أجرى معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب مناظرة سياسية مع اقتراب الذكرى السنوية السبعين لقيام إسرائيل، ومرور خمسين عاما على احتلال الضفة الغربية، حيث يدور نقاش محتدم بين الإسرائيليين حول مستقبل السيطرة على هذه الأراضي.
وفي حين يطالب اليسار بإزالة السيطرة الإسرائيلية على الأراضي والسكان معا، والعمل لإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل، يسعى اليمين لفرض السيادة الإسرائيلية على كامل أرض إسرائيل، من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، وتوسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
وقد شارك في المناظرة الجنرال احتياط غلعاد شير، وأعضاء الكنيست؛ موتي يوغاف من البيت اليهودي، وستيو شافير من المعسكر الصهيوني، ويوآف كيش من حزب الليكود، وتمار زيندبيرغ من ميرتس.
قال شير إن حل الدولتين يعدّ الأكثر ضمانا لأمن إسرائيل واستقرارها المستقبلي، ويضع حدا لحالة الاحتكاك الدائمة بين اليهود والفلسطينيين.
وأضاف: بالنسبة لقطاع غزة، نرى ضرورة التوصل لاتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار مقابل إعادة إعماره، وتحسين الوضع الإنساني، وزيادة صلاحيات السلطة الفلسطينية فيه، وإلى أن يتم التوقيع على اتفاق سلام دائم، فإننا لا نوصي بإخراج الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية.
يوغاف قال إن حل الدولتين ليس واقعيا؛ لأنه لن يقوم. وإن قام، فلن يكتب له البقاء، ويجب أن تبقى الضفة الغربية تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي؛ لأن كل أرض انسحبنا منها، وسلمناها للفلسطينيين تحولت قاعدة للعمليات المسلحة، ولذلك فإن إسرائيل لن تمنح أعداءها أي أراض في المستقبل.
وختم بالقول: يجب أن تبقى حدود إسرائيل الشرقية مع الأردن، الذي يوفر لنا أمنا كاملا، ويحول دون تحول الضفة الغربية إلى قاعدة للهجمات الدامية، كما هو الحال في قطاع غزة.
زيندبيرغ قالت إن إسرائيل تعيش مرحلة غريبة، فالمنطقة من حولنا تشهد تغيرات بعيدة المدى، فيما تصر إسرائيل على الجمود السياسي مع الفلسطينيين، وهي الوصفة الأسرع للقضاء عليها.
وأضافت: الاحتلال مفسد للدولة، ويعمل على تمزيق الحلبة السياسية، ويهز صورة مؤسساتها بنظر الجمهور، بدءا بالجيش وانتهاء بالقضاء، ويلقي بظلاله السلبية على المنظومة الديمقراطية، فضلا عن التجاهل الذي يبديه اليمين الإسرائيلي من وجود مليون عربي تحت السيطرة الإسرائيلية دون حقوق.
وأشارت إلى أن انتهاء الصراع مع الفلسطينيين سيعمل على تحسين صورة إسرائيل ووضعيتها الجديدة في التحالف الناشئ في الشرق الأوسط، ما يتطلب وضع نهاية للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، ووقف استنساخ نموذج الأبارتهايد بصورة فورية، دون اشتراطها بتقدم المفاوضات مع الفلسطينيين.
وطالبت بمنح المزيد من التسهيلات الأمنية للفلسطينيين، بما فيها تخفيف القيود المفروضة عليهم في الحركة والتنقل، ورفع الحصار عن غزة، وقد حان أوان القيام بكل هذه الخطوات.
وختمت بالقول: يجب على إسرائيل القبول فورا بالمبادرة العربية للسلام، والدخول في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين، والقيام بإجراءات فورية على الأرض، تشمل إخلاء المستوطنين من الضفة الغربية، ومنحهم التعويض اللازم.
كيش زعم أن جذور الصراع مع الفلسطينيين لا تعود لعام 1948 أو 1967، بل لعقود سابقة لقيام الدولة، حين رفضوا وجود الحركة الصهيونية من الأساس.
واعتبر أن حل الدولتين للشعبين خطر وجودي على إسرائيل؛ لأنه يعني إقامة دكتاتورية فلسطينية على حدودنا، حتى الدولة ثنائية القومية ليست واقعية، وإسرائيل لن تحافظ على هويتها كدولة يهودية ديمقراطية بهذا المفهوم.
وفي ظل عدم القبول بهذين الحلين، طالب كيش بالذهاب لحل جديد قديم طرحه رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن، يقوم على السيطرة على الحد الأقصى من المساحة الجغرافية من الأراضي تحت السيادة الإسرائيلية، مع حد أدنى من السكان الفلسطينيين، مع بقائهم فيما يشبه الحكم الذاتي، ولذلك فإن إسرائيل تجد نفسها في مفترق طرق دراماتيكي، مع غطاء أمريكي غير مسبوق، وتعنت فلسطيني واضح.
شافير قالت إنه من الصعب اليوم الحديث عن حلول لليمين أو اليسار، في ظل الجهود التي يبذلها المستوطنون من إجراءات لضم الأراضي الفلسطينية، ولذلك آن الأوان على إسرائيل أن تحسم هذا الوضع القائم، من خلال امتلاك قوة عسكرية كبيرة توفر الحماية لها، وتردع أعداءها.
وأضافت: يجب على إسرائيل أن تصل لمرحلة تقيم فيها حدودها النهائية، للفصل بينها وبين خمسة ملايين فلسطيني يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة، فليس هناك من رابط بين توسيع المستوطنات والحفاظ على أمنها، على العكس من ذلك؛ لأن غالبية القوات العسكرية الإسرائيلية مشغولة بتوفير الأمن لهذه المستوطنات، بدلا من حماية الحدود، وتوفير الردود على حماس وحزب الله.