تكثر في رمضان الإعلانات التي تسبق وتتخلل المسلسلات والبرامج، حتى إنها تسيطر على ثلاثة أضعاف المدة المحددة لأي منها، فمثلا المسلسل الذي مدته 30 دقيقة تشاهده في ساعة ونصف لأن الإعلانات تستغرق ساعة كاملة.
الذين اختاروا توقيت الإعلان وحرصوا على دفع مبالغ كبيرة لإذاعته في وقت الذروة، يغيب عنهم أنهم يطفشون المشاهد ويجبرونه على الهروب من مشاهدة المسلسل في القناة التليفزيونية إلى اليوتيوب والنجاة من هذا التكدس المروري.. أقصد الإعلاني.
هناك مواقع شهيرة أيضا تقدم تلك الخدمة بسهولة تامة ودون تعقيدات مثل موقع شاهد دوت نت الخاص بمسلسلات وبرامج قنوات mbc، وغيره كثير. فبدلا من الجلوس وقتا طويلا أمام الشاشة التليفزيونية تنسى خلاله آخر مشهد من المسلسل بسبب طغيان الإعلانات، يكفيك أن تختار الوقت الذي يناسبك لتشغل المسلسل من اليوتيوب وعلى الشاشة التليفزيونية نفسها أيضا، والأمر سيكون أكثر سهولة أو يسرا إذا كانت الشاشة بخاصية سمارت التي تتصل مباشرة بالإنترنت.
النتيجة أن الذين دفعوا الأموال الباهظة لبث إعلاناتهم يفاجؤون بأن لا أحد يشاهدهم أو يسمع بإعلانهم. المنتجون والقنوات التليفزيونية هي التي استفادت فقط. أما المشاهدون فسينحصرون فقط في الطبقات الفقيرة التي لا يوجد لديها إنترنت أو التي لا تصل إليها تلك الخدمة في المناطق البعيدة والنائية، وعادة لا تهتم هذه الطبقات بالإعلان لأنها لا تقوى على شراء المنتج الذي يخصه.
هذه نقطة لا ينتبه لها خبراء الإعلان، أو ربما يعرفونها ولكنهم يخبئون ذلك أو يتجاهلونه، حتى لا ينقطع عنهم بزنس مربح جدا، فتستمر ماكينة الإنتاج للمسلسلات وبرامج الترفيه وغيرها في العمل وضمان العائد الضخم، ويستمر الضحك على الشركات المعلنة لتدفع وتشخلل جيوبها!
هذا لن يستمر طويلا. ستتلقف الشركات المعلنة الحيلة وستدير وجهها لليوتيوب ومواقع المشاهدة مباشرة، وربما يؤدي ذلك إلى انقلاب في عملية الإنتاج، إذ ستتوجه مباشرة للإنترنت. لن يكلف المنتج نفسه جهد البحث والتعاقد مع القنوات والمرور بفلترة الرقابة، بل سيؤسس موقعه الخاص به على اليوتيوب ويذيع مسلسله ويستقطب إليه الإعلانات.
هل تواجه القنوات التليفزيونية الخطر نفسه الذي تتعرض له الصحافة الورقية؟ أظن الإجابة بنعم.
المسألة أيضا مسألة وقت. الإنترنت يوفر بسهولة قناة شخصية لكل مشاهد ويوفر قنوات سهلة لتتبع المسلسلات والفنانين ومباريات كرة القدم وغير ذلك من الأنشطة الحية. يمكنك أن تفعل ذلك في المترو والباص والتاكسي والنادي والكافيه، فلماذا الارتباط بمواعيد بث معينة والتعرض لخطر الجلوس طويلا والبحلقة في الشاشة؟!
المصريون المصرية