بين حين وآخر، يخرج صائب عريقات عن النص الفلسطيني الرسمي، إن كان بتوصيفه للوضع حين يتحوّل إلى محلل سياسي، أو بمطالباته للرد على ممارسات الاحتلال، أو الأمريكان.
قبل أكثر من أسبوعين خرج عريقات عن النص، وفاجأ الجميع بتصريحه لإحدى القنوات الإسرائيلية، الذي قال فيه إن الرئيس الفعلي للسلطة الفلسطينية هو وزير الحرب الإسرائيلي “ليبرمان”، وإن رئيس وزرائها هو “يؤاف مردخاي”، أو من يُعرف بمنسق شؤون المناطق في الحكومة الصهيونية.
تصريح لم يتوقف عنده أحد من قادة السلطة أو حركة فتح، فضلا عمن يدافعون عنها وعن سلطتها بالحق والباطل، ربما لأنهم يعرفون الحقيقة، لكن القبلية الحزبية لا تسمح لهم بذلك الاعتراف، وما من شيء يلغي العقل، ويضيّع القضايا الوطنية الكبرى مثل القبلية الحزبية.
قبل أيام، عاد صائب عريقات إلى التغريد خارج السرب، وذلك ردا على الأنباء التي تحدثت عن احتمال أن يشارك ترمب شخصيا في افتتاح مقر السفارة الأمريكية الجديدة في القدس المحتلة.
عريقات قال إن “ترامب أراد عزل القدس، فعزل الولايات المتحدة. ولا سبيل أمامنا سوى تنفيذ توصيات المجلس المركزي بتعليق الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بدولة فلسطين.”
وفيما كان على عريقات أن يؤكد هذا المطلب، بصرف النظر عما إذا كان ترمب سيحضر حفل تدشين السفارة أم لا، لأن ذلك لا يغير في حقيقة الوضع شيئا، فإن التصريح يبقى مهما، لجهة التذكير بما نسيه البعض ممثلا في توصية المجلس المركزي بتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال، إلى جانب وقف ما يسمى التنسيق الأمني.
ذهبت التوصيات أدراج الرياح، فلا التنسيق الأمني توقف، ولا قرار تعليق الاعتراف وُضع موضع التنفيذ، ولا فك الارتباط الاقتصادي!!
في سياق حديثه عن لقائه بترمب قبل أيام، قال نتنياهو إن الملف الفلسطيني لم يأخذ من اللقاء سوى “ربع ساعة” فقط لا غير، وهو أمر طبيعي، فلماذا يضيّع الوقت في شأن كهذا، ما دامت السلطة تكرّس الحل “المؤقت” الذي يمكن أن يتحوّل إلى دائم، حتى لو واصلت قيادتها الحديث عن التمسك بالثوابت؟! أما العودة إلى المفاوضات، فلا أهمية لها من الناحية العملية، وموجات التطبيع ستتلاحق بالتدريج كما يبدو، بصرف النظر عن المفاوضات أو “صفقة القرن”. وقد وصل الحال بنتنياهو أن يقول أمام مؤتمر “الإيباك”، وبوقاحة غريبة: “قريبا جدا، ستكون الدول التي لا تربطنا علاقات معها معزولة، أما أولئك الذين يتحدثون عن مقاطعة إسرائيل، فسنقوم نحن بمقاطعتهم”.
نعود إلى توصيات المجلس المركزي، إذ بدل تطبيقها، يجري الحديث عن اجتماع للمجلس الوطني قبل رمضان (أكثر أعضائه صاروا في ذمة الله)، من دون أن يُقال لنا ما جدوى عقده بعد المركزي أيضا؟
أما الأسوأ من ذلك كله، فهو أن المصالحة الموعودة،، لا زالت بلا أفق، وأهل قطاع غزة لم يروا ثمارها بعد، بينما يتواصل الحديث عن “التمكين” الذي يعرف الجميع أن معناه شطب سلاح المقاومة، ونقل تجربة الضفة إلى قطاع غزة.
الدستور الأردنية