لاحظ علماء النفس وجود اختلافات بين الجنسين منذ مرحلة الطفولة
نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن
اعتبار الرجال أنفسهم أذكى من النساء. فخلال مختلف المراحل التعليمية، يحصل الطلاب
ذكورا وإناثا على معدلات ذكاء متقاربة، ومع ذلك يظهر الرجل نفسه على أنه الأذكى.
ويفسر علماء النفس ذلك بأن الفتيات تنقصهن الثقة بالنفس.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في
حال كان لدى إحدى الشركات منصب قيادي جديد شاغر، ثم أعلنت أن جميع موظفي الشركة
يستطيعون تقديم طلب لهذا المنصب، فإن قسم الموارد البشرية في النهاية سيولي طلبات
الرجال عناية أكثر من طلبات النساء؛ لأنهم ببساطة لا يمكنهم الوثوق في امرأة في
هذا المنصب، رغم امتلاكها لكل المؤهلات اللازمة.
وأفادت الصحيفة بأن جامعة ولاية أريزونا نشرت دراسة مؤخرا، تؤكد فيها
أن الطالبات تنقصهن الثقة بالنفس التي يتحلى بها زملاؤهن من الذكور. وأظهرت
الدراسة أن الطالبات يعتقدن أن معدل الذكاء عند الرجال أعلى من معدل الذكاء عند
النساء، على الرغم من أنه لا يوجد فرق جوهري بين الطالبات والطلاب الذين شاركوا في
هذه الدراسة.
وذكرت الصحيفة أن هذه الدراسة أجريت من قبل كاتلين كوبر ومجموعة من
زميلاتها الباحثات، اللاتي قمن باستطلاع رأي شمل 202 طالبا وطالبة مستجدين في قسم
الأحياء، لمعرفة مدى ذكائهم مقارنة بزملائهم. وفي الوقت الذي أجري فيه استطلاع
الرأي، لم يكن هؤلاء المستجدون خضعوا بعد لأي امتحان في الجامعة، وبهذا لم يكن
لديهم أي دليل ملموس على مستوى ذكائهم الشخصي في الدراسة الجامعية، ولا حتى مستوى
زملائهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الباحثات نشرن دراستهن في مجلة "التقدم
في التعليم الفسيولوجي" الأمريكية، وأكدن فيها أن النساء يعتبرن ذكاءهن أقل
من ذكاء الرجال. وينطبق ذلك أيضا عند المقارنة بين الرجال والنساء، الذين حصلوا
على المعدلات ذاتها خلال مراحل التعليم المختلفة، خاصة في المرحلة الثانوية
والجامعية.
وأوردت الصحيفة أنه عندما خضع الرجال والنساء الذين حصلوا على معدل
تراكمي 3.3 لاستطلاع الرأي، أكد الرجال أنهم كانوا أذكى من 66 بالمئة من زملائهم
في الدراسة، بينما أكدت النساء أنهن كن أذكى من 54 بالمئة فقط من زملائهن في
الدراسة. كما حاولت الباحثات معرفة كيف ينظر الطلاب إلى أنفسهم مقارنة بزملائهم،
وبالأخص أولئك الذين كانوا مقربين من بعضهم أثناء فترة الدراسة. ومن هذا المنطلق،
أكدت الباحثات أن عدد الرجال الذين اعتبروا أنفسهم أذكى من زملائهم يفوق عدد
النساء بمعدل 3.2 مرة.
وحيال هذا الشأن، قالت كوبر إنها "كثيرا ما كانت تسمع الطالبات
يتحدثن عن خوفهن من أن يظهرن أغبياء". ولكنها لم تكن تسمع هذا الكلام من
الشباب، لذلك قررت دراسة هذه الظاهرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتائج الدراسة التي نشرتها جامعة ولاية أريزونا
لا تعدّ مفاجئة، فقد أظهرت دراسات سابقة أن الطلاب الذكور لديهم ثقة أكثر من
الطالبات في بعض المواد الدراسية، على غرار الرياضيات والفيزياء والكيمياء، علما أن كليهما يحصل على معدلات متقاربة بنسبة كبيرة. وفي الواقع، لم تعرج الدراسة
إلى الأسباب الحقيقية وراء نقص الثقة عند النساء.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة كوبر: "نحن نتحدث هنا عن مشكلة ليس من
السهل حلها، فهذه الظاهرة تنتشر بين الطالبات في سن مبكرة". ومن جانبها، عرضت
المدربة المختصة، شتيفاني إيكرود، للباحثات بعض النماذج المنتشرة لتلك الظاهرة،
وأوضحت فيها أن أغلب الرجال والنساء يقومون بتوجيه سلوكهم دون وعي ليصبح غير مشابه
لسلوك الجنس الآخر.
وفي شأن ذي صلة، بينت إيكرود أن "النساء لا يحبذن وجود تشابه
بين سلوكهن وسلوك الرجال، ويعتبرن حدوث ذلك أمرا سلبيا يجب تجنبه. والرجال بالمثل،
فهم لا يودون أن يطغى على سلوكهم أي طابع أنثوي".
وأبرزت الصحيفة أن طبيعة الرجل تدفعه لأن يكون أكثر حزما وقدرة على
تقبل المنافسة. في المقابل، تميل طبيعة المرأة إلى العمل داخل فريق ومحاولة
الانسجام. وأفادت إيكرود بأنه "لذلك السبب، تتجنب النساء دون
وعي إظهار قوتها، لأن ذلك يعدّ ضد رغبتها في الانسجام". وبالطبع، من الممكن
أن يفسر ذلك سبب عدم إدراك النساء لمواطن قوتهن.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن علماء النفس
لاحظوا وجود اختلافات بين الجنسين منذ مرحلة الطفولة. فبينما يرى الأطفال الذكور
منذ نعومة أظفارهم أن الحياة عبارة عن منافسة مستمرة، تفضل الفتيات الصغيرات أن يكن أكثر تحفظا في سلوكهن ويسعين دائما لخلق حالة من الانسجام مع الأشخاص من
حولهن. وحتى الآن، ما زال الجدل حول أسباب هذه الاختلافات قائما بين العلماء. فهل
للجينات الوراثية أو الوضع الاجتماعي أي دور في ذلك؟