ملفات وتقارير

أسرى ما قبل "اوسلو".. أهملتهم السلطة وغيبهم الاحتلال

مجمل اعداد الأسرى بلغ 6500 أسير، من ضمنهم 45 أسير قدماء الأسرى، و500 محكوم عليهم بالمؤبدات- جيتي

يشكل ملف الأسرى الفلسطينيين لمرحلة ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993 واحدا من الملفات الوطنية الموجعة التي أهملها المفاوض الفلسطيني، رغم سهولة تضمين ملفهم ضمن بنود الاتفاقية التي فشلت في حسم ملفات الصراع وكرست الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة كما يقول مسؤولوا السلطة اليوم .

 

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في إحصاء لها بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني إن مجمل أعداد الأسرى الفلسطينيين بلغ 6500 أسير، من ضمنهم 45 أسيرا يعرفوا بقدماء الأسرى، و500 محكوم عليهم بالمؤبدات.


وفي تقرير عرضته وكالة "قدس برس"، قال التقرير إن من بين 45 من قدماء الأسرى،هناك 29 أسيراً منهم، يقبعون في معتقلات الاحتلال منذ ما قبل توقيع اتفاقية "اوسلو" (معاهدة السلام الموقعة بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي عام 1993)،وهم من كان يفترض الإفراج عنهم ضمن الدفعة الرابعة في آذار/مارس عام 2014، التي لم تتم بعد تنصل الاحتلال من اتفاقياته مع السلطة الفلسطينية، ومازال الاحتلال يرفض الافراج عنهم خلال سنوات المفاوضات التي جرت بين الطرفين على مدار ربع قرن.

 

وأقدم هؤلاء الأسرى هما: كريم يونس وماهر يونس المعتقلين منذ 35 عاماً، إضافة إلى الأسير نائل البرغوثي الذي اُعتقل بشكل متواصل لمدة 34 عاماً، وأفرج عنه خلال صفقة "وفاء الأحرار" ثم أُعيد اعتقاله مجدداً عام 2014، وأعادت سلطات الاحتلال حكمه السابق وهو المؤبد و18 عاماً، لتصبح مجموع سنوات اعتقاله 37 عاماً ونصف.

 

اقرا أيضا: نشاطات وفعاليات ومسيرات فلسطينية مكثفة بيوم الأسير

عائلة الأسير محمد الحميد الطوس من سكان قرية "الجبعة"  قضاء الخليل، والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة، منذ اعتقاله في السادس من تشرين أول/أكتوبر 1985، تنتظر الافراج عنه منذ 33 عاماً، حيث اعتقل قبل اتفاقية اوسلو بعدة سنوات ولم تنجح كل الجهود بالإفراج عنه.


نجله شادي الذي غيّب الاحتلال والده منذ 34 عاماً يؤكد لـ "قدس برس" أن تنكر الاحتلال بالإفراج عن والده والأسرى القدامى على مدار هذه السنوات الطويلة شكل صفعة لجهود القيادة الفلسطينية، ومنظمة التحرير منذ اتفاقية اوسلو، وحتى رفض الاحتلال الافراج عن الدفعة الرابعة خلال التفاهمات السياسية ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.


ويشير الى أن "يوم الأسير" رغم أنه يشكل يومي وطني لاستذكار الأسرى وبطولاتهم حيث يصادف اليوم الافراج عن أول أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية عام 1974 وهو الأسير المناضل محمود بكر حجازي، الا أنه يشكل غصة لذوي وأهالي الأسرى أنهم لا زالوا يقبعون في سجون الاحتلال ولا بد من الافراج عنه بكافة الطرق.


وزير الأسرى السابق والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وصفي قبها، يحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن السلوك السياسي بالمفاوضات والذي أبقى على اعتقال الأسرى ما قبل اتفاقية اوسلو رغم أنها وقعت برعاية دولية.


وأشار قبها في حديث لـ"قدس برس" إلى أن المفاوض الفلسطيني أبان اوسلو لم ينتبه لقضية الأسرى برمتها خلال المفاوضات التي سبقت توقيع الاتفاق ولم يعيرها اهتماماً، حتى أن الوفد الاسرائيلي المفاوض أنذاك أحضر خلال احدى الجلسات قائمة بأسماء الأسرى وإحكامهم وجدولة للإفراج عنهم كاستحقاق لتوقيع اتفاقية السلام، لكن لم يطرح المفاوض قضية الأسرى على الاطلاق، ولاحقا عندما توقيع الاتفاقية عام 1993، انتفض الأسرى داخل السجون لتجاهل قضيتهم وكان هناك محاولة لاستدراك الأمر ولكن تم توقيع الاتفاقية.


واعتبر قبها أن الاحتلال شعر بأهمية ملف الأسرى في الساحة الفلسطينية، وتركها كورقة لابتزاز للمفاوض الفلسطيني ووضع 23 معيار وتم تصنيف الأسرى على قضاياهم "قتل اسرائيليين من عدمه" والسبب في ذلك  المفاوض الذي لم يعش الأسر وظروفه، وفق قوله.


وأضاف القيادي في "حماس"، "على مدار ربع قرن أصبحت تخضع قضية الأسرى لحسن النوايا من الجانب الإسرائيلي، وافرج عن الألاف من الأسرى من ذوي الاحكام القليلة، كاستحقاق للمفاوض الفلسطيني لتقديم التنازلات المطلوبة".


وشدد الوزير قبها - والذي افرج عنه شهرين - أن الأسرى من فتح وحماس وجميع الفصائل الفلسطينين لا يعولون اليوم على المفاوضات مع الاحتلال  للإفراج عنهم  بل على المقاومة التي انجزت صفقة حققت الحرية لـ 457 أسير فلسطيني من ذوي الأحكام العالية وتم كسر قيود وشروط الاحتلال والمقاومة تؤكد دوماً حيازتها لكنز سيجبر الاحتلال على الخضوع لشروطها والافراج عن الاسرى.


لكن الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، حسن عبد ربه،  يعتبر أن أسرى ما قبل اتفاقية اوسلو البالغ عددهم 29 اسيراً كان من المفترض أن يكونوا ضمن الدفعة الرابعة التي سيطلق سراحها بموجب التفاهمات السياسية التي تمت بين السلطة الفلسطينية، والجانب الاسرائيلي برعاية امريكية عام 2014، لكن سلطات الاحتلال تنصلت من هذه التفاهمات مما ابقاهم محتجزين لدى الاحتلال.


وأشار عبد ربه في حديث لـ"قدس برس" الى أن الجانب الفلسطيني يدرك أن الاحتلال لا يحترم التفاهمات وأراد ان يحدث نوع من الابتزاز السياسي للقيادة الفلسطينية بإرغامها على العودة للمفاوضات وتقديم تنازلات سياسية مقابل الافراج عنهم، وهو الامر الذي أدى لوصول المفاوضات لطريق مسدود، وأن لا يتم هؤلاء الأسرى وهذه ليست المرة الاولى فالأمر متعلق بالوضع السياسي القائم.
ونوه الى أن الأمر ذاته ينطبق على "الأسرى المعاد اعتقالهم من صفقة "وفاء الأحرار" حيث تم اعتقال 56 اسيراً من، وأعيدت لهم الاحكام المؤبدة لعدد كبير منهم ـفالتنصل من الالتزامات والتحلل منها هو السمة الملازمة للاحتلال في هذا الشأن".

 

اقرأ أيضا: في يوم الأسير.. مليون فلسطيني مروا بتجربة الاعتقال

وأكد على أن هناك جهود سياسية وقانونية فيما يخص الأسرى القدامى ما قبل اوسلو، والأسرى المعاد اعتقالهم ممن حرروا بصفقة "وفاء الأحرار" حيث تم التواصل مع المخابرات المصرية كجهة راعية لاتفاق، لكن كل الجهود لم تفلح في لجم اجراءات الاحتلال بإعادة الاحكام السابقة، والعادة اعتقال جزء كبير من الأسرى، كما أن الاحتلال لم يحترم التزاماته أمام الإدارة الامريكية.


ويُحيي الفلسطينيون في السابع عشر من نيسان/ أبريل من كل عام، عبر سلسلة من الفعاليات، "يوم الأسير الفلسطيني"، كيوم وطني لإسناد الأسرى في سجون الاحتلال ومعتقلاته.


وأقرّ "المجلس الوطني الفلسطيني" (برلمان منظمة التحرير) في عام 1974، خلال دورته العادية، السابع عشر من أبريل ليكون "يوما وطنيا للوفاء للأسرى وتضحياتهم، ومساندتهم ودعم حقهم في الحرية، ووفاء لذكرى شهداء الحركة الوطنية الأسيرة".


كما أقرت القمة العربية العشرين في أواخر آذار/ مارس من العام 2008، في العاصمة السورية دمشق، اعتماد هذا اليوم من كل عام للاحتفاء به في كافة الدول العربية، تضامنًا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في المعتقلات الإسرائيلية.


ويعود سبب اختيار هذا التاريخ للاحتفاء بالأسير الفلسطيني، في كونه اليوم الذي نجحت فيه المقاومة الفلسطينية في إطلاق سراح الأسير محمود بكر حجازي، في أول عملية لتبادل الأسرى مع دولة الاحتلال، عام 1971.

 

اقرأ أيضا: هنية: مستعدون لإجراء صفقة تبادل للأسرى