الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ اليوم
الأول في البيت الأبيض، وهو يتوعد عرب الخليج بالويل والثبور، إن لم يدفعوا أموالا طائلة للإدارة الأمريكية تحت ذريعة حماية
تلك الدول، كما يزعم في الماضي والحاضر والمستقبل، السؤال من هو العدو المتربص بنا
في الخليج ولا نستطيع الدفاع عن أنفسنا وردع ذلك العدو؟ والسؤال الأدق: الرئيس ترامب
ظهر مؤخرا على شاشات التلفزة الأمريكية والعالمية، يوجه كلامه للسعودين والإماراتيين؛ بأنكم إذا كنتم تريدون الحماية فعليكم زيادة إنتاج البترول، لسد العجز إذا شُدد الحصار على
إيران وتعذر عليها تصدير النفط من حقولها النفطية. الرئيس الأمريكي السابق أوباما قال
إن تهديد أنظمة الحكم في الخليج، يأتي من الشعب في داخل كل دولة وليس من الخارج، وأكد
ذلك القول الرئيس الحالي ترامب. يذهب بعض أصحاب النوايا غير الحسنة إلى القول، "إن الرئيس ترامب يدرك أن الشعب العربي في الخليج ليس راضيا عن معظم حكامه، وأن
سُحب الربيع العربي تلبد سماء المنطقة منذرة تلك الدول بقرب زوال أنظمتهم، ليس بعدوان
خارجي وإنما داخلي، إذا لم يستجيبوا لدعاة الإصلاح.
(1)
اهتزت العروش وتسابقوا يدفعون كل ما طُلب
منهم من مال وبترول، وفي هذا الإطار أصدر مجلس الوزراء السعودي الثلاثاء الماضي الثالث
من تموز/يوليو الحاري بيانا نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) الرسمية، جاء فيه
"إن السعودية مستعدة لاستخدام طاقتها الإنتاجية النفطية الاحتياطية عند الحاجة، وإن هدفها، أي السعودية،
تحقيق التوازن والاستقرار في الأسواق العالمية. "لحقت بها الإمارات وصرح وزير الطاقة
الإماراتي المزروعي يوم الثلاثاء الماضي (لاحظ اليوم ذاته الذي صدر فيه البيان السعودي)، إن بلاده على استعداد للمساهمة في تخفيف أي نقص محتمل في إمداد النفط".
(2)
الواجب الوطني، في هذه الظروف التي نمر
بها في الخليج والعالم العربي، يحتم المحافظة على الإنتاج الحالي للنفط؛ كي ترتفع الأسعار
وتستطيع هذه الدول الإنفاق لتحقيق رؤية 2030 دون أي عجز يواجه تحقيق تلك الرؤية. إذا
كان هؤلاء الحكام الخليجيون يعتورهم الخوف من غضب الشعب، وبالتالي تهاوي تلك الأنظمة
وينشدون الحماية من أمريكا، فهذا أمر خطير.
إن حماية أي نظام سياسي من الانهيار يجب
أن يعتمد على الشعب وليس على أي قوة أخرى خارجية،
ولتحقيق ذلك، أي وقوف الشعب حاميا لنظام حكمه وسيادة وسلامة أراضيه، يجب على تلك الأنظمة
الالتفات إلى الجبهة الداخلية وتحصينها من أي نوازع سوء، يقتضي الأمر إعطاء الشعب حق
المشاركة في صناعة القرار، أي انتخاب مجلس نيابي له حق التشريع والرقابة، واستقلالية
القضاء، والقضاء على الفساد والمفسدين، عدم التصرف في المال العام فذلك ملك للشعب،
وبناء جيش يعتد به في مواجهة أي تهديد لأمن وسلامة البلاد ونظام الحكم.
أضرب مثلا بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز
عندما قام عليه الانقلاب العسكري في كركاس عام 2002 م وأُلقي القبض على الرئيس ونفيه إلى جزيرة أور شيللا في عمق المحيط،
ثار الشعب الفنزويللي على الانقلابيين وأسقط قادته واستعاد الحكم من أيديهم، ورد الرئيس
شافيز إلى قصر الرئاسة بعد يومين من الانقلاب، وبقي زعيما للبلاد إلى أن توفاه الله
عز وجل.
مثل آخر: محاولة الانقلاب التركية الفاشلة
الأخير 15 تموز/يوليو 2016 على الرئيس رجب طيب أردوغان، هب الشعب التركي بكل مكوناته، إلا
الانقلابيين وأنصارهم، للتصدي للانقلابيين بصدور عارية واجهوا بها دبابات الانقلابيين وجنودهم الذين خرجوا مدججين بالسلاح
للسيطرة على المؤسسات الحكومية والطرق العامة بهدف إسقاط النظام. نجح الشعب في الاحتفاظ
بقيادته السياسية برئاسة أردوغان. قصدي أقول ليس هناك قوة في الأرض تستطيع المساس بأي
نظام حكم، ما دامت الجبهة الداخلية محصنة بنظام يحترم المواطن ويعطيه حقوقه، ولا حاجة
للنظام بقوة خارجية تحميه.
(3)
إذا كان ولابد من الاستجابة لأوامر الرئيس
الأمريكي بزيادة إنتاج البترول من كل دولة من الدول الخليجبية التي لديها وفرة في احتياطي
البترول، وهي في هذه الحالة الكويت والسعودية والإمارات، فعلينا أن نفرض 50 سنتا أمريكيا
(الدولار الأمريكي 100 سنت) على كل برميل ينتج يوميا ويصدر للخارج، هذه الزيادة تخصص
للشعب الأردني ليستطيع إيواء أي عدد من اللاجئين خارج المدن. وإذا لم تستطع هذه الدول
فرض زيادة 50 سنتا لكل برميل يُنتج زيادة، فعليها أن تمد الأردن بكل احتياجاته من
الوقود مجانا أو بأسعار رمزية، وأن تكون الأردن الأوْلى بالرعاية كما كانت تركيا في
العهود السابقة، وخاصة في حرب الخليج، إن ذلك الإجراء يخفف الأعباء المالية على الميزانية
الأردنية، ويخفف عبء تصاعد أسعار الوقود على المواطن الأردني التي تنعكس على بقية السلع
والخدمات.
آخر القول: الأردن هو مفتاح الحدود
الشمالية لدول الخليج العربي، فلا تدفعوا به لفتح الأبواب لجحافل اللاجئين للعبور إلى
جزيرة العرب. واعلموا يا حكامنا الميامين أنه لا عاصم لكم في الخليج العربي بعد الله،
إلا الشعب، فاجعلوه شريككم في صناعة القرار كما ذكرت أعلاه.
الشرق القطرية