قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الأمريكية، إن معظم المصارف الكبيرة في إسرائيل توفر خدمات تساعد على "دعم وإدامة وتوسيع المستوطنات غير القانونية من خلال تمويل بنائها في الضفة الغربية المحتلة".
وأضافت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، وأرسلت نسخة منه لوكالة الأناضول إن "أكبر 7 مصارف إسرائيلية توفر خدمات للمستوطنات وتشارك معظمها في بناء وحدات سكنية، وتعمل على توسيع المستوطنات من خلال الحصول على حقوق الملكية في مشاريع البناء الجديدة، ورعاية المشاريع حتى اكتمالها".
وتابعت: "تُسهّل هذه الأنشطة المصرفية نقل السكان بشكل غير قانوني".
وفي السياق قالت الباحثة الإسرائيلية في صحيفة معاريف رويتال عميران إن "مواصلة سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية ستجبي منها أثمانا باهظة، كان آخرها مقتل أحد جنود وحدة دوفدفان الخاصة في مخيم الأمعري للاجئين قرب رام الله وسط الضفة الغربية قبل أيام، حيث قتل نتيجة إلقاء حجر كبير على رأسه بما يذكرنا بأحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي شهدت انتشار مشاهد إلقاء الحجارة على الجنود الاسرائيليين في الشوارع الضيقة لمخيمات اللاجئين في الضفة وقطاع غزة، لدى قيامهم بعمليات الاعتقال والتفتيش وفرض منع التجول".
وأضافت في مقال مطول ترجمته "عربي21" أنه "منذ تلك الانتفاضة نجح اليمين الإسرائيلي في تحويل هذا الواقع الحربي في المناطق الفلسطينية المحتلة إلى نمط حياة عادي للإسرائيليين، في ظل ظهور دعوات اليمين بإعلان ضم المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية المصنفة بمناطق C بصورة أحادية الجانب، التي تشمل عشرات آلاف الفلسطينيين، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها".
وأوضحت أن "معسكر اليمين ذاته يعرض على الفلسطينيين في مناطق A و B إقامة حكم ذاتي يبقيها تحت سيطرة أمنية وديموغرافية إسرائيلية، مع أن هذه الخطط لا تجد تأييدا من كافة الإسرائيليين، لأن هذه الخطط تعني تعريض حياة الجنود الاسرائيليين للخطر وسط السكان الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم السياسية والوطنية، فضلا عن حالة الفقر التي يعانونها".
وحذرت المنظمة الحقوقية الدولية من أن "نقل المحتل مواطنيه المدنيين إلى الأراضي المحتلة، وترحيل أو نقل أفراد من سكان الإقليم، يعتبر جرائم حرب".
وجاء التقرير تحت عنوان "تمويل الانتهاكات: المصارف الإسرائيلية في مستوطنات الضفة الغربية"، ويتضمن تفاصيل أبحاث جديدة في مجال الأنشطة المصرفية في المستوطنات، والانتهاكات التي تساهم فيها هذه الأنشطة.
وقالت رايتس ووتش: "تشارك المصارف الإسرائيلية مع المطورين العقاريين في بناء منازل مخصصة حصرا للإسرائيليين على أراض فلسطينية، تساهم هذه المشاريع التي تؤمنها المصارف في تهجير الفلسطينيين بشكل غير قانوني".
ولفتت إلى أنها بحثت في قوائم مشروعات بناء المستوطنات على الإنترنت، وسجلات الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية والبلدية، وتقارير شركات البناء، كما قابلت ملّاك الأراضي، وزارت مواقع بناء المستوطنات.
وقالت المنظمة الدولية: "إضافة إلى مشاريع البناء، تقدم المصارف قروضا للسلطات المحلية والإقليمية للمستوطنات، وقروضا عقارية لمشتري المنازل في المستوطنات، وتدير فروع المصارف هناك، ولا يمكن لسكان الضفة الغربية الفلسطينيين، الممنوعين بأمر عسكري من دخول المستوطنات إلا كعمال يحملون تصاريح خاصة، الاستفادة من هذه الخدمات".
وجددت تأكيد أن "المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الإنساني الدولي".
اقرأ أيضا : تباينات إسرائيلية بشأن الانسحاب من الأراضي الفلسطينية
وقالت: "المستوطنات تساهم في نظام تمييزي تقيد من خلاله السلطات الإسرائيلية وتعرقل التنمية الاقتصادية الفلسطينية، في حين تمول وتدعم المستوطنات الإسرائيلية المبنية على الأراضي المنتزعة بشكل غير قانوني من الفلسطينيين".
وأكملت رايتس ووتش: "يحظر القانون الإنساني الدولي على دولة الاحتلال استخدام الأراضي إلا لأغراض عسكرية أو لمصلحة السكان المحليين الذين يعيشون تحت الاحتلال".
وقالت: "تصبح المصارف التي تمول أو ترافق مشاريع البناء في المستوطنات شريكا في التوسع الاستيطاني، وتشرف على كل مرحلة من مراحل البناء، وتحتفظ بأموال المشترين في حسابات الضمان، وتحصل على ملكية المشروع في حالة تقصير شركة البناء".
وأضافت: "معظم هذا البناء يتم على الأراضي التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية (أراضي دولة)، والتي يمكن أن تشمل الأراضي التي انتزعتها بطريقة غير قانونية من مُلّاك الأراضي الفلسطينيين، تستخدم إسرائيل هذه الأراضي بطريقة تمييزية".
وتابعت: "تساهم المستوطنات بطبيعتها في انتهاكات حقوقية خطيرة، لا تستطيع الشركات التي تزاول أعمالا في المستوطنات أو معها التخفيف من أو تجنب المساهمة في هذه الانتهاكات، لأن الأنشطة التي تقوم بها تتم على أرض تم الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة، وفي ظل ظروف التمييز، ومن خلال انتهاك خطير لالتزامات إسرائيل كقوة محتلة".
وتابعت رايتس ووتش: "تثير هذه الأنشطة مخاوف مرتبطة بالنهب بسبب سياسات الاستيلاء على الأراضي من قبل الجيش الإسرائيلي، التي تجعل من الصعب التأكد مما إذا كان أصحاب الأراضي قد وافقوا بحرية".
وطالبت المنظمة الحقوقية المصارف الإسرائيلية بالامتثال لمسؤولياتها الحقوقية، والتوقف عن "القيام بأعمال تجارية في المستوطنات الإسرائيلية أو معها".
اقرا أيضا : صحيفة تروي قصة مزارع فلسطيني قطع المستوطنون أشجاره
وأضافت: "عليها أن تتوقف عن إقامة أو تنفيذ أنشطة داخل المستوطنات، أو تمويل، أو إدارة، أو دعم المستوطنات أو الأنشطة المرتبطة بالمستوطنات والبنية التحتية، والتعاقد لشراء السلع المنتجة في المستوطنات".
وقالت: "لا يمكن للمصارف القيام بأعمال تجارية في المستوطنات دون أن تساهم في التمييز، والتهجير، وسرقة الأراضي، ولتجنب هذه النتيجة عليها أن تنهي أنشطتها الاستيطانية".