خصصت صحيفة "التايمز" تقريرا تتحدث فيه عن مشكلة المسلمين الإيغور في إقليم تشينجيانغ، في غرب الصين، تقول فيه إن برامج إعادة التثقيف هي محاولة للضغط على المسلمين باسم مكافحة الإرهاب.
وتقول الصحيفة إن الصين تريد محو الآراء الدينية المتطرفة بين 11 مليون مسلم صيني في إقليم الإيغور، مشيرة إلى أن السلطات الصينية تحمل المتشددين الذين تأثروا بالأفكار الأصولية مسؤولية العنف الذي ارتكب في المناطق الواقعة خارج الإقليم،
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أنه لهذا أنشأت ما يمكن وصفها بالمراكز التعليمية من أجل محاربة التشدد؛ في محاولة "لتطهير" أفكار السكان الإيغور، مشيرا إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تعتقد أن هناك مليونا من المسلمين الإيغور معتقلون في هذه المراكز، ولا يواجه هؤلاء اتهامات بارتكاب جرائم.
وتذكر الصحيفة أن الرئيسين المشاركين للجنة التنفيذية في الكونغرس لشؤون الصين ماركو روبيو وكريس سميث، وصفا المعتقلات بأنها "أكبر معتقلات الأقلية في العالم"، مشيرة إلى أنه عندما ووجه رئيس الوفد الصيني هو ليناهي بمساءلة في المفوضية السامية لحقوق الإنسان هذا الشهر، فإنه رفض الاتهامات، لكنه قال إن "هؤلاء الذين خدعهم التطرف الديني ستتم مساعدتهم من خلال إعادة توطينهم وتعليمهم من جديد".
ويستدرك التقرير بأن الأدلة تكشف عن أن جهود الحكومة الصينية ذهبت أبعد من المساعدة، حيث تكشف الوثائق وصور فضائية عن توسع سريع لمنشآت عالية السرية والأمن في المنطقة، فيما وصف الناجون ظروفا قاسية وعمليات تثقيف مستمرة في داخل المعسكرات، لافتا إلى أن الآباء من أقلية الإيغور فصلوا عن أبنائهم الصغار، الذين تم وضعهم في ملاجئ أيتام، فيما سجلت حالات وفاة في داخل معسكرات الاعتقال.
وتكشف الصحيفة عن أن الخوف يسود في إقليم تشينجيانغ المراقب، الذي تصفه تقارير إعلامية بالسجن الكبير، حيث تقوم شبكات الرقابة بمراقبة كل مواطن، مشيرة إلى أنه تم استهداف من هم تحت سن الأربعين في إحدى المحافظات لإعادة تعليمهم؛ نظرا لكونهم عرضة للتأثر بالفكر المتطرف، بحسب ما أورد راديو الحكومة الأمريكية "راديو فري آسيا/ إذاعة آسيا الحرة".
ويشير التقرير إلى أنه من بين الجرائم التي قد تؤدي إلى تشرب شخص أفكارا متطرفة، السفر إلى الخارج، أو وجود قريب يعيش في دولة أخرى، أو ارتداء الحجاب، لافتا إلى قول صوفي ريتشاردسون من منظمة "هيومان رايتس ووتش" إن "السلطات الصينية تقوم باعتقال الأشخاص في مراكز (التعليم السياسي) ليس لأنهم ارتكبوا جرائم، لكن لأنه لا يوثق بهم".
وتفيد الصحيفة بأن عرق الإيغور المتحدث باللغة التركية ظل الغالبية في الإقليم الذي ضمته الصين في القرن التاسع عشر أثناء حكم عائلة قينغ، حيث أصبح اسمه تشينجيانغ أو "الجبهة الجديدة"، وأنشأ الإيغور في بداية القرن العشرين جمهورية عندما كانت الصين تعيش في حالة من الفوضى، إلا أن السلطات الصينية أعادت الإقليم وأخضعته من جديد بعد الثورة الشيوعية عام 1949.
ويلفت التقرير إلى أن الاضطرابات اندلعت من جديد، حيث أرسلت السلطة الشيوعية الجنرال وانغ زينغ، الذي قام بقمع الثورة بطريقة وحشية، لدرجة أن أمهات الإيغور بقين لعقود يخفن أبناءهن بالجنرال الملتحي وانغ، مشيرا إلى أن عشرات الآلاف من الإيغور قتلوا في عمليات القمع العسكرية، وعبر الإيغور عن سخطهم من تدفق الصينيين أبناء عرقية الهان، الذين قاموا بالسيطرة على أراضيهم، ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية والثقافية.
وتبين الصحيفة أنه تم خلال الثورة الثقافية عام 1966- 1977، إغلاق المساجد في تشينجيانغ كلها، حيث تبنت بكين سياسة معادية للدين، فيما تم تخفيف القيود على سكان الإقليم بعد وفاة ماوتسي تونغ، حيث شهدت هذه الفترة ازدهارا ثقافيا وأدبيا وإحياء للتقاليد وفترة سلمية نوعا ما، مستدركة بأن التوتر بدأ يتصاعد بسبب السياسات التمييزية التي مارستها بكين ضد الإيغور، وتفضيل الهان في المنطقة الغنية بالنفط.
وينوه التقرير إلى أنه بدلا من معالجة مطالب الإقليم بحكم ذاتي، بحسب ما ينص عليه الدستور، فإن الحكومة ردت بحملات قمع ضد ما رأت أنها نزعات انفصالية، وفي مرحلة ما بعد 11/ 9، واعتبرتها أعمال شغب، ووصفت القادة الذين يقفون وراءها بالإرهابيين.
وبحسب الصحيفة، فإن الخبراء في شؤون الإرهاب الدولي لم يجدوا أي صلة بين المتشددين الإيغور والجماعات الإرهابية، وحذروا بكين بأنها تدفع بهذا الاتجاه من خلال قمع جماعة إثنية مسلمة، لافتة إلى أن هناك تظاهرات اندلعت في تموز/ يوليو 2009، التي قتل فيها أكثر من 200 في الاحتجاجات التي شهدتها عاصمة الإقليم أورومتشي، بناء على مزاعم اغتصاب إيغوريين في جنوب الصين، وردت الحكومة بتشديد الرقابة على الإنترنت.
ويشير التقرير إلى أن العنف زاد وتوسع، حيث بدأ المتشددون الإيغوريون باستهداف الأهداف المدنية، مثل القطارات، ودهس المدنيين في الأماكن المزدحمة، بعدما كانوا يضربون المؤسسات التابعة للحكومة والجيش.
وتفيد الصحيفة أنه نظرا لفشل زانغ تشونتشيان في قمع العنف خلال فترته كونه رئيسا للحزب الشيوعي، فإنه تم عزله من منصبه، وتعيين تشين عوانغو، المعروف بسياساته التعسفية في منطقة التيبت، وأصبح مسؤولا عن إقليم تشينجيانغ والحرب ضد الإرهاب فيه منذ عام 2016، وتم تشريع قانون في آذار/ مارس 2017 لتحقيق الاستقرار، ومنع المعتقدات الإسلامية المتطرفة، وكذلك التصرفات المتأثرة بالتفكير الراديكالي، حيث يقضي القانون بإعادة تثقيف من هم عرضة للتأثر بالأفكار المتطرفة، ويتميز هذا القانون بالغموض، ويمنع أي فكرة لا تتواءم مع الفكر السياسي للحزب.
ويذكر التقرير أن شابا عمره 17 عاما من الإيغور مات في العام الماضي، وذلك أثناء عمليات إعادة التثقيف؛ لأنه سافر إلى تركيا، مشيرا إلى أنه تم نقل حوالي 40% من سكان قرية إيغورية، البالغ عددهم 1700 إلى مدارس إعادة التعليم، حيث خلفوا وراءهم أطفالا دون عناية، ونقلوا إلى ملاجئ الأيتام.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الشاب إيمان (اسم مستعار) وهو من الإيغور ويدرس في إحدى الجامعات الأمريكية، يتذكر الحياة في المعتقل، حيث نقص الطعام والمياه، وإجبار المعتقلين على مشاهدة أفلام إعادة التثقيف، الذي حذروه عندما أفرج عنه قائلين: "أي شيء تقوله في أمريكا الشمالية فإن عائلتك هنا، ونحن أيضا هنا".
أوبزيرفر: المال أداة حروب ترامب.. هل يؤدي لنتائج عكسية؟
الغارديان: قادة مسلمون يطالبون بالتحقيق الكامل مع جونسون
بلومبيرغ: هكذا تبرر الصين القمع ضد المسلمين