صحافة دولية

هندرسون: هل كشف ابن سلمان عن وجهه الحقيقي؟

هندرسون: إلقاء القبض على الناشطات لا يبعث على الإيمان ببرنامج ابن سلمان للإصلاح- جيتي

نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا لزميل بيكر ومدير برنامج الطاقة والخليج في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سايمون هندرسون، يقول فيه إن السعودية وضعت على ما يبدو الكوابح على الإصلاح. 

 

ويقول هندرسون إن "اعتقال الناشطات النسويات في السعودية أثار شكوكا حول أجندة الإصلاح، التي بولغ في الحديث عنها من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان". 

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "السعودية تجني ومنذ أشهر ثمار حملة علاقات عامة، حيث أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أو (أم بي أس)، قائد المستقبل الجذاب، أغرى العالم برؤيته عن أمة عصرية، وشهدت المملكة حفلات موسيقية مباشرة، وافتتاح دور السينما وأخرى ستتفتح قريبا، وسمح للمرأة بحضور المباريات الرياضية، وأعلن الأمير في أيلول/ سبتمبر عن إلغاء حظر قيادة السيارات المفروض على المرأة منذ عقود، الذي سيبدأ تطبيقه في 24 حزيران/ يونيو المقبل".

 

ويقول هندرسون إن "هذا كله انهار في نهاية يوم الجمعة، بعدما ظهرت تقارير عن اعتقال ناشطات طالبن بتغيير السياسة، وحتى صباح هذا اليوم بلغ عدد المعتقلين 13، معظمهم من النساء، وبعيدا عن موضوع قيادة السيارات، فإنهن طالبن بتغيير نظام الولاية التي يمارسها الرجل على المرأة، التي تقتضي حصول المرأة على إذن من وليها الرجل قبل أن تتخذ أي قرار له علاقة بحياتها، مثل السفر، ومن بين النسوة المعتقلات لجين الهذلول، التي التقطت صورة لها في عام 2016 في قمة الشباب العالمي مع ميغان ماركل، التي تزوجت السبت الأمير هاري من العائلة البريطانية المالكة".

 

ويتساءل الكاتب قائلا: "ما الذي يحدث في المملكة؟ ربما حاول الأمير ابن سلمان منع التظاهرات الشعبية المطالبة بتغييرات اجتماعية وسياسية أخرى، وأخبرتي مسؤول أمريكي بأن هذه الاعتقالات تعبر عن أسلوب محمد بن سلمان، مع أن اسمه لم يرتبط بالاعتقالات، ومن المرجح أن تؤدي إصلاحاته إلى معارضة المجتمع السعودي الذكوري، الذي يتبع تفسيرا متشددا للإسلام، والحاجة لاعتقال نساء تعكس على ما يبدو الحاجة لإعادة التفكير في خططه الكبرى".

 

ويقول هندرسون إن "ابن سلمان عادة ما يقارنه السعوديون بالرئيس العراقي الذي تم إعدامه صدام حسين، وعادة ما يشيرون إلى (صدام الجيد)، الذي قاد عندما كان نائبا للرئيس حملة إصلاحات وتحديث واسعة في السبعينيات من القرن الماضي، وكان صدام يحترم رغم شراسته، لكنه أصبح محلا للرهبة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وتحدثت لسعوديين عبروا عن خوفهم من تحول ابن سلمان بالطريقة ذاتها". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "هناك قصة يحكيها كل سفير في السعودية، وهي (قصة الرصاصة)، فعندما كان ابن سلمان في سن الـ 22 عاما، كان يريد أن يبدأ في تجارته الخاصة، وطلب من قاض أن يوقع له على عقد، لكنه رفض نظرا لوجود مشكلة في العقد، وتقول القصة إن ابن سلمان أخرج من جيبه رصاصة ووضعها على الطاولة، وقال للقاضي: (إما أن توقع وإما تكون هذه الرصاصة من نصيبك)، ووقع القاضي العقد، لكنه اشتكى للملك عبدالله، الذي منع محمد بن سلمان من الاقتراب من الديوان الملكي".

 

ويعلق هندرسون قائلا إن "قصصا كهذه عن محمد بن سلمان العصبي المزاج، تشير إلى أنه يريد إعادة بناء المملكة لكنه متعجل، وربما اعتقد الأمير أن حركة التغيير التي بدأها خرجت عن سيطرته، أو ربما اكتشف أنه تحرك بسرعة بشكل أقلق النخبة القديمة التي يجب استرضاؤها، وربما نصحه والده -أو طلب منه نصحه- أن يبطئ عجلة التغيير".

 

ويجد الكاتب أن "هناك إمكانية بأن يكون محمد بن سلمان يواجه معارضة قوية، كما ظهر في القمة العربية الشهر الماضي، التي انعقدت في مدينة الظهران، وركزت على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكرر البيان الختامي ما يقال من كلام عن الدعم العربي للفلسطينيين".

 

ويذهب هندرسون إلى أن "هذا لا يدعو للدهشة إلا لمحمد بن سلمان، الذي حضر القمة في دور المساعد لوالده، وعاد للتو من جولة استمرت 3 أسابيع في الولايات المتحدة، حيث كان محل اهتمام رجال الأعمال وقادة المجتمع اليهودي الأمريكي، وقيل إنه تحدث لهم بأن القضية الفلسطينية ليست من بين 100 قضية تشغل بال السعوديين، وهو حديث جعل الكثير من الحاضرين اليهود يسقطون عن مقاعدهم".

 

وينوه الكاتب إلى أن "من قابلوا ابن سلمان قالوا إنه يشبه بيل كلينتون، الذي كان يحبذ إرضاء حتى من لا يتفقون معه، لكنه لم يكن يغير موقفه، وهذا أمر مؤسف؛ لأنه أصبح معروفا -ابن سلمان- باتخاذ قرارات سيئة، وكان من بينها اعتقاله لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري العام الماضي، وحرب اليمن، وحصار قطر، واعتقال 400 من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين بذريعة مكافحة الفساد، بالإضافة إلى أن خطة التغيير 2030 تسير بخطى بطيئة مثل الحلزون، والخطة الرئيسية لبيع حصص من شركة النفط (أرامكو) يتم تأجيلها طيلة الوقت، في وقت تظهر فيه القصص عن حياته الباذخة".

 

ويختم هندرسون مقاله بالقول إن "محمد بن سلمان ليس مهتما بالتغيير، فاعتقال الناشطات هو ما قامت به السعودية في الماضي ذاته، ففي عام 1990 اعتقلت عدة نسوة لأنهن قدن سياراتهن في الرياض، ومن المفترض أن تكون السعودية اليوم مختلفة، ومن المفترض أيضا أن يمثل محمد بن سلمان جيلا جديدا من الأمراء، فآمال العالم منعقدة عليه ليؤسس دولة جديدة تنفصل عن القيم المحافظة، وبعد الاعتقالات الأخيرة فإن هناك شكا في قدرته على تحقيق هذه الآمال".