صحافة إسرائيلية

تاريخ من تبادل الاتهامات بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية

الكشف عن مسؤولية إسرائيل عن تفجير المفاعل النووي السوري أجج الخلافات بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية

سلط الكاتب الإسرائيلي، ساعر هاس، في صحيفة يديعوت أحرونوت، الضوء على أهم الحروب بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية طوال العقود الماضية، منذ حرب يوم الغفران مع مصر وسوريا عام 1973، وحتى تفجير المفاعل النووي السوري عام 2007، والإعلان عنه مؤخرا.


وقال في مقال تحليلي مطول ترجمته "عربي21" إن جهاز الموساد للعمليات الخارجية الخاصة يعتبر جهاز الأمن الأول لإسرائيل، في حين أن الثاني جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" يعتبر المسؤول عن جمع المعلومات، وتحليلها من الناحية العسكرية.


وفي حين أن الجهاز الأول يقوم على جمع المعلومات الأمنية من مصادر بشرية، فإن الثاني لديه وحدة خاصة لتجنيد هذه المصادر البشرية، ولذلك لم يكن غريبا أن تنشأ بين الجهازين العديد من المواجهات السرية خلف الكواليس، كان آخرها قبل أيام، حين تم الكشف عن مسؤولية إسرائيل عن تفجير المفاعل النووي السوري قبل أكثر من عشر سنوات، حين تبادل تامير باردو رئيس الموساد السابق مع عاموس يادلين رئيس أمان السابق الاتهامات بشأن التأخر في كشف هذا المفاعل إلا بعد سنوات من بنائه، وخرجت اتهاماتهما للعلن، بما لا يليق بهما.


وأوضح أن العديد من الحروب الناشبة بين قادة الجهازين تقف خلفها الرغبة بالحصول على الإشادات والأوسمة، وتجلى ذلك في أخطر العمليات العسكرية التي نفذتها إسرائيل في العقود الأخيرة، وهي تدمير المفاعل النووي السوري، لكن هذه المواجهة ليست الأولى، فقد سبقتها عراكات كثيرة سابقة.


وأورد الكاتب في مقاله أهم الخلافات التي شهدها التاريخ المشترك للموساد وأمان، وقد بدأ ذلك في وقت مبكر من نشأة الدولة، خاصة ما حصل من تدهور علاقاتهما بين عامي 1952-1963، حين ترأس الموساد إيسار هارئيل، وتسببت صفقة أسلحة من تشيكوسلوفاكيا إلى مصر عام 1955 بإثارة جدل بين الجهازين، وبموجب هذه الصفقة تتلقى القاهرة مئات الطائرات، والدبابات، وحاملات الجند.


وفي حين أن الموساد لم يستلم معلومات أمنية عن الصفقة، فإن رئيس أمان آنذاك يهوشفاط هاركابي اتهمه بعدم بذل المزيد من الجهد لتتبع أخبار الجيوش العربية.


في فترة لاحقة، ترأس جهاز أمان حاييم هارتسوغ الذي رأس إسرائيل بعد عقود، وتمت إقالته عام 1961 بعد فضيحة اجتياز مدرعات مصرية لقناة السويس، ولم يعلم الجيش الإسرائيلي بذلك إلا بعد أربعة أيام على الحادث، لكن أمان وجه اتهاما للموساد بالمسؤولية عن متابعة التحركات العسكرية للجيوش الدول المجاورة.


بعد سنوات، نشبت مواجهة جديدة بين الجهازين، تمثلت بتقديرهما المتباين حول علماء الصواريخ الألمان المقيمين في مصر، ففي حين اعتبر الموساد أن ذلك يشكل تهديدا وجوديا على إسرائيل، فإن أمان برئاسة مائير عاميت لم يتقبل هذا التقدير.


وأشار إلى أن رئيس الحكومة آنذاك، دافيد بن غوريون، وقف ضد الموساد بهذه القضية، وأثبتت الوقائع التاريخية أن تقديره كان خاطئا، لأن مصر لم تكن تملك آنذاك سلاحا للدمار الشامل أو صواريخ باليستية.


لكن الفشل الذي واكب جهاز أمان في عدم تقديره نوايا مصر وسوريا شن حرب على إسرائيل خلال أكتوبر 1973 يعتبر الإخفاق الأخطر في تاريخ المخابرات الإسرائيلية، وهناك أسباب كثيرة تقف خلف هذا الإخفاق، لعل أهمها عدم التعامل بجدية مع الإنذارات التي كانت تصل من جهاز الموساد.


كما ثارت إشكالية بين الجهازين حول شخصية أشرف مروان، المسؤول المصري الكبير، الذي كان مصدر المعلومات لجهاز الموساد عن قرب اندلاع حرب مصرية ضد إسرائيل.


وأضاف الكاتب: حين بدأت مداولات التوصل لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، قدر أمان أن فرص التوصل لذلك منخفضة جدا، لكن رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن قرر عام 1977 عدم إشراك أمان في المفاوضات السرية مع المصريين، واكتفى بالموساد للقيام بهذه المهمة.


بعد 17 عاما، تكرر الأمر ذاته مع أمان عام 1994، حين قدر أن إنجاز اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين لن يدفع باتجاه تحقيق السلام مع الأردن، ورأى أمان أن الملك حسين لن يوقع على اتفاق سلام مع إسرائيل، إلى إن قام بذلك كل جيران إسرائيل، وعلى رأسهم سوريا، في حين أن الموساد قدر بأن السلام مع الأردن ممكن ووارد، وقد أثبت التاريخ صدق توقعات الأخير، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 1994 هاجم إسحاق رابين جهاز أمان علانية؛ لأن تقديراته ضللته، وهو سعيد بأنه لم يعتمد عليها.