يعيش ريف
إدلب حالة هدوء حذر، وذلك بعد تثبيت الجيش التركي نقاط مراقبة في كل من تلة العيس في ريف حلب الجنوبي وتل الطوقان في ريف إدلب الشرقي غربي مطار أبو الظهور العسكري.
وأنهى الجيش التركي مؤخرا تثبيت نقطة المراقبة الخامسة في تل الطوقان، بعد أن ثبت نقطة تلة العيس، وثلاث نقاط سابقة في ريف حلب الغربي بمحاذاة مدينة عفرين.
وإلى حين أن ينهي الجيش التركي تثبيت النقاط السبع المتبقية في إدلب بحسب اتفاق "خفض التصعيد" الذي تم التوصل إليه بين الأطراف الثلاثة الضامنة (
تركيا، روسيا، إيران)، تسود حالة من الترقب الأوساط المحلية، وتطفو على السطح تساؤلات متعلقة باحتمال عودة التصعيد العسكري إلى هذه المنطقة، التي كانت مسرحا لمعارك ضاربة على مدار الأشهر القليلة الماضية.
وفي هذا الصدد، رأى الخبير العسكري العميد أحمد رحال أن كل المؤشرات الحالية تؤكد أن جبهات إدلب متجهة نحو التهدئة، بعد التصعيد الكبير الذي قام به النظام والمليشيات المساندة به.
تهدئة من طرف واحد
واعتبر رحال في حديثه لـ"
عربي21" أن التهدئة التي سيتم الاتفاق عليها ما بين الأطراف الضامنة "تهدئة من طرف واحد"، مشيرا إلى أن المعارضة غير موافقة عليها، متسائلا: "لكن ما هي قدرة تركيا المنشغلة بمعارك عفرين على ضبط الفصائل التي هي خارج اتفاق الأستانا؟".
وأضاف أن تطبيق "خفض التصعيد" في إدلب دون تعديل خارطة السيطرة غير ممكن، وعلّق بالقول: "لن تبقى السيطرة كما هي بواقعها الحالي، لأن خرائط أستانا تشير بوضوح إلى سيطرة المعارضة على المناطق الواقعة غرب سكة قطار الحجاز، لكن قوات الأسد تجاوزت السكة في كثير من المناطق".
ورأى العميد أنه من المحتمل أن تقوم الأطراف الضامنة بعمليات إعادة ترتيب الخرائط وفق ما تم الاتفاق عليه، وليس وفق الواقع الحالي.
وتابع بأنه "في حال تم ترتيب الخرائط، فالجبهات متجهة نحو التهدئة، لأن عدم ترتيب الخرائط يعني بقاء الآلاف من النازحين أبناء هذه المناطق في العراء".
هدوء حذر
من جانبه، وصف الباحث والكاتب الصحفي تركي مصطفى الهدوء الحالي الذي تعيشه جبهات إدلب بـ"الحذر"، وقال لـ"
عربي21": "صحيح أن الجبهات تشبه حالة هدوء، لكن القصف سيستمر مع بقاء الثوار في هذه المنطقة".
وأضاف أن الانتهاء من تثبيت نقاط المراقبة بشكل كامل من الجيش التركي سيفتح الباب على ملفات إشكالية أخرى، من أهمها مستقبل "هيئة تحرير الشام"، المحسوبة على جبهة النصرة (فتح الشام)، وكذلك ملف النازحين.
ورجح مصطفى أن يتم بحث ملف النازحين في الجولة القادمة من مباحثات أستانا، لافتا إلى أنه من المحتمل أن تخرج الجولة بصيغة توافقية لإدارة المناطق التي تقدم إليها النظام السوري في أرياف حماة وإدلب وحلب مؤخرا.
ورأى تركي أنه من دون عودة النازحين الذي يعد مؤشرا على استقرار المنطقة لا حديث عن هدوء تام، وإنما من الأجدى الحديث عن هدوء يسبق عاصفة ما.
التنظيم يخلط الأوراق
وفي الأثناء، تتوجه أصابع الاتهام إلى النظام السوري بتسهيله حركة انتقال قوات التنظيم إلى مناطق متداخلة مع سيطرة المعارضة، ليعطي تواجد التنظيم ذريعة للنظام للتقدم من جديد في إدلب، ضاربا اتفاق "خفض التصعيد" عرض الحائط.
وفي تعليقه على ذلك، اعتبر الباحث السوري محمد السعيد أن تواجد التنظيم في هذه الجبهة "أمر مدبر لخلط الأوراق"، وفق قوله.
وخلال حديثه لـ"
عربي21"، أعرب السعيد عن خشيته من أن يتكرر السيناريو السابق الذي بدأ مع تسلل التنظيم إلى منطقة الرهجان من ريف مدينة السلمية في حماة.
لكن السعيد في الوقت ذاته، أشار إلى اختلاف الظروف الحالية عن السابقة، لافتا إلى أن من شأن تواجد نقاط المراقبة التركية أن يسحب الذريعة من تحت نظام الأسد، الذي يستثمر بقاء التنظيم في هذه المنطقة، على حد قوله.