نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا حصريا للصحافي روبرت فيسك من منطقة يحاصر فيها النظام السوري "جيبا" لتنظيم الدولة.
ويقول فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه كان أول المراسلين الغربيين الذي يصل إلى هذه المنطقة التي تم تحريرها من تنظيم الدولة, و"من الواضح أن التنظيم يرد بالمدافع الرشاشة، فلم يهزم التنظيم بعد، ولا يزال لديه طعام.. بعضها من بريطانيا".
ويصف الكاتب الوضع قائلا: "لقد كانت درجة الحرارة تحت الصفر على التلال الترابية فوق توتة، لكن من خلال الضباب والأمطار الباردة أستطيع رؤية الجنرالات السوريين يستهدفون قرية لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة عبر واد من الطين، فترى أولا القذائف تنطلق من مدافع الشيلكا، ثم تنتظر قليلا لتراها تسقط وراء مجموعة من الأشجار على سفح التلة، ثم يتصاعد الدخان، وتنتظر قليلا لتصلك أصوات الانفجارات".
ويشير فيسك إلى أن "الضابط الكبير يطلق عليه لقب (قيصر)، حيث منعت دمشق الضباط من التصريح بأسمائهم؛ بحجة أن عددا منهم تم اغتيالهم بعد ظهورهم على وسائل الإعلام بأسمائهم".
ويقول الكاتب: "أنا شخصيا أتساءل إن لم يكن هذا الإجراء يهدف إلى عدم اغترار الجنرالات بأنفسهم".
ويلفت فيسك إلى أن "قيصر يتوقع أن هناك على الأقل بريطانيين بين مقاتلي التنظيم في عقيربات، حيث يسمعهم جنوده يتحدثان معا على جهاز اللاسلكي، كما أنه متأكد بأن هناك شيشانيين إسلاميين، ويقول إنه لا يتكلم الشيشانية، لكن (أصدقاءنا الروس يقولون إنهم يستطيعون سماعهم يتحدثون معا على جهاز اللاسلكي)".
ويقول الكاتب: "عندما سألته عما وجد عندما سيطر على الجيب الواقع إلى الجنوب الشرقي من حماة، فإنه قال مباشرة" (6 سيارات مفخخة وسيارة مصفحة كبيرة لحمل المقاتلين والكثير من المواد الغذائية)".
وينوه فيسك إلى أنه "لدى سؤاله ما هو مصدر تلك المواد الغذائية؟ أجاب: (إيطاليا – لكن جنودي أكلوا معظمه)، طلبت أن أرى إن بقي شيء".
ويعلق الكاتب قائلا: "ليس غريبا أن يأكل جيش طعام جيش آخر، لكني استغربت عندما أتاني جندي سوري يحمل علبتين من البندوة من التي استولوا عليها من تنظيم الدولة، صحيح أن البندورة إيطالية، لكنها معلبة في بريطانيا من شركة (إيست أند فودس) في منطقة وست بروميتش (غرب وسط إنجلترا)، وتحمل العلب اسم الشركة المعبئة وعنوانها وأرقام الهاتف وموقع الإنترنت الخاص بها".
ويبين فيسك أن "القيصر يعتقد أنه تم تهريب تلك المواد الغذائية من تركيا، لكن ما يستدعي الفضول هو معرفة كيف وصلت تلك المعلبات من وسط غرب إنجلترا إلى هذا المكان في وسط سوريا، وسأل قيصر عن شركة (إيست أند فودس)، ويجب علي القول هنا إن جنوده استمتعوا بالطعام".
ويقول الكاتب: "رسميا، تنظيم الدولة محاصر هنا، ولذلك يسمون المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم (جيبا)، ومع ذلك فإن الجنرال، الذي يضطر لرفع صوته ليسمع بسبب صوت المدافع، يقول إنه لا يستطيع السيطرة على النواحي كلها في جيب عرضه 14 ميلا، وطوله 30 ميلا".
ويضيف فيسك: "حتى تنظيم الدولة إن أراد أن يخرج من سوريا فإنه يمكن توفير ذلك لهم، ليس إلى بلدانهم، بل إلى المنظمات الإرهابية التي أرستهم".
ويستدرك الكاتب بأن "المفاجأة جاءت عندما قال قيصر إن 20% ممن الوحدات التي تقاتل معه كانوا أعضاء سابقين في (الجيش السوري الحر)، وهو إحدى أول المجموعات المعارضة التي استثمر فيها الغرب مالا وسلاحا، وكانت قوة مستهلكة منذ سنوات عديدة، مع أن ديفيد كاميرون قال في خطاب في البرلمان، إن هناك 70 ألف عنصر في الجيش الحر، لكن وبحسب ثلاثة مصادر من سوريا، فإن كلام الجنرال صحيح".
ويكشف فيسك عن أن "رواتب الرجال القادمين من الجيش السوري الحر هي أجور الجيش السوري ذاتها، وهناك ضباط بينهم في قوات (قيصر)، بحسب ما قال لي، وكان بعضهم في الواقع يعملون داخل الجيش السوري قبل انشقاقهم عنه والانضمام للمعارضة عامي 2011 و 2012، وإن (استشهدوا) في المعركة سيدفع تعويض لوالديهم".
وتنقل الصحيفة عن قيصر، قوله: "نحن نفتح الباب لأن شخصا من تنظيم الدولة يريد أن يأتي لجانبنا.. لقد جاءت مجموعة عائلات من ريف حماة، ومع أن ذلك يساعد تنظيم الدولة، إلا أننا نسمح بالمواد الغذائية للمرور، حيث هناك عائلات تعيش، إنهم ليسوا منا، لكن من عائلات الإرهابيين، وقد استولينا على هواتف خلوية من السجناء، وأعطونا أرقام العديد من كبار قيادات تنظيم الدولة".
ويقول الكاتب: "تستطيع أن ترى في الريف المحيط، الذي استولى عليه الجيش حديثا، السواتر الترابية الضخمة التي أقامها تنظيم الدولة، التي تشبه خنادق الحرب العالمية الأولى، وهناك أميال من الخنادق، بعضها ممتلئ بخراطيش المقذوفات، وبالإضافة إلى السيارات المفخخة الست التي وجدها قيصر، وهو القائد الميداني للمنطقة، فإنه وجد سيارة أخرى مصفحة بالحديد هي الأضخم أيضا".
ويضيف فيسك: "تقف هذه السيارة الآن في ساحة المقر الذي يعمل فيه قيصر، جسم السيارة وخزانات الوقود مصفحة بالحديد، والنوافذ محمية بشبك صنع من قضبان الحديد، ويمكنها أن تحمل 20 رجلا، ربما يكون جميعهم مهاجمين انتحاريين للقيام بهجوم كبير، وتبدو أجنحة هذه الشاحنة الضخمة مصفحة بأنابيب النفط المقصوصة نصفين طوليا، والملحومة على الجوانب، ووجد السوريون أن التنظيم قام بتعديل معظم هذه السيارات في منطقة صناعية أنشأها التنظيم قبل عدة سنوات".
ويتساءل الكاتب قائلا: "ماذا عن قتلى تنظيم الدولة؟ هل يدفنون أم يتركون للكلاب؟ كما فعل بهم في شمال سوريا؟ وتنظيم الدولة يفعل الشيء ذاته مع القتلى السوريين، ويقول قيصر: (إنهم يفضلون تفجير أنفسهم على تسليم أنفسهم لنا، كلهم يحملون المتفجرات)، وبابتسامة عريضة أخرج صورة لجثث مقاتلين من تنظيم الدولة على جهاز لوحي من نوع (سامسونغ غالاكسي)، وهي جثث ممزقة إلى نصفين، وقذ ذهب جزء من رؤوسهم، ويبدو أن احدهم سوداني، تنظيم الدولة يفعل الشيء ذاته طبعا".
ويختم فيسك مقاله قائلا إن "ضابطا شابا أراني صورة له يقف وقدمه على صدر جثمان مقاتل آخر، وقلت له لم أشهد حربا قبل هذه، حيث قام فريق بأخذ هذا الكم من الصور لقتلى العدو، وربما يكون هذا من آثار عصر (فيسبوك)".
ميدل إيست آي: كيف نمت قوة "داعش" بفضل مبيعات النفط؟
صحيفة تستعرض "جولة" داخل سجون تنظيم الدولة بسوريا
دراسة: عام 2017 الأسوأ على المدنيين في العراق وسوريا