، إذ إن الثورة تتمثل في الإطاحة الكاملة بالحكومة والنظام الاجتماعي، وهو ما لم يحدث في السعودية. في الأثناء، يشهد التحول الاقتصادي تعثرا، مع تجاوز نسبة البطالة 12 بالمائة. فضلا عن ذلك، أصبح النظام الاجتماعي أكثر تقييدا وقمعا وخطورة. وانطلاقا من اعتقالات رجال الدين والناشطات، وصولا إلى مقتل خاشقجي، غالبا ما يتم توظيف الرعب المرتبط بالثورات لمنع التغيير السياسي الحقيقي.

وأوردت الرشيد أن الخرافة الخامسة ترتبط بكون السعودية قوة استقرار في الشرق الأوسط، وهو ما جادلت به مارسيل وهبة، السفيرة الأمريكية السابقة في الإمارات العربية المتحدة، في سنة 2017 حين قالت إن دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، تساعد في الحفاظ على حالة من الاستقرار. وكتبت وهبة أن "دول مجلس التعاون الخليجي يمثلون بالأساس ممالك ذات توجهات قائمة على الوضع الراهن، في حين يعد الاستقرار الإقليمي هدفا جوهريا".

مع ذلك، يعد الوضع الراهن أحد أهم مصادر انعدام الاستقرار في المنطقة. وقد اندلعت الانتفاضات العربية في سنة 2011 حين بدا أن هذا الوضع الراهن -الذي هو في الحقيقة عبارة عن عقود من الحكم الاستبدادي- انفجر تحت الضغط الديمغرافي والاقتصادي والسياسي على يد قوى داعمة للديمقراطية حقا. في الأثناء، عملت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها المذعورون في الخليج الفارسي كقوة مضادة للثورات، وعازمة على الإبقاء على الوضع الأوتوقراطي، وهو ما يتجلى في دعم الرياض للدكتاتور عبد الفتاح السيسي والحرب التي تشنها في اليمن.

وفي الختام، نوهت مضاوي الرشيد إلى أن سياسة الرياض الإقليمية الضالة، يكمن وراءها هدف رئيسي وهو الحفاظ على الملَكية والجمهورية السلطوية في العالم العربي، عوضا عن خلق استقرار على المدى الطويل.

 

لقراءة جميع ما نشر في "عربي21" عن قضية اختفاء خاشقجي اضغط (هنا)