يحتفي العالم يوم غد الجمعة باليوم العالمي للمعلم مع تنامي الاتجاهات العالمية التي تربط النجاح في التعليم بزيادة منسوب الحرية للمعلم والمتعلم وتحرير ميدان التدريس من البيئة التسلطية الاستبدادية التي تقتل الإبداع وتدمر ملكات التفكير النقدي وتضعف القدرات المعرفية وتفسد التربية العاطفية والعقلية الصحية.
ومع زيادة الوعي بأهمية الحرية في الحقل التعليمي احتفت اليونيسكو العام الماضي باليوم العالمي للمعلمين تحت شعار "تعزيز حريّة التدريس، وتمكين المعلّمين".
فكيف تحتفي دولنا وحكوماتنا في المشرق العربي بيوم المعلم؟ وأين سيقضي رواد التعليم في الإمارات والذين كان لهم أدور بارزة في المسيرة التربوية الوطنية هذا اليوم؟
أين سيحتفي بيوم المعلم العالمي الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي المدير السابق للمناهج الوطنية في وزارة التربية وهو أول من وضع المناهج الوطنية بعد أن كانت مناهجنا تستورد من الخارج؟
أين سيحتفي بيوم المعلم العالمي الدكتور عيسى السويدي مدير منطقة أبو ظبي التعليمية ومؤسس المدارس النموذجية في الدولة؟
أين سيحتفي بيوم المعلم العالمي الموجهون التربويون الحائزون على الجوائز التعليمية أمثال الأستاذ/ حسين النجار والأستاذ فؤاد الحمادي والأستاذ/ نجيب الأميري والأستاذ/ حسين الجابر؟
أين سيحتفي بيوم المعلم العالمي رؤساء جمعية المعلمين أمثال الدكتور/ سيف محمد العجلة والأستاذ/ عيسى معضد السري؟
أين سيحتفي بيوم المعلم العالمي مدراء المدارس مثل الدكتور/ محمد علي المنصوري والأستاذ/ أحمد صقر السويدي والأستاذ/ صالح الظفير والأستاذ/ أحمد الطابور النعيمي والأستاذ/ سعيد ناصر الواحدي؟
وأين سيحتفي بيوم المعلم العالمي أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعات من أمثال الدكتور/هادف العويس والدكتور إبراهيم الياسي وغيرهم من المعلمين مثل الأستاذ/ سالم موسى الحليان الطنيجي المعتقلين بدون وجه من ضحايا حرية الرأي؟
بل كيف يحتفي في يوم المعلم بقية المعلمين الذين سلموا من الاعتقالات ولكنهم يشعرون في نفس الوقت أن السياسات الأمنية حولت الوطن كله إلى معتقل كبير ويمكن أن يتعرضوا فيه بأي لحظة للإخفاء والتغييب القسري والتعذيب نتيجة أي وشاية أمنية أو مجرد التفكير في التعبير عن رأي لا يعجب الملأ الأعلى؟
كيف يحتفي بيوم المعلم العالمي المعلمون الذين يتوافدون تباعاً لتقديم استقالاتهم من ميدان التعليم؟ وهل فكرنا للحظة واحدة ما الذي يجعل حقل التعليم في بلادنا بيئة طاردة للكفاءات؟ ولماذا يتسرب من هذا الميدان المعلمون باستمرار؟
بأي حق تستقبل الإمارات يوم المعلم العالمي وكبار المعلمين والخبراء التربويين يقبعون في أقبية سجون النظام منذ سنوات طويلة ويتعرض بعضهم للتعذيب ويعيش البقية خارج السجون في بيئة قمعية يسوده الخوف والرعب؟
وكيف نستقبل اليوم العالمي للمعلم وما يزال حقل التعليم بيئة طاردة للمعلمين فالاستقالات تتوالى من هذا الحقل بعد فشل الإدارات المعنية بتحويل العمل في ميدان التعليم إلى خيار جذاب مع غياب مناخات الحرية وفي ظل البيئة الأمنية التسلطية؟
هناك خيار وحيد للتصالح مع العلم والإنسان والوطن والتحديث والتنمية يستلزم رفع القبضة الأمنية واحترام كرامة المواطن وتوفير مناخات الحرية والعدالة وجميع الأوهام التي تسيطر على البعض بإمكانية بناء إنسان نمطي بمواصفات خاصة تتفق مع الأمزجة التسلطية ستتهاوى يوماً ما وحينها سيدرك الجميع كم بددوا من جهود عبثية في سبيل أهداف أنانية وغايات جشعة.
سيدرك الجميع أن قانون الفطرة الإنسانية لا يتعايش مع الطغيان وأن جميع وسائل الترفيه التي تتجاوز الحرية والكرامة قد تنجح في التعامل مع قطيع من الكائنات الحية ليس منها الإنسان الذي خيره الله بين العبادة الطوعية والعبادة الاختيارية فاختار أمانة التكيف الحرة التي رفضتها السموات والأرض فحتى جنة الخلد لا يمكن السير إليها بطريق إجباري دون إتاحة الحرية للإنسان ليختار الطريق المستقيم بكامل حريته.
في اليوم العالمي للمعلم نرفع القبعة احتراماً وتقديراً لجميع معلمي الإمارات القابعين في السجون الصغيرة أو القابعين في سجن أكبر تحت أسوار القبضة الأمنية القمعية ونسأل الله أن يرفع كرب الجميع ويهدي الجميع إلى سواء الرشاد.