قال المؤرخ العسكري الإسرائيلي، يغآل بن نون، إنه "مع مرور 51 عاما على حرب الأيام الستة في 1967 تتكشف المزيد من الأدوار لبعض الأطراف في حيثياتها، كان آخرهم التورط المغربي في هذه الحرب".
وأضاف
في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت أن "اندلاع الحرب تزامن مع تطور في العلاقات
السرية بين تل أبيب والرباط بمبادرة من الملك آنذاك، الحسن الثاني، رغم وجود تيار
قومي عروبي ساد المملكة آنذاك".
وأكد
في المقال، الذي ترجمته "عربي21"، أن "وثائق
إسرائيلية كشفت في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع إحياء هذه الذكرى السنوية للحرب، عن
إعلان المغرب إرسال جنوده على ثلاث دفعات لمساعدة مصر برئاسة جمال عبد الناصر،
لكنهم وصلوا متأخرين".
علاقات
سرية
وأوضح
بن نون، الباحث في العلاقات السرية المغربية الإسرائيلية، أنه "في ظل وجود
معارضة داخلية للملك المغربي تقودها أطراف وتيارات قومية من اليمين واليسار، فقد
اتخذت المغرب موقفا مزدوجا من تلك الحرب، فمن الناحية العلنية وقفت الرباط بجانب
عبد الناصر والدول العربية الأخرى، لكن من تحت الطاولة وخلف الكواليس نشأت علاقات
سرية وتقدير كبير للدولة الصهيونية".
وأشار إلى أنه "مع انطلاق المعارك يوم 5 حزيران 1967، شعر اليهود العاملون في أجهزة
المملكة المدنية بأن الأرض تغلي من تحت أقدامهم، ما دفعهم لاتخاذ قرار بمغادرة
الدولة لقضاء إجازة عاجلة في إسبانيا حتى تنتهي الحرب، وفي أنحاء المملكة انطلقت
مظاهرات عارمة معادية لإسرائيل، وصدرت شعارات ضد اليهود، وتم تحطيم نوافذ المتاجر
اليهودية، حتى وصل الأمر قيام شرطي مغربي بمدينة مخناس بقتل اثنين من اليهود كانوا
يقضيان وقتهما في أحد المقاهي".
وأكد
أن "وزير الداخلية آنذاك، الجنرال محمد أوفقير، لم يصدق ما تبثه الإذاعات
العربية من انتصار مصر في الحرب على إسرائيل، واعتقد في حينه أن الأخيرة ستنتصر
خلال أربعة أيام، ولذلك سارع لوضع العديد من إجراءات الحماية أمام بيوت اليهود
لحمايتهم".
وقال إنه "بسبب الأجواء الشعبية العامة قرر الملك إرسال قوات عسكرية من بلاده لجبهة
القتال المصرية، وبصورة استعراضية قام رئيس هيئة أركان الجيش الملكي المغربي
بإعلان إرسال عدد من الفرق العسكرية لمساعدة مصر في حربها المستمرة، حتى أن الحاكم
العسكري لمدينة الدار البيضاء الجنرال بوعزا بولخيماس، تم تعيينه قائدا لهذه
القوات المغربية للقتال ضد إسرائيل، وطار مع عدد من ضباط هيئة الأركان إلى القاهرة".
المؤرخ
الإسرائيلي يكشف أن "المصريين لم يشركوا الجنود المغاربة بأي عملية عسكرية، واضطروا
للانتظار فترة طويلة من الزمن دون القيام بأي جهد عسكري، ما اضطر الحكومة
المغربية إلى الطلب منهم العودة للبلاد عبر البر، لكن السلطات الجزائرية رفضت السماح
لهم بالمرور، فأرسلت الرباط سفنا إلى طرابلس الغرب في ليبيا× لتمكينهم من العودة للمملكة".
المقال
الإسرائيلي يكشف ما حصل فعليا، قائلا إن "بولخيماس تحدث مع مستشار السفارة
الفرنسية في إسرائيل إيف ديفرواه بين عامي 1951-1954، الذي نقل بدوره هذه المحادثة
إلى السفير الإسرائيلي في فرنسا فيلتر إيتان، وهو ما أكده رئيس محطة جهاز الموساد
في المغرب رؤوفين شاروني، جميعهم اتفقوا على رواية مفادها أن السلطات المغربية
كانت تعلم أن قواتها العسكرية ستصل أرض المعارك بعد انتهاء الحرب".
يقول
بن نون إن "العلاقة التي ربطت الملك المغربي بإسرائيل ظلت تشغل الرأي العام
المغربي حتى بعد انتهاء حرب 1967، فقد كتبت صحيفة العلم التابعة لحزب الاستقلال
بعد خمسة أيام على توقف القتال إن الشعب المغربي يجب أن يأخذ دوره في هذه المعركة،
ويقطع أي صله له مع أمريكا، فإسرائيل هي أمريكا، وأمريكا هي إسرائيل، فلا يذهب أحد
من المواطنين المغاربة لمقهى أو يشاهد فيلما أو يستبدل عملة لأي من هؤلاء
الاستعماريين والصهاينة".
صفقات
أسلحة
وأضاف
أنه "في 28 يونيو 1967 تم عقد مؤتمر لاتحاد الطلبة المغاربة، ووضع على جدول أعماله
بند الصراع العربي الإسرائيلي، لكن السلطات الرسمية حظرت تنظيم هذه الفعالية؛ لأن
محتواها لا علاقة له بالقضايا الطلابية، في حين أدان الملك الحسن الثاني ووزير
داخليته أوفقير الحملة المعادية لإسرائيل التي قامت بها المعارضة".
وأشار إلى أن "تلك المرحلة شهدت إغلاق صحف للمعارضة لفترات زمنية متباعدة، في حين دعا
الملك للانتباه للقضايا الداخلية والاقتصادية، لكن الشارع المغربي نظر إلى ملكه
على أنه قريب من الإسرائيليين، وكتبت على الجدران في شوارع المملكة شعارات
"حزان الثاني"، وهو اسم يهودي، بدل الحسن الثاني".
وأوضح
أن "هذه الحملة لم تكن عبثية أو اعتباطية، فبعد انتهاء حرب 1967، تم الإعلان أن
إسرائيل باعت المغرب معدات قتالية فرنسية قديمة كانت لديها، وشكلت هذه الصفقة التعبير
الأكثر وضوحا عن حجم العلاقات السرية التي ربطت الرباط مع تل أبيب منذ فبراير 1963، لكنها خرجت إلى العلن
مع أوائل سنوات السبعينات، عقب الدور الكبير الذي قام به الملك المغربي في التوصل إلى
اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل".
سقوط القنيطرة
مردخاي
كيدار، المستشرق الإسرائيلي، ذكر في مقاله على موقع ميدا أن "حرب العام 1967
تسببت بفضيحة كبيرة للرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي كان آنذاك قائدا لسلاح
الجو".
وأضاف
في المقال، الذي ترجمته "عربي21"، أن
"كثيرا من السوريين اعتبروا الأسد والرئيس صلاح شديد مسؤولين عن الهزيمة في
الحرب؛ لأنهما قبل عام فقط من اندلاعها طردوا نصف عدد كبار الضباط غير الموالين
لهما، فيما تم إعدام عدد آخر منهم، ونتيجة لذلك تم قيادة الجيش السوري بصورة سيئة
جدا".
وختم
بالقول إن "حرب 1967 تسببت للأسد بوصمة عار كبيرة، لا سيما في طريقة احتلال مدينة
القنيطرة، عاصمة إقليم الجولان، يوم 10 حزيران، فقد قامت إسرائيل بتزوير نشرة أخبار
عبر الإذاعة الرسمية السورية، أعلنت خلالها سقوط القنيطرة قبل أن تبدأ المعركة أصلا
حولها، وقد استمع الجنود السوريون المدافعون عن المدينة عن إسقاطها، فانسحبوا دون
قتال".