سجل بعض الشيوخ في تونس، حضورهم بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية، التي ستشهدها البلاد في 6 أيار/ مايو من الشهر القادم، من خلال إصدارهم فتاوى تحرم انتخاب أحزاب بعينها، والتحريم لأخرى، فيما أفتى آخرون بتحريم الانتخاب بشكل عام، لتدخل فتاويهم على خط معارك الحملات الانتخابية، والتزاحم على حشد الأصوات بكل الوسائل المتاحة.
وأشعلت فتاوى كل من الشيخين خميس الماجري، ومحمد الهنتاتي الجدل، حيث أفتى الأول بحرمة الانتخاب بشكل عام، واعتباره مخالفا لأحكام الشريعة، فيما أفتى الشيخ الهنتاتي بحرمة االتصويت للنهضة، ونداء تونس بالخصوص.
وأكد الماجري في لقاء مباشر مع موقع "الصدى" الالكتروني أن فتواه بتحريم انتخاب كل الأحزاب بشتى توجهاتها إسلامية كانت أو علمانية، من منطلق شرعي بحت، متهما بعض الأحزاب بالتلون والنفاق.
بدوره اعتبر الشيخ محمد الهنتاتي في حديثه لـ"عربي 21" أن فتواه بتحريم التصويت لأحزاب في مقدمتها النهضة ونداء تونس، مقابل دعوة التونسيين للتصويت لأحزاب أخرى، كحراك تونس الإرادة والتيار الديمقراطي، ناتج عن قناعات ذاتية وتجارب عاشها شخصيا.
وتابع: "انتميت لحركة النهضة منذ أكثر من 36 سنة، ولم أندم على نضالي في سبيل الله بقدر ندمي على الأشخاص الذين ناضلت معهم، والذين انقلبوا بعد توليهم الحكم على المرجعية الدينية، وعلى وعودهم السابقة لقواعدهم الانتخابية".
اقرأ أيضا: انتخابات تونس : قوائم المستقلين والشباب تنافس الأحزاب
وواصل بالقول: "هذا حزب انقلب على مبادئ الثورة وكذب على أبنائه وعلى التونسيين جميعا، بمد يده للجلادين على حساب الضحايا وبقوله أن مدنيته لا تتعارض مع محافظته على مرجعيته الإسلامية، ولعل آخرها التنازل بخصوص عدم المساس بالضوابط الشرعية الخاصة بالميراث، وفق ما صرح به القيادي في الحركة لطفي زيتون، وموقف رئيس الحركة راشد الغنوشي من المثلية وغيرها من القضايا التي لا تقبل الاجتهاد".
وختم قائلا: "السبسي والغنوشي أكثر شخصيات كذبت على التونسيين، وتحالفت لخدمة مصالحها الشخصية وبالتالي أدعو التونسيين إلى الاعتبار وانتخاب الأحزاب الأصلح والأنفع للبلاد والعباد".
على الجانب الآخر، أفتى شيوخ آخرون بضرورة مشاركة التونسيين في الانتخاب، محذرين من دعوات المقاطعة، واعتبر الشيخ رضا الجوادي، في تدوينة له أن الانتخابات البلدية "محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه زيادة للخير وتقليلا من الشرّ" مستدلا على قوله بآيات قرآنية.
وأضاف: "إنّ الأصل في العمل البلدي هو خدمة الناس وتحقيق مصالحهم، وهذا من شرع الله عز وجل مبادئ ومقاصد وأحكاما، مع العلم أن مقاطعة الصالحين للانتخابات والاكتفاء بالنواح والعويل بعيدا عن ميادين الفعل يمثل في الحقيقة استسلاما وتفريطا".
وشدد في معرض حديثه، على أن فتواه "ليست تزكية لأيّ حزب أو قائمة، وليست تبريرا لأية مخالفة شرعية قد تحصل أثناء العملية الانتخابية أو بعدها".
بدوره، حث الشيخ البشير بن حسن التونسيين على الانتخاب، مستنكرا دعوة بعض الشيوخ إلى مقاطعتها بحجة أنها بدعة، ودعا في إحدى تدويناته، التونسيين بشكل غير مباشر للتصويت لحركة النهضة.
وحول هذا الجدل القائم وفتاوى التحريم والتحليل، اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري في تصريح لـ"عربي 21" أن كل هذه الفتاوى لا تضر الحركة، وتابع: "من يريد أن يفتي بتحريم انتخاب النهضة فليفتي ومن يفتي بتحليلها فذاك شأنه الخاص وما يعنيني كناطق رسمي هي القضايا السياسية والاجتماعية وليس الخوض في هذا الجدل الديني".