لم تصادق مصر رسميا حتى الآن على صفقة شراء الغاز الفلسطيني من الكيان الصهيوني، وما يزال الاتفاق بين شركتين مصرية وصهيونية. ووفق الأنباء التي تناقلتها الوكالات، تبلغ قيمة الصفقة 15 مليار دولار على مدى 10 سنوات، تقوم الشركة الصهيونية بتزويد الشركة المصرية ب 7 مليار م3 من الغاز الطبيعي سنويا. وقد عبر رئيس وزراء الصهاينة عن سروره البالغ لإبرام هذه الصفقة وقال إن الدخل الذي يتأتى سيحسن من الظروف التعليمية والصحية والرفاه الاجتماعي للمواطن الصهيوني.
وعلى الفلسطينيين أن يبلعوا حسرتهم وحزنهم على ما تفعله البلدان العربية ضد قضيتهم وحقوقهم.
ضغط الأمريكيون منذ عام 2012 بكل قوة على الأردن لشراء الغاز من الصهاينة وذلك بهدف تقوية العلاقات الاقتصادية والتطبيعية بين الكيان الصهيوني والحكومات العربية الخائنة المسماة بالمعتدلة.
الأردن سبقت مصر إلى عقد اتفاقية غاز مع الكيان الصهيوني لشراء الغاز الفلسطيني المغتصب. وقد تم الاتفاق عام 2014 من خلال شركة طاقة أمريكية يستورد الأردن بموجبها بما قيمته 12 مليار دولار على مدى سنوات (الاتفاقية منشورة على الشبكة الإليكترونية). وبموجب الاتفاقية المصرية غير الرسمية حتى الآن، سيستورد العرب ما قيمته 27 مليار دولار من الغاز الفلسطيني المغتصب.
هؤلاء العرب زمجروا على المستوى الرسمي عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وأرعدوا وهددوا وتوعدوا باتخاذ إجراءات.
طبعا كنا نعرف مسبقا أنهم كاذبون ولن يصنعوا شيئا لا في مواجهة الصهاينة ولا في مواجهة أمريكا.
ثم أيهما أخطر: قرار ترامب أم قرار دعم الاقتصاد الصهيوني وتحويل الساحة العربية لتكون سوقا لمنتجات الصهاينة المغتصبة من شعب فلسطين؟ قرار ترامب لم يقدم للصهاينة دبابات وطائرات، وأموالا لتحسين ظروف الجيش الصهيوني وجعله أكثر قدرة على مواجهة العرب، أما قرارات العرب النفطية فتقدم دعما كبيرا للميزانية الصهيونية التي يوظف جزء كبير منها لصالح الجيش وشن الحروب على العرب.
وكلما كان الجيش الصهيوني أقوى، تكون قبضته على القدس والمقدسات أقوى. أي أن العرب المصريين والأردنيين يقدمون دعما مباشرا للكيان الصهيوني ليتمكن في الأرض بالمزيد على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية. ولا يوجد أبلغ من هذه الخيانة خيانة.
الصهاينة لصوص، سرقوا الأرض واغتصبوا الثروات وشردوا الشعب الفلسطيني، وهم يرفضون إعادة أي جزء من الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. ومن يعين الظالم على ظلمه فقد ظلم، ومن يشتري من اللص لص مثله.
حكومات عربية كثيرة هي عون للصهاينة، ودائما قدمت يد العون له وهي على يقين بأن هذا الكيان حريص على هذه الحكومات مثلما هو حريص عليها بخاصة من النواحي الأمنية. كانت هذه الحكومات عونا للصهاينة من النواحي الأمنية ووظفت نفسها دائما لملاحقة المناضلين والمجاهدين العرب والفلسطينيين دفاعا عن الأمن الصهيوني. كما أن الصهاينة حاكوا مؤامرات كثيرة واتبعوا سياسات معينة من أجل الحفاظ على هذه الحكومات وتقويتها.
الغاز الذي يشتريه صهاينة العرب فلسطيني، والحقوق لا تسقط بالتقادم. الغاز فلسطيني قبل مائة عام، وبعد مائة سنة أخرى، وإلى الأبد.
الصهاينة سرقوا كل شيء من الفلسطينيين، وهم سيدفعون ثمن عدوانهم كما سيدفع الذين يساعدونهم ثمن شراكتهم في العدوان، والتاريخ لا يرحم. فإذا قام تاجر بشراء مواد مسروقة من لص، فإن التاجر شريك بالجريمة إلا إذا أثبت جهله المطلق بمصدر البضاعة التي اشتراها. شريك اللص لص، وشريك المعتدي على الحقوق الفلسطينية معتد أثيم.
مطلوب من الحكومات العربية التي تقدم هذا الدعم الاقتصادي للعدو الصهيوني أن تتوقف عن هذا الدعم، ومطلوب من جمعيات مقاومة التطبيع في مصر والأردن الوقوف في وجه هذا التطور الخطير في العلاقات بين مصر والصهاينة.
الدعم الاقتصادي تطبيع، وهو تطبيع ضار جدا من النواحي الاقتصادية والنفسية والسياسية والوطنية والقومية، والمفروض صده والقضاء عليه. ومطلوب من منظمة التحرير الفلسطينية ومن السلطة الفلسطينية التحرك لدى كل من مصر والأردن من أجل إعادة النظر بعلاقاتهما الاقتصادية مع الصهاينة.
والعالم لا يشهد ندرة في الغاز لكي يتوجه العرب نحو الصهاينة. قطر هي المنتج الأول للغاز في العالم وبالإمكان تجاوز الخلافات التي لا معنى لها واستيراد الغاز من قطر، وهناك إيران وروسيا والجزائر.
لكن للأسف العداوات الداخلية العربية تطغى في الغالب على اعتداءات القوى الخارجية، ويسهل على العرب مسامحة العدو الخارجي، ويصعب عليهم التصالح مع أهل الدار.