أكد مشاركون في منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي الرابع الذي تنظمه دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، أن العملات المشفرة بواقعها الحالي فيها محاذير شرعية، ولا تتفق تماماً مع مبادئ الاقتصاد الإسلامي لكن يمكن تلافي هذه المحاذير الشرعية بوسائل مختلفة، لافتين إلى وجوب الزكاة في النقود الرقمية المشفرة عند المتعاملين بها إذا بلغت النصاب وتوافرت الشروط.
ودعا المشاركون في المنتدى الذي يقام تحت عنوان "الابتكار والسعادة في نمط الحياة الإسلامي.. رؤية استشرافية" إلى أهمية أن تفكر الدول الإسلامية في إيجاد نظام نقدي يحمل مزايا النقود الافتراضية المشفرة، ويتلافى سلبياتها حتى يتواجد البديل المناسب.
وقالوا إنه على الرغم من تسارع ظهور نماذج أخرى لهذه العملات، حتى بلغ عددها 1536 عملة، بقيمة إجمالية تزيد على 454 مليار دولار، إلا أن أكثر العملات المشفرة هي غش وخداع وتلاعب بالأرقام والأموال، والقليل منها فقط يمكن اعتباره ابتكاراً حقيقياً.
وقال الدكتور محمد عيادة أيوب الكبيسي، كبير مفتين إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، إن العملات المشفرة أصبحت أمراً واقعاً، ويبدو أنه سيبقى في المستقبل المنظور ويزداد توسعاً وانتشاراً، منوهاً أن عالم العملات المشفرة مثل كل أمر جديد في بدايته، لا يزال فوضوياً، ومحفوفاً بالغموض والتناقضات والثغرات والكثير من التقلبات والتحديات.
اقرا أيضا : العملات الرقمية تستعيد عافيتها وتربح 46 مليار دولار في ساعات
وأوضح وفقاً لصحيفة "الاتحاد"، أنه بسبب ترابط العالم الإلكتروني فإن الصراعات الجديدة تتضخم بصورة متسارعة تشبه الفقاعات، ومما لا شك فيه أنه ستكون هناك موجات تصحيحية، وانفجار لهذه الفقاعات أو بعضها، إلى أن تتدخل الحكومات والجهات الرسمية والخاصة بجدية.
وأشار إلى أنه بعد ظهور الـ "بيتكون" تسارع ظهور نماذج أخرى لهذه العملات، حتى بلغ عددها 1536 عملة، بقيمة إجمالية تزيد على 454 مليار دولار، منوهاً أن أكثر العملات المشفرة هي غش وخداع وتلاعب بالأرقام والأموال، والقليل منها فقط يمكن اعتباره ابتكاراً حقيقياً بمفاهيم وآليات جديدة سواء في جانب الفكرة أو التقنية أو التطبيق، وهي الأمور التي تفتح آفاقاً واسعاً للتطور التكنولوجي في هذا المجال، وتمهد الطريق لظهور عملات رقمية مشفرة معتمدة رسمياً.
وفيما يخص شرعية التعامل بهذه العملات، أكد "الكبيسي" أن العملات المشفرة بواقعها الحالي فيها محاذير شرعية، ولا تتفق تماماً مع مبادئ الاقتصاد الإسلامي، لكن يمكن تلافي هذه المحاذير الشرعية بوسائل مختلفة، فضلاً عن أن غموض آلية عمل هذه العملات لكثير من الناس لا يؤثر في الحكم عليها، إذا لم تكن هناك محاذير شرعية أخرى.
وأضاف أن بعض الفتاوى اتجهت إلى تحريم هذه العملات بسبب السرية، ورغم انتشار السرّيّة في هذه العملات إلا أنها ليست أصيلة فيها، والتعريفات الرسمية المعتمدة لا تذكر خاصية «السرية»، وذلك لأن هذه الخاصية يمكن إلغاؤها أو استبدالها دون التأثير على حقيقة العملات المشفرة.
وقال إن مجرد انتشار هذه العملات وتأثيرها في الاقتصاد ليس دليلاً على صحتها وجواز التعامل بها، إذ أن عالم المال والأعمال فيه الكثير من المعاملات المحرمة شرعاً، والتي تؤثر كثيراً على اقتصاديات الأفراد والدول.
ودعا إلى العمل على إصدار عملات مشفرة تتسق مع الضوابط الشرعية، وكذا إلى قيام المجامع الفقهية والجهات الشرعية بالمبادرة بدراسة هذه العملات، ووضع الضوابط الشرعية للتعامل بها.
وأكد أن احتمالية الاختراق أو سرقة المعلومات أو ضياعها لا يؤثر في حكم العملات المشفرة، لصعوبة ذلك وندرته، كما أن هذا الأمر لا يختلف كثيراً عن ضياع أو سرقة العملات الإلكترونية والحسابات المصرفية والبطاقات السائدة بين الناس، ونحوها.
اقرا أيضا : تونس تواصل حظر العملات الرقمية لمنع التمويلات المشبوهة
وأوضح أن سوء الاستخدام وخدمة الأغراض المشبوهة والممنوعة مشكلة كبيرة في العملات المشفرة، إلا أنها ليست حكراً على الاقتصاد الرقمي، والنسبة الأكثر من الاستخدامات للتقنيات الحديثة تعتبر استخدامات سيئة من الناحية الشرعية، وهذا لا يغير من حكم جواز استخدامها ما دام بالإمكان السيطرة عليها وتفادي الأمور المحظورة وحظرها، فيمكن أن يقال الشيء نفسه في العملات المشفرة.
ولفت إلى أن الحكم على التعدين والبحث عن هذه العملات يعد فرعاً عن مسألتين، الأولى حكم هذه العملات المشفرة، فإذا كانت حراماً فهو حرام، وإذا كان حلالاً، فينظر في المسألة الثانية وهي طريقة عملية التعدين، فإذا كانت عادلة لا يشوبها غرر أو غش وخداع وليست قماراً أو تشبه القمار فهي جائزة.