كشف مصدر تركي من الحزب الحاكم، الجمعة، عن أن تركيا تسعى إلى وضع فقرة في القانون الدولي للتعامل مع الحالات المشابهة لما حصل مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
وأكد المصدر في حديثه لـ"عربي21"، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن هناك توجها حكوميا بذلك، بسبب ما واجهته السلطات من عدم القيام بمهامها بما تطلبه الموقف بسبب القانون الذي يمنع دخولها للقنصليات والسفارات الأجنبية، إلا بحالات قليلة ليس منها وقوع جريمة.
وتعد المباني القنصلية "غير قابلة للانتهاك" بموجب اتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 والعلاقات القنصلية 1963 على التوالي، والحالات الوحيدة التي يمكن للسلطات المحلية الدخول فيها دون إذن هي "في حالة نشوب حريق، أو أية كارثة أخرى تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية فورية".
ووفقا لذلك، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد أن الشرطة المحلية لم تتمكن من دخول القنصلية السعودية على الأراضي التركية دون حصولها على الموافقة السعودية، التي تأخرت جدا، فقد دخل المحققون الأتراك للقنصلية بعد 13 يوما من وقوع الجريمة.
ما واقعية التعديل؟
من جانبه، أوضح المحاضر في العلاقات الدولية في جامعة جورجتاون، داود خير الله، أن واقعية إحداث تعديل في اتفاقية فيينا ترجع إلى رغبة الدول الأطراف الموقعة عليها بذلك.
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الاتفاقات الدولية عادة يقتضي تعديلها الحصول على أغلبية معينة، وتصبح ملزمة للذين قبلوا بها، بعد التوقيع على التعديلات، وليس هناك شروط معينة غير توقيع عدد كاف من الدول عليها.
ولكنه أشار إلى أن أي إضافة إلى الاتفاقية لن يكون لها أثر رجعي، مستبعدا أن يصبح التعديل بمثابة عرف قانوني.
ولفت إلى ضرورة أن أي تعديل على الاتفاقية سيتوجب أن يكون واضحا غير مثير للجدل، ولا يمكن تفسيره على أكثر من وجه.
وعن الفترة الزمنية التي يمكن أن يستغرقها التعديل على الاتفاقية، أوضح خير الله، أن التحدي يكمن في الحصول على أغلبية، ووجود رغبة حقيقية من الدول بإضافة التعديل، ففي حال توفر ذلك، يمكن أن يتم خلال أسبوع واحد فقط.
الخوف من التعديل
في المقابل، نقلت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، عن خبراء قانونيين أنه من غير المحتمل أن تقبل الدول بتغييرات في الحصانة الدبلوماسية، على عكس ما تطالب به تركيا.
وأوضحوا أن إحداث تعديل على الاتفاقيات الدولية "مبدأ مقبول عالميا، ولكن نادرا ما يتم إحداثه".
وفي تقريرها الذي ترجمت "عربي21" أبرز ما جاء فيه، نقلت الوكالة عن أستاذ القانون في جامعة ميشيغان الأمريكية، ستيفن راتنر، قوله، إن سبب المعارضة لأي تعديل بحصانة القنصليات يعود إلى "الخوف من جعل ذلك كالعدوى، فإذا أعطينا الدول أي نوع من العذر لتعليق الحصانة للقنصليات، فقد تستفيد من ذلك وتستغله، الأمر الذي سيضر النظام العام".
توجه حقيقي
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أردوغان مهتما بتعديل الاتفافية، إذ لفت بوقت سابق إلى أن "اتفاقية فيينا باتت على المحك، وينبغي إعادة النظر فيها، وأن السيدة موغيريني تحدثت عن نقاش لهذه الاتفاقية التي تمنع السلطات من التحقيق مع موظفي القنصلية".
واعتبر أردوغان أن هذه التعقيدات تشكل عائقا أمام سير التحقيقات التركية حول الحادث، وذلك التزاما ببنود اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وبحسب ما اطلعت عليه "عربي21"، فإن اتفاقية فيينا تنص في المادة 22 على "حرمة مباني البعثة الدبلوماسية"، وتستبعد أي حق لدخول ضباط تنفيذ القانون من الدولة المضيفة، وتفرض على الدولة المضيفة حماية المقر من التسلل أو الضرر.
وتفرض الاتفاقية حرمة مستندات البعثة في المادة 24، وهي خارج مقر البعثة، ولا تسمح لأي شخص من الدولة المضيفة بتفتيشها، علاوة على ذلك، تعطي الاتفاقية حصانة للدبلوماسيين من التفتيش والمساءلة المدنية والجنائية بموجب المادتين 29 و31.
اقرأ أيضا: ما حدود تعامل تركيا مع "القنصلية" بقضية خاشقجي قانونيا؟
يشار إلى أن الاتفاقية في فيينا للعلاقات الدبلوماسية تم التوقيع عليها في 18 نيسان/ أبريل 1961، بعد إعدادها من اللجنة السادسة التابعة للجمعة العامة، بعد مناقشتها مع 21 حكومة.
وتتضمن اتفاقيات فيينا أيضا قواعد بشأن الأنشطة التي يمكن القيام بها داخل القنصليات والسفارات.
وعن تصريحات موغريني التي أشار إليها أردوغان، فقد سبق أن وصفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، فيديريكا موغيريني ، قضية خاشقجي بأنها "انتهاك صارخ" للمادة 55 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ، التي تنص على أنه "لا يجوز استخدام المباني القنصلية بأي طريقة تتعارض مع ممارسة الوظائف القنصلية".
لقراءة جميع ما نشر في "عربي21" عن قضية اختفاء خاشقجي اضغط (هنا)
ما يمكن معرفته عن المشتبه بهم بقضية خاشقجي (شاهد)
إلى أي مدى يمكن أن يدعم الغرب قضية خاشقجي؟
ما حدود تعامل تركيا مع "القنصلية" بقضية خاشقجي قانونيا؟