تقول هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين في تقريرها السنوي إن عدد حالات الاعتقال في سجون الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 بلغ مليون معتقل، حيث إن سلطات الاحتلال انتهجت الاعتقالات كسياسة ومنهج وأداة للقمع والسيطرة على الشعب الفلسطيني وبث الرّعب والخوف لدى كل الفلسطينيين.
لكن الأرقام الفلكية للاعتقال والتنكيل والإبعاد
والتهجير والقتل والتعذيب، لم تنل من عزيمة الفلسطينيين في النضال والتحرر، كما لم
تقتل القضية الفلسطينية التي بقيت حية في قلوب العرب جميعا، إلى أن جاءت الردة
الكبرى التي نعيشها هذه الأيام والتي جعلت القضية الفلسطينية في آخر اهتمامات
العرب والمسلمين.
دار الزمن دورته وأصبحت القضية الفلسطينية في ذيل
الاهتمام العربي والإسلامي، بل أصبح الرهان عند دول عربية محورية، هو أمن الكيان
الصهيوني و”حق” الإسرائيليين في العيش بسلام في الأرض المغتصَبة، والأغرب من ذلك
أن يتصدى بعض أشباه العلماء بتبرير هذا التوجه الغريب ومحاولة خلق عدو بديل للعرب
بإثارة النعرة الطائفية.
واليوم تمر القضية الفلسطينية بأصعب مراحلها التاريخية،
بعد أن أصبح أولئك الذين كانوا يتآمرون عليها في السر، يجاهرون بمواقف العداء
للفلسطينيين ويعقدون الاتفاقات ويجرون اللقاءات مع الصهاينة في العلن، ويعتبرون
رجال المقاومة الفلسطينية “إرهابيين” إرضاء للصّهاينة والأمريكان.
ومن أغرب ما حدث في بحر الأسبوع المنقضي أن تُعقد قمة
عربية في مدينة الظهران السعودية ويطلق عليها اسم “قمة القدس”، وبدل أن تطالب هذه
القمة بتحرير فلسطين من الصهاينة، طالبت بتحرير الأراضي العربية من إيران، وعوض أن
تطالب القمة بوقف الغارات وأعمال القتل في حق المتظاهرين الفلسطينيين على الحدود
بين غزة والكيان الصهيوني، اكتفت بمطالبة الحوثيين بوقف صواريخهم على المدن
السعودية.
ضاعت البوصلة وتاه العرب في رحلة البحث عن عدوهم
الحقيقي، وليت الأمر توقف عند الرسميين فقط، لكن البوصلة ضاعت بالنسبة للشعوب
كذلك، وبات الجميع يعتبر المسلم الموحِّد أخطر من الصهيوني المستعمِر المغتصِب
للأرض العربية والجاثم على المقدسات الإسلامية.
لقد مر يوم الأسير الفلسطيني المصادف لـ17 أفريل في صمت
مطبق، لا تضامن ولا مطالبات، ولا فعاليات، وتبقى عهد التميمي والبرغوثي وكل أسرى
النضال الفلسطيني يواجهون الآلة الإسرائيلية بصدور عارية في وقت تتحدث التقارير عن
تعرُّض كل الأسرى لانتهاكات مختلفة وتعذيب واستنطاق عنيف.
الشروق الجزائرية