بعد إغلاق معبر رفح البري، تلاشت من جديد أحلام ما يقارب من 100 شخص، أرجعتهم السلطات المصرية، لـ"أسباب غير معروفة"، ومنعتهم من السفر.
وسلطت "عربي21" الضوء، على معاناة العديد منهم، الذين رووا أياما من الانتظار حتى يتمكنوا من تجاوز المعبر بعد انتظار طويل بين الفترة والأخرى التي تعلن فيه السلطات المصرية فتح المعبر.
ووفقا للأرقام التي أعلنتها إدارة معبر رفح، في بيان لها، نقلته وكالة "الرأي" الحكومية في غزة، إن السلطات المصرية أغلقت المعبر بشكل رسمي، وذكرت أنه غادر خلال الأيام الثلاثة لفتح المعبر، 2595 مواطنا فلسطينيا من غزة باتجاه الأراضي المصرية، بينما وصل قرابة 330 مسافر إلى القطاع.
ومع إغلاق المعبر أبوابه أمام الفلسطينيين، على أمل فتحه مرة أخرى، وسط انتظار بلا موعد قد يطول، من أولئك الذين يترقبون فتح المعبر، في أي لحظة، أصبحت عدد أيام فتح المعبر من بداية هذا العام 11 يوما على فترات متفاوتة فقط.
معاناة لا تنتهي
المواطن إبراهيم، بعد عام ونصف من التسجيل للسفر عبر معبر رفح البري، انتظر دوره للسفر، حاملا تقريره الطبي، الذي يصف حالته أنه "لا يوجد علاج لها في غزة".
وقال إبراهيم لـ"عربي21"، إنه عندما حان دوره للسفر، تمكن من صعود الحافلة الجمعة الماضي بعد وصوله فجرا، لينتظر سماع اسمه من ضمن الكشوفات التي حان دورها للسفر، لينتظر على بوابة المعبر، ليتوقف العمل بعد ذلك، ويتم إرجاع الحافلة التي كان بها، ليبيت ليلته في صالة الانتظار في المعبر الفلسطيني.
ومع فجر يوم السبت، انتظرت حافلة ابراهيم، التي تحمل ما يقارب من 100 مسافر، على البوابة السوداء المصرية (اعتاد الفلسطينيون تسميتها بذلك)، من ساعات الصباح لساعات المساء بما يقارب من 8 ساعات متواصلة، ليأتي جندي مصري ويخبرهم بالسماح لهم بالدخول للصالة المصرية.
الفلسطيني المسافر، الذي يصل لمرحلة عبور الصالة المصرية، يعتبر نفسه بأنه أنهى نصف المعاناة التي يعانيها بدء من التسجيل وصولا للسفر.
ورغم ذلك، جلس ابراهيم ينتظر مناداة اسمه بالصالة المصرية، من الأجهزة الأمنية المصرية، كما جرت العادة، وطوال فترة انتظاره، جلس بالصالة المصرية، إضافة للعشرات من الفلسطينيين، في "قاعة لا تصلح للراحة، ولا تليق لجلوس البشر"، وفق وصفه.
إلا أنه وبعد معاناة استمرت ليومين كاملين، ومع ساعات فجر يوم الأحد، تم مناداة ابراهيم، ليتوجه لأمن الدولة المصري، مصطحبا أوراقه، وقال: "بدون أي سبب، أبلغت ووالدي، بأننا ممنوعان من السفر، ولن يسمح لنا بالمرور".
وروى ابراهيم كيف تحطمت آماله بالعلاج من مرض يعانيه، ليعود أدراجه للقطاع مجبرا في يومه الثالث على الانتظار.
معاناة أخرى جسدها الوالد محمود، فبسبب ظروف معيشية في غزة، قرر السفر بابنته المصابة بالشلل الدماغي، لأمريكا، للحصول على العلاجات اللازمة، مع الرعاية الصحية، وكان اسمه من بين الأسماء الكثيرة على قوائم الانتظار، ينتظر موعد السفر.
وقال محمود لـ"عربي21": "عندما علمنا بفتح المعبر، توجهنا الخميس الماضي للمعبر، وتمكنا من الوصول للصالة المصرية بعد معاناة استمرت ساعات، مع أن المسافة قريبة، بسبب الإجراءات المتبعة، ليتسنى لنا الوصول للصالة المصرية، وبارقة الأمل في عيني، لحياة أكثر كرامة لابنتي المريضة، ليتم احتجاز جواز سفري عند أمن الدولة المصري، وبعد تحقيق متواصل، تم اتخاذ قرار إرجاعي إلى القطاع، دون أي سبب.".
وروى محمود شواهد أخرى واكبها في الصالة المصرية، أحدها لطفل اسمه عبد الرحمن، لا يتجاوز عمره 3 سنوات، مصاب في عينه التي لا يرى فيها، بسبب صواريخ الفسفور الأبيض التي ألقى بها الاحتلال الإسرائيلي في حروب سابقة على غزة.
وتابع بأنه "من الممكن أن يتم علاجه في ألمانيا كما قال أطباء ألمان لوالده كانوا قد حضروا في وقت سابق للقطاع".
وتفاجأ والد الطفل عبد الرحمن، بعد ساعات انتظار بضابط مصري، يقول له: "أنت مُرجع"، رغم أنه تم ختم جواز السفر لابنه"، ما أدى لانهيار الرجل في الصالة المصرية، ليعود أدراجه مع ابنه الذي لا يمكن أن يسافر لوحده.
ومن بين الآلاف الذين ينتظرون فتح المعبر، السيدة سها، التي عقد قرانها منذ أكثر من عام ونصف، تنتظر وما زالت السماح لها للسفر، لزوجها المقيم في قطر.
وقالت سها لـ"عربي21"، إن زوجها قام بتجديد الفيزا لها لأربع مرات. والمعروف بأن الحصول على فيزا من أي دولة خليجية للفلسطيني تتم بصعوبة كبيرة، وتتخوف سها من رفض السلطات القطرية تجديد فيزتها للمرة الخامسة، ما قد يحطم حلمها بلقاء زوجها.
وأكبر مخاوف سها تتمثل بأن تضطر وزوجها للانفصال، بسبب المعبر، لعدم تمكنها من السفر.
ويعد معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسفر سكان قطاع غزة، للعالم الخارجي، بعيدا عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الذي تغلقه السلطات المصرية، بشكل شبه كلي، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2014، وتقوم بفتح بوابته، لأيام محدودة على فترات متفاوتة لسفر الحالات الإنسانية من المرضى والطلاب وأصحاب الإقامات، ما أدى لتكدس أعداد المسافرين الذين ينتظرون بالآلاف.