بعد إجازة عيد الفطر، من المفترض أن يدعى البرلمان لدورة استثنائية،
على رأس جدول أعمالها مناقشة طلب الثقة بحكومة الدكتور عمر الرزاز.
الرئيس المكلف يستعد لتقديم بيان نوعي للنواب، يحاكي جملة المتغيرات
السياسية والاقتصادية التي كان لها الدور الحاسم في تكليفه بتشكيل حكومة جديدة،
ينظر إليها بكثير من التفاؤل لتكريس نهج جديدة في الإدارة العامة للبلاد.
قبيل أيام من تكليف الرزاز، كان مشروع قانون ضريبة الدخل هو البند
الأهم على جدول "الاستثنائية"، لكن التطورات اللاحقة قلبت الأولويات.
الرئيس الجديد أعلن سحب مشروع القانون بعد لقاءات جمعته بأركان السلطة التشريعية
والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة.
كان وقع الخطوة مؤثرا في الشارع واستقبلها الشارع بترحيب وتقدير زاد
من رصيد الرزاز الشعبي. وبالتزامن مع ذلك، أصدر صندوق النقد الدولي بيانا إيجابيا
حيال الأردن وأعلن عن تقديم شريحة من القرض للحكومة، في خطوة تخالف تقديرات
الحكومة السابقة التي قالت مرارا إن تعديل قانون الضريبة في هذا التوقيت متطلب
إجباري من قبل الصندوق لا يمكن تأجيله أو التحايل عليه.
لكن ذلك التطور لا يعني نهاية المطاف، ففي المحصلة يتعين على الحكومة
تقديم مشروع قانون جديد للبرلمان قبل نهاية العام الحالي.
الجديد والمهم أن صندوق النقد بات أكثر تفهما لظروف الأردن، وأعلن
صراحة دعمه لفكرة الحوار الوطني حول الإصلاحات الضريبية. ويمثل هذا الموقف دعما
لتوجه الرئيس المكلف بفتح حوار جدي مع مختلف الأطراف حول "الضريبة"
ومجمل السياسات الضريبية في الأردن، وصولا لنظام عادل يربط العائد الضريبي
بالخدمات المقدمة للمواطنين، ويلتزم بمبدأ التصاعدية المنصوص عليه في الدستور.
إصلاح النظام الضريبي في الأردن يعد المدخل الرئيسي لتصويب العلاقة
بين الحكومات والمواطنين، والعامل الحاسم في تحقيق أهداف العملية الإصلاحية
برمتها، وإحدى أهم الأدوات لمحاربة الفساد المتمثل بالتهرب الضريبي وخداع السلطات
للإفلات من المساءلة.
وللإنصاف، الحكومة السابقة تبنت في مشروعها مبادئ رئيسية لمواجهة
مشكلة التهرب، لكنها أخفقت في تكريس مبدأ التصاعدية بعدالة وواقعية عندما اعتمدت
نظاما جائرا بالنسبة لشرائح الطبقة الوسطى.
القانون الجديد، على ما تشير تصريحات وتوجهات الدكتور الرزاز، سيصاغ
برؤية مختلفة كليا، وتحت قدر قليل من الضغوط الخارجية؛ فالأحداث الأخيرة التي
شهدها الأردن منحت الدولة هامشا أوسع للمناورة، ويبدو أنها مصممة على استثماره
لتخفيف الالتزامات على المواطنين قدر المستطاع.
نافذة أمل جديدة فتحت أمام حكومة الرزاز، تتمثل بتحرك المملكة
العربية السعودية لعقد اجتماع في مكة اليوم بمشاركة الكويت والإمارات العربية
المتحدة إلى جانب الأردن، لمناقشة سبل دعم الأردن لتجاوز مشكلاته الاقتصادية. خطوة
كبيرة ومهمة من السعودية قوبلت بتقدير كبير في أوساط الأردنيين لمساعدة
الأردن على احتواء تداعيات أزمات المنطقة وحروبها التي أثقلت كاهل اقتصاده وشعبه.
ها هو الرزاز يقابل بالفرص الواعدة داخليا وخارجيا، فلعلها تكون
البداية للخروج من عنق الزجاجة!
الغد الأردنية