نشرت صحيفة
"فيلت" الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى آثار الاعتداءات الجنسية
على نفسية الأطفال. ومن الواضح أن الاعتداء الجنسي يظل كابوسا راسخا في ذهن الطفل
على مدى حياته، إذ لا تشفى الضحية من آثار الاعتداء الجنسي إلا في حال خضعت للعلاج
بصفة مبكرة.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن التحقيقات الأخيرة كشفت
أن عددا من القساوسة ارتكبوا جرائم اغتصاب في حق أطفال في ست كنائس أسقفية
بولاية بنسلفانيا. ووفقا لتقرير هيئة المحلفين، ارتكب 300 قس جرائم اغتصاب في حق
أطفال بعد الحرب العالمية الثانية. كما كشفت دراسة أجرتها هيئة الأساقفة بألمانيا
أن 1670 جريمة اغتصاب ارتكبت خلال الفترة الممتدة بين سنة 1946 و2014.
ونقلت الصحيفة عن الطبيب
النفسي المختص في طب نفس الأطفال والمراهقين، أندرياس كروغر، أن "الاعتداء
الجنسي يخلف آثارا نفسية كارثية دائمة". وأضاف كروغر أن "شفاء الطفل من
آثار الاعتداء الجنسي ممكن في حال خضع الطفل للعلاج بصفة مبكرة، أو سنحت ظروفه
العائلية بالعلاج، أو وجد الطبيب تجاوبا من الطفل وعائلته".
وأشارت الصحيفة إلى أن
طول مدة الاعتداء الجنسي مرتبط بسن الطفل، فكلما كان الطفل صغيرا في السن وثق في
جلاده أكثر، وبالتالي ستطول مدة الاعتداء الجنسي أكثر وتكون آثار الاعتداء الجنسي
كارثية بشكل أكبر. وعادة ما يعاني ضحايا الاعتداء الجنسي من اضطرابات ما بعد الصدمة.
وفي أسوأ الحالات، يشعر الطفل بتوتر شديد. وبهذه الطريقة، تتغير البيولوجيا
العصبية للطفل، ما يؤثر على ذاكرته.
وأوضحت الصحيفة أن تفاصيل
حادثة الاعتداء الجنسي تبقى راسخة في ذهن الطفل. وحتى بعد مرور سنوات، يستحضر
الطفل حيثيات اغتصابه عند حدوث حدث قادح. وعند وجود عامل مسبب أيا كان نوعه، يمكن
أن يستحضر الطفل تفاصيل ما تعرض له من عنف جنسي.
وأضافت الصحيفة أن
الأطفال المُعتدى عليهم يعانون من العصبية واضطرابات النوم. كما يحاول بعضهم علاج
الآلام الداخلية والخارجية عن طريق تناول بعض الأدوية والمسكنات. كما يواجه ضحايا
الاعتداءات الجنسية خطر الإصابة ببعض الأمراض النفسية، على غرار الاكتئاب
والاضطرابات الفصامية. وحيال هذا الشأن، أفاد الطبيب النفسي كروغر بأن
"الاضطرابات النفسية قد تمتد طوال الحياة في حال لم تُعالج".
وأشارت
الصحيفة إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا لاعتداءات جنسية يواجهون مشاكل في التواصل
مع الآخرين. وقد اعترف الكثير من ضحايا الاعتداءات الجنسية بأنهم وجدوا صعوبات في
إقامة علاقات مع أشخاص آخرين. وينطبق هذا الأمر خاصة على الأطفال صغار السن؛ لأنهم
يثقون في الآخرين بسذاجة. وقد أورد المختص في الطب النفسي كروغر أنه "في حال
تعرض الطفل للخداع من قبل شخص يثق فيه، سيفقد الثقة في الجميع".
وأوردت الصحيفة أن الشخص
الذي يتعرض للاغتصاب يفقد الثقة في الآخر. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، تخشى الفتاة
التي تعرضت للاغتصاب من لمسة أبيها. علاوة على ذلك، تخلف الاعتداءات الجنسية أضرارا
بدنية، فوفقا لدراسة أجريت سنة 2016، تبقى آثار التهابات الدم بادية على جسد
الضحية حتى بعد سنوات من حادثة الاعتداء الجنسي. وفي هذه الحالة، يمكن أن تُدمر
الخلايا، ويتضرر الجهاز المناعي للمُعتدى عليه.
كما كشفت الدراسة أن
الأشخاص الذين عاشوا صدمة خلال طفولتهم معرضون للإصابة بمرض الانسداد الرئوي
المزمن وأمراض القلب. وقد نوه الطبيب النفسي كروغر بأن "الاعتداء الجنسي يكون
أكثر خطورة إذا كان المعتدي رجل دين". وقد ذكر كروغر أن "الكهنة
يوهمون ضحاياهم بأن ما يحدث لهم بإرادة الله، وأن الشيطان سيعاقبهم في حال لم يستجيبوا
لإرادتهم. وفي بعض الأحيان، يخبر الكاهن الطفل بأنه قرر الاعتداء عليه بسبب الذنب الذي ارتكبه".
ونقلت الصحيفة عن كروغر أن "ضحايا الاعتداء الجنسي يفقدون الثقة في آبائهم؛ نظرا لأن
القساوسة يخبرونهم بأن آباءهم موافقون على ما يحدث لهم. وبهذه الطريقة، تسوء علاقة
المعتدى عليهم بذويهم. وعلى الرغم من أنهم يعيشون رفقة عائلاتهم، إلا أنهم يعيشون
في عزلة".
وذكرت الصحيفة أن ضحايا
الاعتداءات الجنسية يتحولون إلى مجرمين. ووفقا لدراسة اجتماعية أجرتها جامعة
شتوتغارت، تبين أن ضحايا الاعتداءات الجنسية أكثر عرضة لارتكاب جرائم جنسية في حق
الأطفال. ولعل هذا ما أكده استطلاع رأي أجري سنة 2012.
ونوهت الصحيفة بأن
المعطيات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية غير دقيقة. وعلى الرغم من أن إحصائيات
الشرطة الجنائية الألمانية كشفت أن 13.539 طفلا تعرضوا خلال السنة الماضية
للاعتداء الجنسي، إلا أن العديد من حالات الاعتداء الجنسي لم يُبلغ عنها. والجدير
بالذكر أن الكثير من ضحايا الاعتداءات الجنسية يشعرون بالخجل، ويخشون من تدمير
عائلاتهم؛ لذلك يعجز الكثير من الأطفال صغار السن عن رواية تفاصيل ما تعرضوا له من
عنف جنسي.
للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا