نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن سوق الشغل والتغييرات التي ستطرأ عليها بحلول سنة 2030.
وفي هذا الصدد، نشرت العديد من شركات استشارات الأعمال تقارير تكهنت فيها بالتطورات المستقبلية والتي تسلط الضوء على مهن المستقبل والأخرى التي ستغدوا دون مستقبل. وبشكل عام، توصلت غالبية الشركات إلى نفس الاستنتاجات.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأتمتة والثورة الصناعية لن تكون مصدرا يثير القلق بالنسبة لجميع القطاعات.
وخلال الأشهر الأخيرة، أكدت إحدى التقارير الصادرة عن شركات مثل ماكنزي أو برايس ووتر هاوس كوبرز أن تأثير التغييرات التكنولوجية أمر يبعث الأمل، سواء بالنسبة للعمال أو رجال الأعمال.
ووفقا لهذه التقارير، من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في دعم الاقتصاد العالمي بقيمة 15.7 بليون دولار بحلول سنة 2030.
وعلى الرغم من أن التطور التكنولوجي سيسبب اندثار ملايين مواطن الشغل، إلا أنه سيساهم في تعويض هذه الخسارة بعدد مماثل من الوظائف الجديدة.
وأوردت الصحيفة أن الأتمتة والروبوتات ستمثل فرصة بالنسبة لرجال الأعمال لزيادة أرباحهم، في الوقت الذي يدخرون فيه أموال طائلة كانت تخصص لدفع أجور الموظفين.
لكن، سيكون الوضع صعبا نوعا ما بالنسبة للعمال. ووفقا لشركة برايس ووتر هاوس كوبرز سيتضرر حوالي 40 بالمائة من مواطن الشغل التابعة لقطاعات على غرار النقل. في نفس الوقت، ستشهد قطاعات أخرى نوعا من الازدهار.
اقرأ ايضا : السعودية تمنح النساء فرصا وظيفية جديدة كانت محظورة
وذكرت الصحيفة أن تقارير أخرى أكدت أن 14 بالمائة من الوظائف في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قابلة للأتمتة بكل سهولة في عصر الذكاء الاصطناعي. وترتفع هذه النسبة خاصة في إسبانيا وإيطاليا وقبرص.
ومن بين القطاعات المتضررة في هذا السياق، يمكن الحديث عن الوظائف المادية واليدوية، التي ستنخفض بنسبة 14 بالمائة بحلول 2030.
أما القطاعات الأكثر تضررا فستكون تلك التي تعتمد على قدرات معرفية أساسية، على غرار تسجيل البيانات، والتي ستشهد انخفاض مواطن الشغل فيها بنسبة 15 بالمائة.
وأوضحت الصحيفة أن الوظائف التي ستستفيد من الثورة الصناعية المقبلة، ستكون تلك التي تعتمد على مهارات وقدرات معرفية عالية، والتي ستسجل ارتفاعا بنسبة ثمانية بالمائة.
ومن بين هذه الوظائف التي ستلاقي رواجا في المستقبل، نذكر المهن التي تهتم بحل المشاكل والتي تتطلب مهارات اجتماعية وعاطفية مثل العمل الجماعي والمهارات التكنولوجية.
في هذا السياق، ستكون قطاعات الصحة والتعليم والتسويق والتصرف هي المهيمنة. وفي ظل هذا الوضع أكدت شركة ماكنزي أنه سيضطر ما بين 75 و375 مليون شخص إلى التكيف مع التغيرات التي ستطرأ أو سيجدون أنفسهم من بين العاطلين على العمل.
وأوردت الصحيفة أن المهن التي يصعب أتمتتها مرتبطة أساسا بالإدراك والوعي وأيضا التحليل. ويوجد في هذه القائمة أيضا الوظائف المرتبطة بالذكاء الاجتماعي، وأيضا بالذكاء الإبداعي؛ أي تلك المتعلقة بالبحث عن أفكار فريدة من نوعها. أما باقي القطاعات، فهي قادرة على الاستغناء عن البشر من حلقاتها.
اقرأ أيضا : لبحث توظيف 10 آلاف شاب.. وزير العمل الأردني يزور قطر
وأضافت الصحيفة أن الأتمتة والثورة الاقتصادية ستؤثر بشكل متفاوت في مختلف القطاعات. وعلى سبيل المثال، سيكون قطاع الصحة الأقل تضررا إذ ستلاقي الوظائف المتعلقة بالعناية والتمريض زيادة في الطلب بشكل ملحوظ.
في الأثناء، ستلاقي المهن المتعلقة بالإدارة تراجعا ملحوظا. في المقابل، سيكون جزء كبير من المهن التي تندرج ضمن قطاع التجارة قابلا للأتمتة بسهولة تامة.
ونقلت الصحيفة أن القطاع المالي سيشهد اختفاء المحاسبين والمراقبين والبائعين، حيث أن مهامهم تتطلب معارف أساسية لا غير.
وسيحدث نفس الأمر في قطاع الطاقة، الذي سيشهد استبدال الوظائف التي تتطلب قدرات معرفية أساسية ومنخفضة بالتكنولوجيا.
وبينت الصحيفة أن سوق الشغل ستشهد ثورة بأتم معنى الكلمة، مما يفترض التكيف مع التطورات التي ستحدث لتجنب البقاء دون شغل.
وتتفق غالبية الشركات التي تم استشارتها حول أن الشركات ستلجأ إلى "العمال المستقلين" والعاملين المؤقتين كي يشغلوا مواطن الشغل الجديدة.
وحيال هذا الوضع، أبدى 19 بالمائة من الرؤساء التنفيذيين قلقهم خاصة وأنهم لا يملكون المعارف اللازمة للتكيف مع التغييرات التكنولوجية.
وقالت الصحيفة إنه في ظل هذا الوضع ستجد الشركات نفسها أمام جملة من الخيارات لتتكيف مع التغيرات التي ستظهر بحلول سنة 2030.
ومن بين هذه الخيارات، نذكر إعادة تدريب الموظفين القارين، أو إعادة تعيينهم بتسليمهم المهمة التي تتكيف أكثر مع مهارات كل منهم، أو إعادة التعاقد مع موظفين جدد حسب المهارات المطلوبة.
ومن بين الحلول الأخرى التي ستلجأ لها الشركات نذكر التعاقد مع موظفين مستقلين، وأيضا الاستغناء على الموظفين غير القادرين على التكيف مع الوضع.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن التوقعات التي كشفتها عنها شركات استشارات الأعمال قابلة للتحقق في المستقبل، وحتى قبل سنة 2030، خاصة وأن العلامات التي تنبأت بها قد ظهرت منذ حوالي عقد من الزمن.
في الآن ذاته، تتوقع شركة ماكنزي أن تفاقم التغيرات في سوق الشغل من التوترات الاجتماعية وتؤدي إلى ظهور فجوة بين المهارات والرواتب.